((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه))
|
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. |
الأستاذات الفضليات، الأساتذة الأكارم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: |
هناك لحظات تختلط فيها المشاعر والأحاسيس، وتقف الكلمات عائقاً أمام التعبير المناسب، ومن هذه المواقف رؤية حلم يتبلور حقيقة ماثلة للعيان.. وما أمسيتنا هذه إلا تجسيد واقعي لما أشرت إليه.. وقبل أن أدلف إلى ما نحن بصدده، لنترحم جميعاً على فقيد الثقافة والشعر والأدب، الأخ اللواء السيد علي زين العابدين ((رحمه الله)) الذي كان من فرسان هذا المنتدى وقد شرفت الاثنينية بتكريمه بتاريخ 10/11/1415هـ الموافق 17/4/1995م، وأمتعنا بجميل فضله وكريم تواصله، تغمده الله بواسع رحماته، وأسكنه فسيح جنانه مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وألهم آله وذويه الصبر وحسن العزاء. |
يعلم جمعكم الكريم تدرج ((الاثنينية)) عبر تاريخها الذي كلله إصدار ما يقرب من مائة وخمسين مجلداً في سلسلة ((أمسيات الاثنينية)) وسلسلة ((كتاب الاثنينية)) وما نشر مع آخرين أو أسهمت الاثنينية فيها بالإضافة إلى موقعها على شبكة الإنترنت، ثم لخصه إصدارها الأخير بمناسبة مرور خمسة وعشرين عاماً على انطلاقتها من لقاءاتها الأولى عام 1403هـ 1982م، وصولاً إلى ما هي عليه الآن.. أن من ثوابت أهدافها باستمرار تلبية نداء ثقافي عميق بتكريم السيدات ضمن برامجها التكريمية والتوثيقية.. وليس الأمر من منطلق عاطفي بقدر ما هو حق مكتسب لما قدمن، مما يستوجب اقتعادهن مقعد التكريم كفاء إنجازاتهن، وإبداعاتهن، وخدماتهن للوطن والمواطنين. |
سعداء جميعاً أن نقف اليوم في هذه الأمسية المفصلية لنكرم السيدة الفاضلة الأستاذة الدكتورة فاطمة بنت عمر بن محمد نصيف، الأستاذ المشارك في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز ـ جدة.. نحيي جهودها، ومثابرتها، وصبرها، وتحملها بجلد كبير مشاق البدايات التي تشكل عقبات لا يستهان بها أمام أي عمل كان. |
إن الحديث عن ضيفة أمسيتنا الفاضلة لا ينفك عن تداعيات تاريخ (بيت نصيف) الذي يعلمه كثيرون منكم.. تاريخ مهيب سطره رجال ونساء عرفوا قيمة الوقت، وامتازوا ببعد النظر، ووظفوا علمهم وفضلهم ومالهم لما يعود بالخير على وطنهم، مستقرئين المستقبل الذي سبروا غوره ليشمل عطاؤهم أجيالاً لم تر النور في ذلك الزمان، لكنها تنعم الآن بكثير من غرس السنين الخوالي.. ذاكراً بالفضل بيوتات جدة وعوائلها العريقة والمعروفة، التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من عبق تاريخ هذا الكيان الذي نعتز به.. فلهم التحية والتجلة رجالاً ونساء أسهموا بالكثير في نهضة وبناء هذا الوطن المعطاء. |
ذكريات تثير الوجدان.. وحنين يجعل الدمع العصي قريباً من الهملان.. في تلك البيئة الصالحة النقية الطاهرة المعطرة بنور القرآن نشأت وترعرعت ضيفة أمسيتنا الفاضلة، نهلت من علوم والديها ومكارم أخلاقهما (رحمهما الله) وتفتحت مداركها في بيت علم وفضل جعل العلم من أهم واجباته وأولوياته.. ففي الوقت الذي كان تعليم البنات يكاد يكون من المحظورات، وبالتالي لم ينتشر إلا في عهد جلالة الملك سعود ((رحمه الله)) حيث قامت والدة معالي الأخ الدكتور ((عبدالله عمر نصيف)) وشقيقها، بمخاطبة جلالة الملك سعود ـ عن طريق والدها ـ للإذن بافتتاح مدرسة للبنات، وأحيل الطلب إلى مفتي المملكة آنذاك سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ((رحمه الله)) وبعد فترة ليست بالقصيرة، حصلت تلك الرائدة الجليلة على الإذن بافتتاح أول مدرسة للبنات في مدينة جدة، وكان مقرها في ((بيت نصيف)) الشهير في ((سوق العلوي)) وبلغت أول دفعة من طالباتها أربعمائة، مما يشير إلى رغبة المجتمع الجامحة في تعليم بناته. |
إن المسار العلمي والعملي الذي رسمته ضيفتنا الجليلة يمثل امتداداً مشكوراً لما أفضلت به والدتها الكريمة ((رحمها الله)).. فنحن أمام مشهد فريد لاثنينية امتدت من عهد مؤسسها الكبير الشيخ محمد سعيد عبد المقصود خوجه ((رحمه الله))، لتحتفي الليلة بمربية فاضلة رعتها وسقت عطاءها مؤسسة تعليم البنات في جدة، فهذا تواصل الأجيال الذي نشرف به، ونعتد بترسيته، وسوف نسعى جاهدين لترسيخه بكل ما أوتينا من قوة وعزيمة إن شاء الله. |
إن سطور التاريخ لا تكتب إلا بجهود المبدعين في كل جانب من شؤون الحياة.. متشرفين أن نحتفي الليلة بقامة مضيئة في دنيا المعرفة والعلم والتعليم.. ذلك أن إشعال حوالى عشرين شمعة متصلة في سلك التعليم الجامعي تمثل في حد ذاتها عطاء تفخر به ضيفتنا الكريمة.. رغم الشجون التي تحيط بتعليمنا الجامعي، وما يعتوره من منغصات، وهدر للوقت، وغياب لمناهج البحث العلمي. |
وبطبيعة الحال فإن مشاركة ضيفتنا الكريمة المشكورة في ساحة العمل الخيري وأعمال البر ترصع أجمل اللآلئ على تاج الجمعيات ومنظمات العمل الطوعي التي حظيت بكريم عنايتها.. وهي جهود مباركة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكللها بالتوفيق والسداد، فما زال مجتمعنا في حاجة كبيرة إلى تضافر الجهود للنهوض بهذا الجانب المهم، والإسهام في علاج كثير من المشاكل الاجتماعية التي تبدأ من تفكك بعض الأسر، ومشاكل الطلاق، ورعاية أسر المسجونين، واحتضان الأيتام، ومواساة ومراعاة متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة، وغيرها من أبواب البر المشرعة، والتي في أمس الحاجة إلى من يمنحها الوقت والعناية التي تستحقها لنرقى إلى ما أبدعته الدول المتطورة بخصوص أنظمة مؤسسات المجتمع المدني، والتي تشكل حافزاً قوياً ودعماً مسانداً وموازياً لما تقدمه الدولة.. بالإضافة إلى مهامها كربة أسرة حضنت بكل الحب أبناءها وبناتها وأحفادها وغرست فيهم قيم التسامح والأدب وسمو الأخلاق الحميدة. |
ونذكر بالفضل والإشادة مساهماتها الإبداعية في تأصيل ونشر مؤلفات عالجت من خلالها الكثير من المسائل المهمة، وقد أحسنت صنعاً بإضاءة تلك القناديل الوهاجة لفتح صفحات من العلم والمعرفة وتيسيرهما للقراء، خصوصاً جيل الشابات، اللاتي قد لا يجدن مثل هذه المعالجات القيمة في كثير من المراجع التي يسهل الوصول إليها، فعلى سبيل المثال نجد أستاذتنا الجليلة اعتمدت ثلاثين مرجعاً منها بعض أمهات الكتب لإصدار مؤلفها القيم (أخلاقنا في الميزان)، فهي بهذا الجهد الكبير اختصرت الكثير من الوقت والجهد لجيل الشباب من الجنسين لتضع نصب أعينهم في خلاصة هذا الكتاب الصغير في حجمه، الكبير في قيمته وعطائه، (الخطوات العملية لاكتساب مكارم الأخلاق).. وأسدت للمجتمع يداً بيضاء أرجو أن تجد طريقها إلى عقول وأفئدة أبنائنا وبناتنا لاتخاذها نبراساً ومنهجاً وسلوكاً في حياتهم اليومية. |
أطيب تمنياتي لكم بأمسية تأتلق بهاء في حضرة الأستاذة الدكتورة المربية الفاضلة فاطمة عمر نصيف، وسيرعى هذه الأمسية المفكر الإسلامي وزير الإعلام السابق معالي أخي الدكتور محمد عبده يماني، وله أفضال في مجال فتح الباب للمرأة إبان إدارته جامعة الملك عبد العزيز، وحبذا لو حدثتنا ضيفة هذه الأمسية عنها.. آملاً أن تشهد اثنينيتكم تواصل هذه المسيرة الخيرة في تكريم المبدعات من سيدات هذا الوطن المعطاء، وغيرهن ممن قدمن جهوداً مخلصة في مجالات الأدب والشعر والثقافة والطب والهندسة والعلوم التطبيقية، أسوة بأشقائهن الرجال إن شاء الله. |
وهنا لي وقفة مع السيدات الفضليات الكريمات، هذه صفحتكن بدأتها الاثنينية هذه الأمسية، وعليكن التكاتف والاجتماعات لتقدمن لنا مشكورات من تستحق التكريم، والمعايير والآليات، وكيفية معالجتها معكن ومع أي جهات أخرى، ولا أعني بهذه الكلمات القليلة قلب الصفحة لكني أطالبكن بفتح صفحة مشرقة فإما أن نستمر بجهودكن ونسمع منكن مرئياتكن وما يعن لكن إن كنتن صاحبات قضية فأنتن في المقدمة لها ونحن من ورائكن، وإلا فلا تعتبن علينا.. إذ مع الأسف الشديد لاحظت ماضياً وفي كثير من المواقف التي لا أحتاج إلى سردها بدء فتح أي قضية ومن ثم عدم متابعتها وتركها لنا لنكون نحن المدافعين والمنافحين والمكافحين، فصاحب القضية هو من يجب أن يقوم بذلك ولكن علينا الوقوف معكن في الصف متى ما كانت القضية في خدمة الدين والوطن والمواطن نكون نحن المدافعين عن قضايا المرأة.. فالقيادة لكنَّ ويد الله مع الجماعة، فنحن سند يجب أن يقوم بدوره، وعلى بركة الله فنحن معكن وللجميع لنحقق بذلك بإذن الله الثمرات الصالحات ليستفيد منها المجتمع كافة. |
وعلى أمل أن نلتقي الأسبوع القادم بمشيئة الله بالأديبة والكاتبة المبدعة الأستاذة سهيلة زين العابدين حماد، التي تتمتع بعضوية كثير من الاتحادات والمجالس العالمية منها عضوية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو الاتحاد النسائي العالمي، وعضو المجلس التنفيذي ونائبة رئيس لجنة الدراسات والاستشارات، ونائبة رئيس اللجنة العلمية، ورئيسة مركز المعلومات والإحصاء والتوثيق في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان.. وقد أثرت الساحة الثقافية بأكثر من مائة بحث صدر بعضها في عشرين مؤلفاً مطبوعاً، كما أن لها أكثر من ثمانين مؤلفاً معداً للطبع، بالإضافة إلى أكثر من ستمائة مقال في مختلف الصحف والمجلات والدوريات المحلية والعربية.. كذلك شاركت في أكثر من ثلاثين مؤتمراً وندوة على المستويين المحلي والإقليمي. |
فإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير.. |
عريف الحفل: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه مؤسس هذا المنتدى الثقافي الكبير الاثنينية، أصحاب الفضيلة أصحاب المعالي أيها الأخوة والأخوات الحضور والحاضرات الآن نستمع إلى كلمة راعي الاثنينية هذه الليلة معالي الدكتور محمد عبده يماني وزير الإعلام السابق فليتفضل: |
|