شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين.
الأستاذات الفضليات
الأساتذة الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يسعدنا هذه الأمسية أن تنداح دائرة تواصلنا لتصل شواطئ الأطلسي فيطل علينا من موريتانيا الشقيقة معالي الدكتور محمد المختار ولد أباه، رئيس جامعة شنقيط العصرية، والشاعر والباحث المحقق، فأهلاً وسهلاً ومرحباً به ضيفاً عزيزاً مكرماً بين أهله ومحبيه.. مشيداً بجهود النادي الجراري الذي قام مشكوراً بترشيح ضيفنا الكريم في إطار التوأمة بين اثنينيتكم والنادي الجراري، والتي كما تعلمون حظيت بمباركة سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس عاهل المملكة المغربية.
لقد وقر في نفوس كثيرين أن الدخول إلى فضاءات الثقافة والأدب في موريتانيا لا ينفك عن الحديث عن الشعر، باعتبارها بلد المليون شاعر، في حين أن عدد سكانها لم يتجاوز الثلاثة ملايين نسمة.. وهذه حقيقة قد نتفق أو نختلف حولها، ولكن مما لا شك فيه أن علماء شنقيط الذين أثروا ساحات العلم في الحرمين الشريفين عبر مختلف العصور، كانت لهم مساهمات جليلة في نشر العلم، والعمل على حمل لوائه في كثير من مناطق أفريقيا خصوصاً الساحل الغربي وامتداد حزام السافنا حتى تشاد والسودان.. وما زالت في مكة المكرمة، والمدينة المنورة وغيرهما عائلات شهيرة تعود أصولها إلى موريتانيا، تشهد بعظمة أولئك العلماء وعملهم الدؤوب لنشر العلم في مختلف البقاع.
وهذه الليلة نحتفي بواحد من أعلام شنقيط، نكرمه وننهل من فضله وعلمه، فإننا في الوقت نفسه نزجيها كلمة شكر ومحبة وتقدير لكل علماء وأدباء وشعراء موريتانيا، نحييهم أينما كانوا، ونترحم على موتاهم، فقد أدوا رسالة باهرة وحفظوا تراثاً وافراً في وقت لم يكن عبور الفيافي وتحمل الأسفار بالأمر اليسير إلا على ذوي العزم.. ومعالي ضيفنا الكريم من طبقة العلماء الأجلاء المتمكنين المبدعين في مجالاتهم المختلفة، فهم يجمعون بين التبحر حد الإغراق في العلوم الإنسانية، والتعمق حد التماهي في فروع الفكر والثقافة الأخرى، وبين التخصص العلمي الدقيق في أكثر من حقل من حقول الثقافة العربية الإسلامية، مع مقدرة فائقة على التأليف والتصنيف والتبويب، وفق المناهج الأكاديمية الصارمة التي اكتسبها بجدارة خلال فترة ممارسته العلمية التعليمية، واحتكاكه بالثقافة الغربية.. منوهاً في هذه العجالة بترجمته معاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية، مستصحباً في ذلك قدرته الفائقة في معرفة دقائق الألفاظ وعمق معاني اللغتين العربية والفرنسية، بالإضافة إلى اهتمامه بعلم التفسير، والقراءات، وهو عمل مبرور يستحق الإشادة والتثمين.
لقد شرفت بقراءة كتابه القيم الموسوم ((تاريخ القراءات في المشرق والمغرب" الذي تناول فيه بشيء من التفصيل مباحث القراءات من منظور تاريخي، محدداً الضوابط التي تحكم هذا العلم.. وخدمة لهذا الجانب فقد وفقني سبحانه وتعالى لطباعة مصحف القراءات السبع المعروف بمصحف فاضل باشا المأخوذ من النسخة الأصلية القديمة المحفوظة بمكتبة الغازي خسروبك بمدينة سراي بوسنة عاصمة جمهورية البوسنة والهرسك، التي يرجع تاريخها إلى عام 583هـ الموافق 1186م، ويضم عدداً من الأبواب منها ذكر أسماء القراءات السبع، والناقلين عنهم وأنسابهم وبلدانهم وكناهم وموتهم، وتعتبر هذه الطبعة الثانية بعد طبعة معالي أخي الشيخ أحمد زكي يماني، متشرفاً بإهداء ضيفنا الكريم نسخة من هذا المصحف الشريف بعد انتهاء الحفل.
إن تعدد المواهب لدى ضيفنا الكريم يجعل المتحدث في حيرة أي الجوانب ينبغي أن يركز عليه.. إلا أنني رأيت أن وجود معاليه بيننا هذه الأمسية، وقد كان وزيراً للتربية في موريتانيا قبل نصف قرن.. ولم يزل على قمة صرح تعليمي كبير هو جامعة شنقيط العصرية، في وقت تتشكل بوادر حوار عربي عربي حول التعليم ومدى مواءمته متطلبات العصر.. وقد أزكى في نفسي تصريح معالي الدكتور عمرو موسى، أمين عام الجامعة العربية، الكثير من الشجون، إذ أشارت بعض الصحف الصادرة بتاريخ 7/3/1428هـ الموافق 26/3/2007م إلى أن معاليه وصف حال التعليم في العالم العربي بأنه (زفت) .. ثلاثة حروف كانت بليغة حد الدهشة، حادة كنصل سيف يغوص عميقاً وينكأ ما شاء من جراح قبل أن يرتد إلينا الطرف وهو حسير.
قالها معاليه بكل صراحة، ووضوح، وشفافية، وجرأة.. وبالمناسبة فإن كلمة (زفت) يونانية حلت محل كلمة (قار) العربية الفصحى، ولا أحسب أن قامة في موقع معالي أمين عام الجامعة العربية، وهي ترتب لواحد من أهم مؤتمرات القمة العربية، يقحم هذه الكلمة دون أن يكون قد فاض به الكيل.. فنحن جميعاً ـ شئنا أم أبينا ـ في سفينة واحدة تمخر عباب الوطن العربي محملة بملايين الطلاب والطالبات الذين يشكلون جانباً مهماً من حاضرنا، وبالتأكيد هم كل مستقبل هذه الأمة المغلوبة على أمرها.
سعداء أن نحتفي الليلة بعالم كبير، وتربوي فاضل، وشاعر أنيق، بيد أني لا أقول لندع الشعر جانباً هذه الأمسية، ولكن نحن إزاء قضية التعليم التي تتفجر بين حين وآخر، ثم تتوارى خلف حجاب سميك من الدخان والتجاهل.. وكأنها ليست قضية فلذات الأكباد، أو قضية مجتمع يعيش على هامش عالم يتطلع يومياً للتطوير والتحديث، ومواكبة التقنيات التي تعني قفزات لا متناهية في خدمة مسيرة الاقتصاد والتنمية، وبالتالي موقعاً تحت الشمس لحياة أفضل واحتكار أسواق السلاح، والقمح، والدواء، وما دق أو عظم من سلع استهلاكية أو صناعية.. إنها عبقرية العلم التي جعلت اليابان في مصاف دول يحسب لها العالم ألف حساب، في الوقت الذي لا تملك من خيرات الطبيعة الشيء الكثير، بينما تتكالب علينا الأمم من كل حدب وصوب ونحن نتربع على كنوز حبانا بها الله عز وجل من نفط وغاز، وأنهار وبحيرات، وأراض زراعية أسموها تفاؤلاً "سلة غذاء العالم" ولم نزل نستورد معظم احتياجاتنا من خارج العالم العربي دون أن يرف لنا جفن.. إنها دون شك حصيلة مأساة تعليم أطلق عليه معالي الدكتور عمرو موسى صفة (زفت).. فأين أصحاب المعالي قادة التعليم العالي من هذا الواقع الذي يجعل الحليم حيرانا؟
لقد بحت مئات الحناجر، وسُكبت كميات مهولة من الحبر الذي سوَّد آلاف الصفحات عن دور البحث العلمي ومراكز البحث العلمي وضرورة النهوض بهذا الجانب المهم.. وليس المقام مناسباً لاستعراض أرقام ميزانيات الدول التي تفردها لمراكز البحث العلمي، وعلى العموم فهي متاحة في كثير من مواقع الإنترنت لمن أراد الاستزادة.. فالأمر أعجل من أن يترك دون ضوابط تأخذ في الاعتبار أن كل يوم يمر هو في الواقع تدمير لبنية ومستقبل جيل قد يكون في أمس الحاجة لهذا الوقت المهدر.
لست في موقع التشاؤم رغم خلو وفاضي من نفحات التفاؤل الكبرى، راجياً أن تتمخض الأيام القادمة بما يؤسس لانتهاء حقبة من التخبط في رحاب التعليم العام، والجامعي، وفوق الجامعي.. وألا تهدر الموارد المتاحة في مناهج تعليمية لا تسمن ولا تغني من جوع.. فالمطالب محددة وواضحة، وما هجرة العقول العربية إلا إفراز طبيعي لتخلفنا الكبير عن الركب العالمي، وأخشى أن يأتي اليوم الذي نصدر فيه العقول تماماً كغيرها من المواد الخام.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أرحب مرة أخرى بضيفنا الكريم، متمنياً لكم أمسية مترعة بالفائدة مع مختلف المحطات التي سوف يتعرض لها ضمن مسيرته الزاخرة، ويطيب لي أن نلتقي الأسبوع القادم لتكريم السيدة الفاضلة الدكتورة فاطمة عمر نصيف، الأستاذ المشارك في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز، والتي يعود لها الفضل بمشيئة من الله في إنشاء قسم الدراسات الإسلامية في جامعة الملك عبد العزيز، كما أسهمت في إثراء المكتبة بسبعة مؤلفات منها حقوق المرأة وواجباتها في الكتاب والسنّة، والأسرة المسلمة في زمن العولمة، وغيرها.. وتعتبر هذه أول أمسية يتم من خلالها تكريم سيدة في هذا المنتدى، آملاً أن يأتي وقت يكون فيه عدد المكرمين مناصفة بين الرجال والسيدات، فمجتمعنا ولله الحمد يفخر بكثير من المبدعات في مختلف حقول العطاء الإنساني.. وسوف يتابع الأساتذة روّاد ((الاثنينية)) وقائع الحفل عبر مكبرات الصوت دون نقل الصورة بواسطة الشبكة التلفزيونية المغلقة كما هو معتاد.. بينما يتم الحوار بإلقاء سؤال من الأساتذة الحضور والسيدات الفضليات على التوالي.
وإلى لقاء يتجدد وأنتم بخير..
عريف الحفل: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه مؤسس هذه الاثنينية وهذا المنتدى الثقافي، شكراً على كلمته الترحيبية والتي تعرضت لكثير من الشؤون والشجون لكنه وعد بالقادم الأفضل والمتجدد دائماً فله الشكر الجزيل.
الآن أيها السيدات والسادة لراعي هذه الأمسية هذه الليلة معالي الدكتور محمد عبده يماني المفكر الإسلامي ووزير الإعلام السابق.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1335  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 154 من 242
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج