شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
التوحيد بين المعشوقة والوطن
يوحّد العوامي بين الحبيبة والوطن لأنهما سرّ استقراره في هذه الحياة، وليس للمرأة أن تغار من تفكير عاشقها في الأرض وإلاّ فإنّ الجواب (الديبلوماسي) حاضر:
فحسبها أنّها ظلّ يرِفّ بهِ
شوقٌ إليكِ، ونفحٌ مِن هواك نديّ
بل إنّ الأمر قد يتطور إلى تبادل للأدوار بين الحبيبة/المرأة والوطن/الأرض وذلك بأن تتحول الأرض إلى معشوقة والمرأة إلى وطن متحدثاً للحبيبة/المرأة عن الوطن/الأرض:
عشقتها فيك فردوساً وعِشْتُ لها
هوًى تشرّبَ في فكريْ ومُعْتَقَدِيْ
وما برحْتُ أُغنيها الهوى حُرقاً
فما أفقتُ لمن حوليْ منَ الرَصَد
يبالغ العوامي بعدها في تشخيصه للأرض بالحبيبة بأن يعطيها صفة الخيانة (خيانة العشاق لبعضهم) على غرار قول أبي فراس الحمداني:
وَفَيتُ وَفي بَعضِ الوَفاءِ مَذَلّةٌ
لآنِسَةٍ في الحَيِّ شيمتُهَا الغَدرُ
فيقول العوامي:
حتى صحوت لألقاها تكافِئني
على الوفاءِ فتلقيْ بيْ بِلا قوَدِ
لكنّني، والسنا تندى غلائلَهُ
إذا تخطّرتِ في دَل وفي غيَدِ
شربْتُ فيضَ جراحاتيْ دماً وأسىً
وقدْ عفوتُ فلمْ أعْتبْ على أحدِ
فما يحصل له من نكبات الدهر على أرض وطنه يستلذه الشاعر كما يستلذّ الطعنات من معشوقته التي يسامحها متغافلاً عن زلاّتها لأنها في نهاية المطاف حبيبته:
سامحتُها، أهلُها أهليْ وأنت بها
وكمْ لدى المرءِ مِنْ أهلِ ومِن بلدِ
لن يمسحَ الحُبّ مِنْ قلبيْ لِتُرْبَتِها
أنّ الجراح بأضلاعيْ بلا عددِ
تعود الأدوار إلى مكانها فالمرأة تعود حبيبة والأرض تعود وطناً لا يمسح من قلب ابنه.
ونجد هذا المعنى (تشخيص الأرض بالمحبوبة) في قصيدة (تاروت) إذ يتحوّل هو إلى الأرض وتتحول الأرض/المعشوقة إلى الراسي (البحار/سفينته):
تاروت أينَ جفنيْ واينَ غفا
رآكِ ترسينَ في أهدابه فهفا
وبالرغم من قسوة المعشوقة/الأرض:
فكيفَ يُنْكَرُ مِنْ حرفي تشرُّدهُ
على ضفافكِ إنْ غنّى وإنْ هتفا
أنا المعنّفُ في عشقيْ، وفي ولَهيْ
أُعطي الجمانَ، فهل أُجزئ به الصدفا
إلاّ أنه لا يستطيع تجاوز حالة العشق لها:
اللَّه! كيف أذودُ الشعر عن شفتيْ
وكيفَ أمسكُ شريانيْ إذا نزفا
ما دامَ وجهُك تشكيلاً لقافيتيْ
فواصلاً في حروفيْ، ضمَّةً، أَلِفا
يغفو على ريشتيْ لوناً؛ يهيمُ على
دفاتريْ سَهَراً، يجتاحنيْ لَهَفا
ونلاحظ أن تشخيص الأرض/الوطن عند العوامي دائماً ما يكون بالمعشوقة ولا نجده يشخّصها بـ (الأم) على عادة الكثير من الشعراء الذين يفخرون بكونهم أبناء لتلك الأم/الأرض، كذلك لا نجده يشخص الوطن بالسيد أو البحّار (لكون القطيف مطلة على البحر)، أو بأي صورة تشخيصية أخرى غير الحبيبة!
والحديث يطول في تشخيصه للقطيف، وقد أسهبنا في البحث المنشور في مجلة الواحة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :732  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 145 من 242
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج