كانت ليلاَي هي الأملا |
ما شئتُ بها يوماً بدلا |
من حارتنا، متواضعةٌ |
ترضى بالشيء وإنْ قلاّ |
إن تطعمْ خبزاً أو زيتاً |
لا تزهدْ أو تُظْهِرْ مللا |
غذِّينا من عينٍ واحدةٍ |
وسُقينا النهْلَةَ والعَلَّةْ |
ليلى مني وأنا منها |
ما زدتُ ولا زادتْ فضلا |
* * * |
لكنْ أمي زهِدَتْ فيها |
قدّت عيناً نحو الأعلى |
قالتْ: ليلى لا بأسَ بها |
لكنْ أبغي الأرْقَى والأحلى |
أبغي بنتاً لا تَعْدِلُها |
أخرى مضموناً أو شكلا |
وأريدك يا ولدي تزهو |
تيهاً، إنْ كنتَ لها البعلا |
* * * |
فمضتْ، طرقتْ ألفيْ بابٍ |
كي تخطِبَ لي تلك الْمُثلَى |
سنواتٌ، لم تعجبها وا |
حدةٌ، أو كانت لي أهلا |
ما واحدةٌ حظِيَتْ، ما وا |
حدة، إلاّ فيها عِلَّةْ |
هذي حَسْنَا مَيْسَا، لكنْ |
لو كانتْ أطولَ أو أملا |
هذي شقراءُ وفارعةٌ |
لو شُقْرتُها كانت أحْلَى |
هذي عيناءُ، ولكنْ ما |
أزهاها لو كانت كَحْلاَ |
ذي دارسةٌ ومثقفةٌ |
لكنْ قالوا فيها قولا |
هذي حسبٌ وجمالٌ لكنْ |
ما غُذِيَتْ إلاّ الجهلا |
* * * |
يوماً عادتْ أمي جَذْلَى |
في عينيها فرحٌ يُتْلَى |
فرحٌ، لو راحت تقسمه |
لكفى حَزْناً وكفى سهلا |
قالت: أبشرْ، فُرِجَتْ، تسبي |
واللَّهِ يا ولدي العقلا |
من عائلةٍ، لم أشهد يا |
ولدي في الجاهِ لها مِثْلا |
حسناءُ، إذا ظهرتْ ما |
حسناءٌ إلاّ ولّتْ خجلى |
وإذا ابتسمتْ عن أسنانٍ |
ما عاد الليلُ يُرى ليلا |
ذي صورتُها، انظرْ، كانت |
تمثالَ السّحرِ إذا اكتملا |
* * * |
خرجتْ صبحاً كي تخطبَها |
نشْوَى عَجْلَى تطوي السُّبُلا |
عادتْ والسعدُ قد انطفأ |
والفَرْحُ عن الوجه ارتحلا |
ورايتُ البؤسَ فقلتُ لها: |
ماذا يا أمي قد حصلا؟ |
ما كانتْ لي أهلاً؟. ردَّتْ |
بل ما كنا نحن الأهلا |
شرطوا، لو تدري ما شرطوا |
من أين لنا أن نحتملا؟ |
من يلبسْ غيرَ عباءتِه |
لا يدفأ أو يدفعْ عِللا |
من يشربْ من ماءِ الغُرَبَا |
لا يَرْوَ أو يَنقَعْ غُلَلاَ |
من يطرقْ أبواباً غُلِقَتْ |
كالفُلْكِ إذا سلكتْ جَبَلاَ |
* * * |
سأعودُ إلى ليلى، ما لي |
عَمِيَتْ عيني عن ليلى |
رفضتْ ليلى، قال: إني |
لا أرضى أن أبقَى فَضْلَةْ |
وكرامةُ مثلي لو تدري |
من كنز الأرض هي الأغلى |
* * * |
سُرقت أيامي، ما واحدةٌ |
ترضاني، من ترضى الكهلا؟ |
لا نلت اللحم ولا العظما |
لا نلتُ الشَّهدَ ولا البصلا |