شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلّي وأسلّم على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأستاذات الفضليات
الأساتذة الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
نسعد هذه الأمسية بتكريم المربي/الفاضل الأستاذ الدكتور وليد إبراهيم القصاب، وهو من أبناء ذلك الجيل الجميل الذي صرف العمر متعلماً، وعالماً، ومعلماً.. جيل كبير بعطائه، وحشد طاقاته للحفاظ على هويته الإسلامية وسط عالم يسعى لصهر كل شيء ـ حتى اللغة ـ في أتون قطب أحادي يدَّعي التعددية وهو أبعد ما يكون عنها في واقع الحال.
أرحب باسمكم جميعاً بضيفنا الكريم الذي أسهم بجهود مقدرة في إثراء المكتبة العربية، وأحسبه من المجاهدين بأقلامهم وألسنتهم ممن يشرفون بحمل لواء لغة الضاد والحفاظ عليها والعمل على إعلاء شأنها.. وقد منَّ الله عليه بكثير من المواهب التي يندر أن توجد لدى مثقف واحد، فكأنه جمع في إهابه رجالاً في رجل.. وحديثي عنه سيتناول خمس شعب تشكل جزءاً من إطار الصورة التي يطل منها على متتبعي أنشطته المختلفة.. ومن أوائل تلك الشعب أنه أفرد جانباً من وقته وعلمه لتحقيق بعض الكتب القيمة، في وقت ندرك ما للتحقيق من أهمية، فقد أصبح علماً قائماً بذاته، تكتنفه العديد من الصعوبات مثل الدقة المتناهية، والإحاطة الكاملة بموضوع البحث، وجمع كل ما يتعلق بالمخطوط من علاقات متشابكة مع ما صدر في بابه، ثم التنقيب في مكتبات العالم للوقوف على النسخ الأصلية وعمل دراسة مقارنة بحسب الأصول المتبعة في هذا العلم. وقد خاض ضيفنا الكريم التجربة ونجح في تقديم نماذج مضيئة في هذا الجانب.
ومن مواهبه المتعددة شعبة ثانية أطل منها كقاص يمتاز بصدق العاطفة، وأناقة اللفظ، وسهولة التواصل مع المتلقي من خلال أسلوب سهل ممتنع، مع البعد عن غريب اللغة وغليظ القول، فجاءت أعماله الإبداعية عذبة رقراقة، وما كتابه ((البوح)) الذي يعتبره أحد أقرب مؤلفاته إلى نفسه إلا نموذج من اقتطاع الذات لتذوب في عيون الكلمات ثم تنساب إلى المتلقي دون حواجز أو شعور بالغربة والتطفل، وقد أدرك مبكراً أهمية امتزاج العمل الإبداعي مع هموم الناس باختلاف شرائحهم ومشاربهم، فكان أن أنجز روايتين لم ينشرهما لأنه على قناعة بأن الوقت قد تجاوزهما، فهو ليس راكضاً خلف نشر كل ما خطه إذا لم يكن على قناعة تامة بأنه يشكل إضافة تسهم في إثراء الساحة الثقافية، وهذا دليل على شفافيته وتمسكه بقيم العمل الإبداعي الذي ينبغي أن يخدم قضايا معينة ويشكل إضافة حقيقية للثروة المعرفية التراكمية.
أما في شعبته الثالثة فنرى ضيفنا الكريم يتوهج شعراً.. فقد عرف مخاض القصيدة ولحظات الطلق الإبداعي التي تجعل الشاعر مشدوداً بكل معنى الكلمة حتى النخاع ليقول في النهاية كلمته، فتخرج من ملكيته الخاصة لتكون ملكية عامة شائعة لكل قارئ.. يتفق معه أو يختلف، ولكن يبقى جمر التجربة متقداً في وجاق العطاء جيلاً بعد جيل.. قد يخبو بمرور الزمن أو يشتعل مع كل نسمة هواء، لكنه يظل أبداً خادماً لقضية أقضت المبدع ودفعته إلى حافة الاحتراق الذاتي ليضيء سبل السالكين إلى مرافئ الخير والجمال.. الشعبة الرابعة استحوذت على جانب مهم من أفكاره وعلمه وفضله، فضيفنا الكبير من أعلام النقد الأدبي على مستوى الوطن العربي، درس النقد الأدبي عند قدماء العرب، ثم استفاض في دراسة النظريات النقدية لدى الغرب، وزاوج بين هذا وذاك ليرسم طريقاً محدداً حاول من خلاله الاستفادة من مختلف المدارس النقدية، وأن يدلي بدلوه مع عمالقة هذا التخصص، وأفرد العديد من المؤلفات التي عالجت مختلف المسائل النقدية، وبطبيعة الحال تظل إسهاماته في هذا الجانب الشائك عرضة للهجوم من قبل مناوئيه، ومكان استحسان لدى الفسطاط الآخر.. وما زال السجال مستمراً.
إن مشاركة ضيفنا الكريم في حمل لواء الأدب الإسلامي تمثل الشعبة الخامسة من نشاطاته المشهود لها بالثبات والعطاء المتدفق.. وبرغم ما يكتنف مصطلح (الأدب الإسلامي) من مقولات مختلفة، فإن ضيفنا يؤمن بأن ميلاد هذا الأدب كان منذ فجر الإسلام، ولديه بالتأكيد ما يقوله لنا في هذه الأمسية من إضافات وشروحات قد تسهم في جلاء الموقف، وترسم للمتلقي حدود إشكالية (الأدب الإسلامي) ورابطته التي تأسست على يدي العلامة الشيخ أبو الحسن الندوي ((رحمه الله))، والجهود التي تلاحقت بعد وفاته رحمة الله عليه لمحاولة الاستمرار على خطاه ووفق منهجه.. هناك وقفات وعلامات استفهام عديدة أحسب أن عدم الإجابة عنها لفترات طويلة أصبح يشكل عائقاً أمام انطلاق الأدب الإسلامي كما أراده مؤسسه عليه رحمة الله.
ولا يفوتني في هذا السياق أن أرحب أجمل ترحيب بالأخ الأستاذ الدكتور عبد القدوس أبو صالح، رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية، ورئيس مكتب البلاد العربية، على تفضله بمرافقة فارس أمسيتنا، فله الشكر على تجشمه مشاق السفر، وإمتاعنا بصحبته الماجدة.
أجدد الترحيب بضيفنا الكريم، آملاً أن نقضي وقتاً ماتعاً في حضرة الشعر والنقد وغيرها من جياد يمسك أعنَّتها.. وأود تذكيركم أن هذه الأمسية مسك الختام لهذا الفصل من موسمنا. . على أمل أن نلتقي مجدداً بعد عطلة الحج وعيد الأضحى المبارك، أعاد الله عليكم وعلى الأمة الإسلامية مناسبات الخير والبركة وأنتم على خير ما أحب لكم.وفي ختام كلمتي هناك رجال أكرموا الاثنينية خلال مسيرتها التي امتدت ربع قرن من الزمان من وراء حجاب خدموها وأنتم روّادها قد لا تعلمون بهم، خدموها ليس بالكلمة ولكن بعطاء كان له أثر كبير في مسيرتها، فقد فقدت الاثنينية رجلاً من هؤلاء هو معالي الشيخ عبد الوهاب عبد الواسع وزير الحج والأوقاف السابق انتقل إلى جوار ربه صباح يوم الجمعة في جنيف ودفن يوم الأحد في مكة المكرمة، أرثيه إليكم وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمده برحمته وغفرانه، فأدعو له ولنا جميعاً أن نقرأ الفاتحة إكراماً لمثواه ونسأل الله له الجنة والرحمة والغفران والرضوان..
والسلام عليكم ورحمة الله.
عريف الحفل: الكلمة الآن لراعي الاثنينية سعادة الأستاذ الدكتور عبد الله المعطاني أستاذ النقد الأدبي والحضارة الأندلسية في كلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز في جدة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :895  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 39 من 242
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

زمن لصباح القلب

[( شعر ): 1998]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج