شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأستاذات الفضليات
الأساتذة الأكارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
تتشرف اثنينيتكم هذه الليلة باستضافة الأخ الدكتور طارق محمد السويدان، الذي تقنا كثيراً للقائه، إلى أن أكرمنا المولى عز وجل بهذه السانحة، لتكريمه ليسعدنا بسويعات قصيرة في عمر الزمان، كبيرة في رحاب العلم والمعرفة.
ضيفنا الكريم كما تعلمون غني عن التعريف، استنطق الحرف وغاص في وجدان المتلقي عبر مختلف وسائل الإعلام: المقروء، والمسموع، والمرئي، والتبادلي من خلال ((الإنترنت)).. وبالتالي يأتي تكريمه متسقاً مع الجهود الكبيرة التي يبذلها باستمرار مع فريقه العلمي والإبداعي، ومما لا شك فيه أن مثل هذا العمل الدؤوب يتطلب مهارات إدارية عالية ومتميزة، قد لا يتصورها إلا من اكتوى بنار العمل الإعلامي، ولا ينبئك مثل خبير.
إن حديثي عن ضيفنا الكريم قد يختلف هذه المرة عن كثير من توجهاتي السابقة في الترحيب بضيوفنا الأفاضل.. إذ لن ينصب على ما أنجز، وقدّم، وأسهم به علماً وفضلاً.. لأن هذا المسار أصبح في حكم المعلوم بالضرورة لكل مثقف على الساحة، وجمعكم الكريم بحمد الله من ذؤابة هذه الطبقة التي تمثل أكثر ألوان الطيف في مشهدنا الثقافي.
ضيفنا الكريم من الذين أرجو أن يكونوا فيمن قال فيهم الحق سبحانه وتعالى يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ (المجادلة: 11) ولا أزكيه على الله، نهل من العلوم المختلفة، وطاف مثل نحلة مجبولة على العطاء على كثير من بساتين المعرفة، ورشف رحيق الكتب، ثم تمثّل كل ذلك شهداً نقياً، وقد منحه المولى عز وجل أسلوباً لبقاً في الحديث، ومغناطيسية جذب المتلقي .. وقد أجاد استثمار هذه المنحة في استقطاب الشباب من الجنسين، ووظف بذكاء كبير عملية الحوار البناء لمناقشة العديد من المسائل الشائكة، وربما المسكوت عنها، من خلال البرامج المختلفة التي تبثها قناة (الرسالة) الفضائية، وغيرها من نوافذ الفضاء المشرعة أمامه، وفي هذا حنكة إدارية لا تخفى على القائمين على الشأن الإعلامي في كل زمان ومكان.
من ناحية أخرى يهتم قطاع كبير من متابعي الشاشة البلورية بالبرامج التاريخية التي ينتقي منها ضيفنا الكبير بعض قصص الصحابة رضوان الله عليهم، ويطوعها ببراعة لتكون قاعدة لعمل إعلامي مختلف، إذ المهم في تصوري إسقاطه المستمر لذلك التاريخ المضيء على واقعنا المعاش، بما يكتنفه من رؤى ضبابية، ومسارب متعددة أفرزتها تداعيات العولمة، والاحتكاك المباشر وغير المباشر مع ثقافات مؤدلجة، ومؤطرة بأفكار لا تتفق وعقيدتنا السمحة.. هذه الجدلية اليومية قد ينبري لها أحياناً بعض المتشددين والمتطرفين بأساليب ينبغي أن تفسح المجال للوسطية، ومقارعة الحجة بالحجة، وقبول الآخر، بدون الذوبان في هويته، أو التفريط في الثوابت والأصول التي لا خلاف عليها.. ومما يحمد لضيفنا الكريم هذا المنهج الوسطي الذي ترفضه دون شك التيارات القمعية التي لا ترى إلا من ينتظم في صفوفها وتحت ألويتها.
يقودنا هذا المدخل إلى مسألة تجديد الخطاب الديني، والخروج من إطار الصورة النمطية التي يصر البعض على رسمها للداعية، باعتباره صاحب مواصفات معينة في الشكل والملبس، والأسوأ من ذلك جعل هذه المواصفات جواز مرور لوضع اجتماعي خاص يمنح صاحبها نظرة فوقية لا تتواضع إلا لمن كان في شكله وهيئته، وهذا نوع من التحزب الذي يضر بالنسيج الاجتماعي، ويرسخ مفهوم توسيد الأمر لغير أهله، لأن مجرد المظهر لا يعني الاحتكام لسلطة شرعية تمنح الحق لأي كان ليفرض آراءه على الآخرين من منطلقات وأفكار قابلة للحوار ومبدأ الخطأ والصواب.. وقد أحسن ضيفنا الكريم في تجاوز هذا المنحنى الخطير الذي يضع الداعية في زاوية محددة ويحرمه الآفاق الرحبة التي يطل منها على ألوان الطيف الثقافي والفكري كافة، ومختلف شرائح المجتمع، خصوصاً جيل الشباب الذي يعشق الانطلاق بطبيعته، ومن ثمَّ كان احتواء هذه الشريحة المهمة، وغرس القيم الإسلامية الرفيعة في سلوكياتها، من أبرز هموم ضيفنا الكريم عن طريق إعطاء جرعات مدروسة، ووفق معايير ومفاهيم تضع في الاعتبار كل عناصر الجذب والتشاور والترغيب، وفي الوقت عينه الاندماج التفاعلي من خلال شبكة الإنترنت، وفتح الباب واسعاً أمام تلقي الفتيا من أصحاب الأقدام الراسخة حتى لا يقع الشباب والشابات فريسة سهلة ولقمة سائغة لفئة تزدري كل فكر لا يتطابق مع مرئياتها.. وتكون النتيجة الحتمية حدوث استقطاب أحادي يدفع الكثيرين نحو هاوية التطرف والعنف.
وقد استطاع ضيفنا الكريم تطويع معارفه المختلفة، وثقافاته المتعددة، وثمرات رحلاته لكثير من الدول شرقاً وغرباً، ليخرج بأنموذج مميز وراقٍ في فن الحوار، وتطوير المواقف مرة بعد أخرى وصولاً إلى الغايات النبيلة والأهداف السامية التي يتطلع إليها مع محبيه، والتي يمكن اختصارها في المساهمة في صياغة جيل عصري يأخذ بأسباب التطور والنهضة العلمية والثقافية والفكرية دون جنوح نحو ذوبان الهوية وفقدان بوصلة النجاح.. ولا ينسينا هذا المحور الهام محاور أخرى لا تقل أهمية أولاها ضيفنا المفضال عنايته، وكرس لها جهداً ووقتاً كبيرين، فقد كان ولم يزل يقتنص كل فرصة لتحريك بحيرة الإبداع ليدفع كل قطاعات المجتمع، وبالذات شريحة الشباب، نحو شق سبل كسب العيش الشريف، وريادة حياة أفضل، عن طريق اكتساب المهارات التي تؤهلهم للنجاح والتمسك بأهداب الأمل والمنافسة الشريفة، وفق قواعد وأسس علمية استطاع أن يبسطها بهدوء وسلاسة من خلال مؤلفاته العديدة التي يكاد ينتظمها خيط واحد هو الحادي والمنادي أبداً لطريق النجاح والتوفيق والسداد، مع الأخذ بأسباب العلم والتقنية، وآليات السوق والإدارة الحديثة، كمعابر لا بد منها للوصول إلى تلك الأهداف المحددة.
وبالرغم من أن الشواغل الأكاديمية الجمة والارتباطات العملية، تؤطر حركة ضيفنا الكريم، فإنه لم ينغلق على نفسه بل سعى مشكوراً لكي تصل الكلمة الهادفة عبر رسالته رسالة الإسلام الخالدة إلى أصقاع بعيدة، وقد عرف ضيفنا الكريم بسعة الصدر، والمثابرة وتحلى بالصبر والأناة وقوة الشكيمة في سائر أعماله، وهي صفات استمدها من مشكاة النبوة ونور القرآن وقصص الأنبياء، الأمر الذي ساهم بقدر كبير في شحذ عزيمته لأداء رسالته الجليلة، وهذا قبس من خلقه الفياض وأدبه الجم، وحسه وتعامله الحضاري مع معظم الناس من منطلق المحبة الصافية والإخوة الحقة، فهو تربوي قدير، وصاحب خبرة واسعة بالنفس البشرية وذلك من خلال البرامج الكثيرة التي أعدها في المجال الإداري وتنمية الذات، وتطوير الموارد البشرية والتخطيط الاستراتيجي، ولا بد من التوقف عند الرقم الذي حققه في هذا المجال وهو تدريب 50 ألف متدرب في مختلف المجالات الإدارية، ولمثل هذا فليعمل العاملون، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينه على تكملة هذه المسيرة الرائدة، وأن نرى المزيد من تألقه وعطائه الفكري والثقافي لما فيه خير الأمة.. وبما أنه في صميم العمل الإعلامي والدعوي والإداري، فإن ((الاثنينية)) تتطلع بكثير من التفاؤل إلى دعمه في مدها بأفكاره التطويرية، خصوصاً ونحن على أبواب الاحتفاء بمرور ربع قرن على إنشائها.. كما نأمل أن يتلطف عليها بأسماء من يرى تكريمهم والاستفادة من فضلهم وعلمهم، فعلم مثله قادر بإذن الله على إثراء ساحتنا بخيار الأفاضل من ذوي الفضل الذين نحن في أمس الحاجة إلى الاحتفاء بهم، وتوثيق مسيراتهم الخيرة، ومحاورتهم بما يعود بالخير على الجميع، ويبقى ذخراً للأجيال القادمة بمشيئة الله.
مرة أخرى أرحب بكم وبضيفنا الكريم، وعلى أمل أن نلتقي الأسبوع القادم لتكريم سعادة الأستاذ الدكتور وليد إبراهيم القصاب، الأكاديمي وصاحب المؤلفات التي تربو على ثلاثين كتاباً في الأدب والنقد، والقصة والشعر، من بينها ستة دواوين شعرية، بالإضافة إلى ستة عناوين أخرى في التحقيق، وعدد كبير من البحوث المنشورة في مجلات محكمة.
فإلى لقاء يتجدد وأنتم على خير ما أحب لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله..
عريف الحفل: يسرني الآن أن أنقل لاقط الصوت إلى راعي الاثنينية سعادة الأستاذ الدكتور جميل مغربي.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :2112  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 32 من 242
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج