| أتيتُ حوضَكِ ظمآناً لتسقيني |
| يا كعبةَ الله يا مسرى الملايينِ |
| يـا مهبطَ الوحـي فـي أرض يضـوعُ بها |
| ذكرُ العقيدةِ يزكو كالرياحين |
| أعلا بها (المصطفى) ذكراً لخالقهِ |
| على مخاليقَ من تمرٍ ومن طين |
| أهوى على صرحها يجتثُّ باطلَه |
| بالحق يعصِفُه عصفَ البراكين |
| فانجابَ فجرٌ بهيُّ النور مخترقاً |
| ليلَ الجهالة في الدنيا وفي الدين |
| جلّى به الحقُّ قرآناً ومعجزةً |
| على (أمين) لحمل الوحي مأمون |
| (جبريلُ) يرفدُهُ إلهامُ بارِئه |
| وحياً جليلَ المعاني والمضامين |
| يُزجي إلـى الخلقِ مـا أوتيـه مـن حِكَمٍ |
| في منزلِ الوحي وضّاحَ البراهين |
| وشارعٍ سُنَّةً في الكون ما برحت |
| أسمى وأعدلَ من كل القوانين |
| الناسُ فيها على تقوىً سواسيةٌ |
| تجني ثوابَ تقاها غيرَ ممنون |
| أرسى بهـا العدلَ بيـن النـاس منتصفـاً |
| للبائسين اليتامى والمساكين |
| فصار أكرَم من في الناس منزلةً |
| أتقاهُمُ، لا كَنوزاً مالَ (قارون) |
| هـذا هـو العدلُ لا مـا شرَّعَــتْ سُنَنٌ |
| الزُغبُ فيها طعامٌ للشواهين |
| هذا الَّذي رفع الراياتِ خافقةً |
| حتى أطلّتْ على (بوّابة الصين) |
| تالله ما أن أضعنا العدلَ شرعهُ |
| ربُّ البريّةِ معدولَ الموازين |
| حتى غدونا إلى الأطلال نندِبُها |
| في أرضِ (أندَلسٍ) أو في (فلسطين) |
| * * * |
| ياكعبةَ الله بي شوقٌ لها عرِمٌ |
| عن كل أرضٍ سواها باتَ يُثنيني |
| قد جئتُ أسبقُ أحلامي لرؤيتها |
| وكنتُ عنها بعيداً شبهَ مغبون |
| بين الضلوع أُورارُ الشوقِ يدفعني |
| وفي العيون بريقُ الوجدِ يهديني |
| وفي المسامعِ يدوي من مآذنها |
| صـوتٌ جليلُ الصدى لـ "البيت" يدعوني |
| ظمآنَ جئتُ أنادي ملءَ حنجرتي |
| يا "ماءَ زمزمَ" هل إلاّك يرويني؟ |
| * * * |
| يا (كعبة الله) طافَ الموسرونَ بها |
| والمعدَمونَ سواءٌ في القرابين |
| من كُلِّ فجٍّ عميقٍ جاء يقصُدها |
| قومٌ بشتّى اللّغى شتّى التلاوين |
| حلّوا ضيوفاً على "بيت" مطاعِمُه |
| تَقري اليتامى وأبناءَ السلاطين |
| * * * |
| يا (كعبة الله) حصناً أستجيرُ به |
| مما أعاني وممّا باتَ يُضنيني |
| إني طريدُ الأسى قد نابَني قدَرٌ |
| ألقى على سِحنتي سَيْماءَ محزون |
| فصِرتُ والهمُّ صنوي لا يفارقني |
| كأنه توأمي من يومِ تكويني |
| * * * |
| يا (كعبة الله) صوتٌ جئتُ أرفعُه |
| من (فِلذةٍ) بأَسارِ الداءِ مرهون |
| يرنو بعينيه لا يقوى مخاطبةً |
| ولا حراكاً وعيناهُ تناجيني |
| أكادُ أسمعُه يدعو بأعينه |
| يا ربُّ مـن لـي سـوى الرحمن يشفيني؟ |
| يـا ربُّ واحفظْ أميراً لـم تزلْ يـدُه الـ |
| سمحاءُ من رِبقة الأقدار تُنجيني |
| (أبا سعودٍ) رعاكَ اللهُ وانتبذَتْ |
| عنكَ المكارهُ يا سِبطَ الميامين |
| يا ابـنَ (المليكِ) الَّذي بَـزَّت مروءتُـه |
| كلَّ المروءاتِ في شتّئ الميادين |
| ساسَ الرعيّةَ يجتَثُّ الخبيثَ بها |
| حزماً ويرعى سواد الناس باللين |
| * * * |