شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تمهيد
اتجهت إلى القرآن الكريم ألتمس منه ما يؤكد صحة "التوازن" باعتباره معياراً جمالياً، فألفيت شواهد كثيرة، تنبه إلى هذه القيمة وتلفتني إلى ما في عمل الخالق من عظمة ومن جمال.
يقول تبارك وتعالى: وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ (1) .
فالأرض التي نعيش عليها بما فيها من جبال وسهول، وبما فيها من نبات مختلف الأشكال والألوان، لم يخلق شيء منها دون تقدير، بل كل ما فيها موزون لا خلل فيه، ومن هذا التقدير والوزن ما يظهر لنا، ومنه ما لا يزال يخفى علينا أسبابه، ثم أمدنا الله عز وجل بالعقل الذي نكتشف به ما يكون في اكتشافه نفع لنا، إلى أن تنتهي الحياة.
ويقول تبارك وتعالى: وَالسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (2) .
يعقب "سيد قطب" فيقول: إنها إشارة إلى الوجود كله، مادياته وروحياته، والله اللطيف الخبير يحذرنا من الطغيان والإسراف في كل أمورنا، فالخطاب ينطوي ضمناً وصراحة على الدعوة إلى "التوازن"، الإنسان بتكوينه المادي مدعو إلى المحافظة على هذا "التوازن" مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ (3) فإن لم يفعل اختل ومرض. أما نفسه فخلقت ولها قابلية المبدأ فقد "تتوازن" أو تفرط وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (4) .
في هذا الإطار أعدتُ النظر في كتاب الله الكريم، محاوِلَةً الاستئناس والاستدلال بشواهد من آياته فوجدته كله لا يندّ عن هذا المعيار، وألفيته باباً واسعاً يحتاج إلى بحث طويل مستقل فقنعت بشواهد تدلني على ضروب "التوازن" المتمثلة في الآيات وهو إما "توازن" في الآية الواحدة صراحة أو ضمناً، معنى أو شكلاً أو هما معاً، وإما توازن في المعنى بين آية وأخرى، أو في المعنى بين طائفة من الآيات وطائفة أخرى.
 
طباعة
 القراءات :783  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 24 من 86
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.