شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فلعل من أهم ما أنيط بوكالة الآثار والمتاحف، منذ تأسيسها، كإدارة، المحافظة على الآثار بشتى أنواعها، وجمع المنقول منها ودراسته ونشره. ومن بين الآثار المنقولة التي لقيت اهتماماً كبيراً، تلك الأحجار الشاهدية، المتراكمة والمتناثرة في مقبرة المعلاة بمكة المكرمة على مرَّ العصور. وحيث إن مقبرة المعلاة شهدت على مدى تاريخ إنشائها مراحل عديدة من التوسعة والتحسين والتنظيف، ويتكرر هذا العمل كلما تدعو الضرورة لذلك، لهذا سارعت الوكالة في عام 1404 هـ (1984م) إلى جمع الأحجار الشاهدية بهدف المحافظة عليها من الضياع والتدمير، وقد تم التنسيق مع الجهات الحكومية المختصة بمكة المكرمة بهذا الخصوص ونقلت الأحجار مباشرة إلى قصر خزام بجدة وخصص لها مستودعات خاصة لحفظها ـ بصفة مؤقتة ـ وقد كان للأستاذ/ صدقة عباس براشي مدير مكتب الآثار بمكة المكرمة ـ آنذاك ـ جهد موفق في مباشرته العمل ليل نهار وتكلفه بنقلها والإِشراف عليها حتى وصلت إلى هذا المكان المناسب في جدة (1) . هذا ومن باب التوثيق الرسمي والأدبي بهذا الخصوص فإنه يمكن التنويه أنه بمراجعة الأوراق الخاصة بهذا العمل في أرشيف وكالة الآثار والمتاحف تبين وجود محضر مدون يفيد بأن الدكتور باسم صالح زكي (أحد خبراء المخطوطات والكتابات الكوفية من متحف جامعة هارفرد) شارك (وبتوجيه خاص) في حصر وتوثيق الأحجار الشاهدية مع الأستاذ صدقة براشي وذلك في المدة من 7/7/1404 هـ إلى 28/7/1404هـ ووقع محضر بذلك من الطرفين متضمناً تعهداً من الدكتور باسم صالح زكي بتقديم تقرير مبدئي للمعلومات الأوليَّة عن الشواهد الحجرية مرفقاً به القوائم الكاملة بأعدادها والصور الفوتغرافية والشفافيات وشريط فيديو يوضح مراحل العمل الأثري لأعمال التوثيق ونقل الشواهد. وكان من المؤمل أن تسلم الأعمال التوثيقية في غضون شهر من توقيع المحضر المؤرخ في 6/8/1404 هـ (الموافق 6 مايو 1984م) ولكن ذلك لم يتم ولم تتلق وكالة الآثار والمتاحف أي معلومات تذكر عن الموضوع بالرغم من التعقيب الكتابي مع جامعة هارفرد في 10 أغسطس 1984م.
وبقيت الأحجار الشاهدية في مكانها دون دراسة أو تصنيف، لا يطلع عليها إلاّ المختصون في علم الكتابات الإِسلامية. ولم يعرض منها في المتاحف إلاَّ أعداد محدودة في متحف قصر خزام، ولاحقاً في المتحف الوطني بمركز الملك عبد العزيز التاريخي الذي افتتح في الخامس من شوال 1419هـ الموافق 22 يناير 1999م بمناسبة مرور مئة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية.
وكان من أوائل الباحثين الذين اطلعوا على مجموعة الأحجار الشاهدية هو الباحث عبد الرحمن بن علي الزهراني، الذي اختار من هذه المجموعة مئة حجر شاهدي وأجرى عليها دراسة علمية مفصَّلة تحصل فيها على درجة الدكتوراه من جامعة الملك سعود عام 1418هـ /1998م، وكانت عنوان الرسالة ((نقوش إسلامية شاهدية من مكة المكرمة (ق1 ـ 7هـ/7 ـ 13م) دراسة تحليلية مقارنة)) وصدرت الرسالة مؤخراً مطبوعة في كتاب بعنوان: كتابات إسلامية من مكة المكرمة (ق1 ـ 7هـ/7 ـ 13م)، من نشر مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإِسلامية (1424هـ/2003م)، وسنشير لاحقاً إلى الكتاب المطبوع في هذه الدراسة.
ونظراً لأهمية هذه النفائس الأثرية فقد حرصت وكالة الآثار والمتاحف مع نهاية عام 1417هـ (1997م) على تسجيل هذه الأحجار الشاهدية وتوثيقها، بعد موافقة معالي وزير المعارف (التربية والتعليم الآن) ورئيس المجلس الأعلى للآثار الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد. وتم تشكيل فريق عمل من الباحثين بإشرافنا يضم كلاً من: الأستاذ خليفة بن عبد الله الخليفة (رئيساً للفريق) ـ الأستاذ عبد الله بن سليمان الهدلق (عضواً) ـ الأستاذ عبد العزيز بن فهد النفيسة (عضواً) ـ الأستاذ محمد عبد العزيز (رساماً) ـ الأستاذ نبيل الشيخ (مصوراً). وقد شارك في عملية التسجيل والتوثيق كلٌ من الأستاذ عبد الرحمن بن محمد الغامدي مدير المتحف الإِقليمي بجدة والأستاذ حسين بن علي القناوي (باحث آثار)، كما أسهم مشكوراً الأستاذ الدكتور ناصر بن علي الحارثي أستاذ التاريخ والحضارة بجامعة أم القرى بالمساعدة في مراجعة وقراءة بعض هذه النقوش.
كانت مهمة الفريق تسجيل جميع الأحجار الشاهدية وتوثيقها وتصويرها وتفريغها على أوراق شفافة لتسهيل تتبع النصوص المنقوشة عليها، وتوضيح أشكال حروفها وعناصرها الزخرفية. وقد بلغ عدد الأحجار الشاهدية التي تم توثيقها خمسمائة وستة وثمانين حجراً شاهدياً منقوشاً، إضافة إلى بعض الأجزاء من الأحجار الشاهدية التي بقي عليها نصوص كتابية. ولا شك فإن إصدار هذه المجموعة في سجل وثائقي خاص سيخدم الباحثين والدارسين، لكون الشواهد الحجرية تُعد وثائق أصلية يعتمد عليها في علم الآثار والدراسات التاريخية والحضارية والثقافية والاجتماعية لما تحويه من معلومات تتعلق بالشخصيات المذكورة أسماؤهم على الشواهد الحجرية، ومراكزهم الاجتماعية وأنسابهم وألقابهم وكناهم، والآيات القرآنية، والأدعية، وتطور الخط وأساليب تنفيذه، وأسماء الخطاطين، وأنواع الزخرفة الخطية التي تبين شخصية الخطاط وبراعته في الفن الإِسلامي خاصة وأن مصدر هذه الأحجار الأساس من مكة المكرمة منطلق الرسالة المحمدية التي عمت أرجاء العالم. ويمكن للباحثين أيضاً ومن خلال هذه المجموعة الكبيرة دراسة أدوات وأساليب تهذيب الأحجار ونحتها وأماكن قطعها والأدوات المستخدمة في نقشها.
وهناك ظاهرة تبينت لفريق العمل في أثناء التوثيق والتصوير وهي أن بعض الأحجار استخدمت شواهد لأكثر من مرة بمعنى أن الحجر الواحد استخدم على وجهين نقش عليهما نصوص كتابية توضح فترات زمنية متعاقبة.
لقد بذل فريق العمل جهداً كبيراً في تصوير هذه المجموعة وتفريغ نصوصها قدر الاستطاعة لكون بعض واجهات الأحجار تأثر بسبب عوامل الطبيعة من تآكل وطمس، ومن بين هذه المجموعة أحجار شاهدية تحتاج قراءتها إلى وقت طويل من البحث، وتمييز النصوص فيها سواء كانت أدعية مأثورة أم أبيات شعرية صعب على الفريق بسبب رداءة الواجهات الحجرية أو لتقارب الحروف وصعوبة تتبع النصوص كاملة. وفي هذه الحالة تم الاكتفاء بقراءة أجزاء من النصوص مع وضع الصورة وشكل الحجر ورقم تصنيفه. ونحن على ثقة بأن أساليب التصوير العصرية ستساعد مستقبلاً على الكشف عن هوية النصوص التي لم نتمكن من قراءتها بوضوح. وبالنسبة للنصوص التي لم نتمكن من قراءتها بالرغم من وضوحها بعض الشيء فتترك للباحثين والدارسين الانكفاء عليها ومطابقتها مع المصادر التاريخية والأدبية وكتب التراجم وغيرها ودراستها بشمولية.
هذا وعند الشروع في تهيئة هذا السجل الوثائقي للطباعة رأينا من المفيد وضع مقدمات موجزة تسبق استعراض النقوش الشاهدية وذلك حسب الآتي:
أولاً : مكة المكرمة وأشهر مقابرها.
ثانياً: الخط العربي ونشأته.
ثالثاً: أبرز أنواع الخطوط المنقوشة على هذه المجموعة
وبعد هذه المقدمات تم الشروع في قراءة الأحجار الشاهدية حسب ترقيمها في القائمة. وفي الختام لا بد من تقديم الشكر والتقدير لمعالي وزير التربية والتعليم الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد على تشجيع معاليه لإِخراج هذا السجل التوثيقي للباحثين والدارسين. وكذلك نزجي خالص الشكر للأستاذ الأديب عبد المقصود محمد سعيد خوجه على تفضله بتمويل الطباعة على نفقته الخاصة إيماناً منه بأهمية هذا العمل وضرورة التعريف به لصلته بتاريخ مكة المكرمة وحضارتها الإِسلامية. كذلك نشكر الأستاذ الدكتور أحمد بن عمر الزيلعي على إعداد التقديم العلمي لهذا العمل، والشكر موصول لأعضاء الفريق على ما بذلوه من جهد، وللأستاذ الدكتور ناصر بن علي الحارثي على ما قدم من عون ومساعدة، وللأستاذ صدقة عباس براشي مدير مكتب الآثار بمكة المكرمة (سابقاً) نقدم شكراً خاصاً على إخلاصه وتفانيه في إنقاذ هذه النفائس وتحمله مسؤولية المحافظة عليها.
والله ولي التوفيق،،،،
أ. د. سعد بن عبد العزيز الراشد
وكيل الوزارة للآثار والمتاحف
 
طباعة

تعليق

 القراءات :4112  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 2 من 67
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.