شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مدينة الطائف
كانت مدينة الطائف (1) تنحصر بين أربعة أبواب كسوار بمعصم حسناء باب شبرا، وباب الريع وباب ابن عباس وباب الشرفية، فتقع كل مبانيه داخل هذه الأبواب الأربعة، وفيها سكنى أبناء الطائف وهو سكنى المصطافين الذين يردونه من كل أنحاء المملكة أيام الصيف وكان مسجد ابن عباس رضي الله عنهما داخل السور.
أما ما عدا هذا من الناحية الغربية إذا خرجنا من باب الريع فتطالعنا البساتين المنتشرة على مد النظر وهي في امتدادها بدءاً من باب الريع ومنطقة السلامة إلى مناطق المثناة
هكذا الطائف كان الـ
ـروض في ظل وخضرة
منتدى الأحباب في الصيـ
ـف لهم فيه مسرة
بين أشجار وماء
يُجتنى الورد وزهره
وتمتد البساتين حتى مسيال وادي وج وهي كثيرة الشجر كثيرة الحمام فقد أذكرني قول أمية بن حرثان:
إذا هتفت حمامة بطن وج
على بيضاتها ذكرا كلابا
إذا هتفت تعطفاً وسروراً وحناناً على بيضاتها يذكر أن عندئذٍ ولدهما كلابا وقصته مشهورة.
كان وادي وج ملتقى الأصدقاء ومسرح الشباب في عصر كل يوم وكانت الطائف في صيفية الستينات أكثر رواداً ولاسيما أن بعض الدوائر الحكومية وعلى رأسهم جلالة الملك والكثير من الدوائر ذات العلاقة بالدولة من رسميين وموظفين يقضون الصيفية بالطائف فتشهد وأنت منهم مظاهر جميلة يَلْتَمُّ فيها الأصدقاء والأحباب من هنا وهناك فيسرحون ويمرحون وتعقد بين الكثير منهم جلسات أنس ومذاكرة وسهرات شيِّقة إلى ما شاء الله من الليل وربما تعدت الهزيع الثاني من الليل.
كان الأقوياء من الشباب يغشون وادي وج أما الذين تخونهم حركة السير وتقعد بهم القوائم فمسرحهم المثناة أو الردف وما أدراك ما المثناة.
(2) المثناة: من ضواحي الطائف وكانت الزهرة من بساتينها المشهورة...
أذكري المثناة والزهـ
ـرة يغشاها الأحبه
حيث كان الهمس والنجـ
ـوى وأحلام المحبه
تجمع الأحباب في صفـ
ـو ينسى القلب غلبه
أمسيات الصيف في الطـ
ـائف تجلو كل كربه
... وكان مستشفى الملك فيصل في المصيف عبارة عن دور واحد يقع بين محلة اليمانية والشرقية كما هو الآن في موقعه.. باستثناء مبناه الحالي فقد تطوَّر منظراً ومخبراً.
أما محلة اليمانية فتحتل الواجهة منها بعض البيوت الكبيرة التي توحي بطابع البيت الحجازي المعروف ويمتلكها الدكتور خيري القباني وآل إسماعيل.
وما بعد هذه البيوت فعبارة عن ساحات فسيحة وأحواش ودواوين مبنية باللبن وفي كل ديوان فسحة ترتكز في جانب منها "شجرة عنبة" وكان الوقت يومئذٍ صيفاً وفي الشتاء يتحول الطائف بكل ما فيه أرضاً وسماء بناء وشجراً سهلاً ووهاداً إلى قطعة من صقيع يذكرني بقول المتنبي في لقائه مع ابن هاني الأندلسي حينما التقيا على سيف من البحر في فصل شتاء.
فقال المتنبي... نسج الريح على الماء برد
فأجابه ابن هاني... يا له درعاً حصيناً لو جمد
وللذكرى كنا في موسم الصيف وفيه فاكهة "البرشومي" وحبنا للبرشومي وهو ما يعرف (بالتين الشوكي) في وقته يدفعنا إلى تناوله بشهية ولكن.. أنى لنا ذلك فشدة البرد ليلتها تحول بيننا وبين تناوله مع أن الوقت صيف عام 1360 هـ زد على ذلك أن الجو في الصيف يشبَّع بريح المعصرات التي تأتي بالمطر غالباً أو تستنزل قطراتها رذاذاً.. وقد تبدَّل الوضع الآن فسبحان مغيِّر الأحوال.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :847  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 333 من 414
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.