في مكة آبَار وعيون اندثرت
(1)
|
في التعقيب الذي كتبه الأستاذ عبد الله عريف أمين العاصمة بجريدة الندوة الصادرة يوم الاثنين 22 - 10 - 1387هـ.. توضيحاً لما كتبته في عدد سابق عن المياه المحجوزة في أعالي مكة استعرض سعادته الإجراءات التي اتخذت بناء على اهتمام جلالة الملك المعظم حيث أوكل جلالته حفظه الله لسمو وزير المالية مهمة الإشراف على تنفيذ التوصيات وتأسيس مكتب خاص للإشراف على السيول في مكة وجدة تابع لوزارة المالية والاقتصاد الوطني لتنفيذ الأعمال المطلوبة بواسطة الشركات الفنية بحسب البيانات التي أوردها سعادة الأخ العريف ومنها تعميد اللجنة الاستشارية الباكستانية للعمل مع شركة واطسون وخبراء مختصين وجيولوجيين من وزارة الزراعة وأهل الخبرة.. وهذه بشرى عظيمة يتقبلها سكان البلد الحرام بكثير من الغبطة والارتياح. |
وقد التقيت الكثير من الإخوان الذين لهم تعليقات على ما كتبه فبعضهم ذهب إلى ما ذهبت إليه عن المياه المحجوزة من فائض العمارات ودلل على تأييده بالمياه التي تنساب الآن من جبل أبي قبيس في منطقة كوبري الصفا.. من فائض العمارات المقامة على الجبل.. وبعضهم الآخر ومنهم الزملاء أعضاء المجلس البلدي في مكة أصروا على أن المياه المتجمعة في منطقة المعلاة هي من فائض تسرب دبول ومواسير عين زبيدة حيث أكد سعادة مدير عام عين زبيدة بأن الخراب في الدبل الرئيسي بعد الأمطار التي هطلت قبل عامين وخربت سيولها المجرى لا يزال على ما هو عليه.. وفريق ثالث أكد أيضاً ما أشرت إليه عن وجود عيون مطمورة تنبع من جبال وشعاب أعالي مكة اندثرت مجاريها.. وبعد الأمطار الأخيرة تغذت روافد العيون وبدأت تأخذ طريقها في جوف الأرض بعد أن تعرضت لها أساسات العمارات الضخمة التي أقيمت على جوانب وادي إبراهيم وفي سفوح جبال خندمة وما قابلها من جبال في الجهة الغربية لمسيل الوادي. |
ولقد رجعت إلى كتب التاريخ القديم.. ومنها (أخبار مكة للأزرقي) فوجدت أن آباراً وعيوناً اندثرت في مكة وأن إحدى وعشرين بئراً كانت قد حفرت في أماكن مختلفة من شعاب مكة وضواحيها وكلها كانت تسقي الحجيج وتروي سكان البلد في أيام السنة ومنها على سبيل المثال: |
1 ـ (بئر العجول) حيث قال بعض أهل العلم أن قصي بن كلاب حفر بئراً في مكة لم يحفر أول منها وكان يقال لها العجول كان موضعها في دار أم هانئ بنت أبي طالب (بالخرورة) عند باب الوداع وقد دخلت هذه البئر في المسجد الحرام في زيادة المهدي الثانية. وحفر بدلها بئراً على باب البقالين. |
2 ـ (بئر سجله) وهي بئر جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف دخلت في دار أمير المؤمنين التي بين الصفا والمروة.. وكانت البئر شارعة في المسعى. وكانت برباط السدرة المعروفة (برباط قايتباي) وكانت تسمى أيضاً (بئر بني نوفل). |
3 ـ (بئر أم جعلان) وكانت لبني عبد شمس موضعها دخل في المسجد الحرام. |
4 ـ (بئر الجفر) وقد حفرها أمية بن عبد شمس في وجه المسكن الذي كان لبني عبد الله بن عكرمة بن خالد بن عكرمة المخزومي بطرف أجياد الكبير ثم اشترى ذلك المسكن ياسر خادم زبيدة فأدخله في المتوضأة التي عملها على باب أجياد الكبير. |
5 ـ (بئر شفيه) وكانت لبني أسد بن عبد الفرى موضعها في دار أم جعفر ويقال لها أيضاً (بئر الأسلاد) وكانت في الجانب الغربي من المسجد الحرام بين باب الخياطين وباب بني جمح ثم دخلت الدار في المسجد.. ولعلها المعروفة الآن ببئر (الداوية). |
6 ـ (بئر عكرمة) بالشعب الأيسر بأجياد الصغير بجانب جبل الخندمة. |
7 ـ (بئر شوذب) وكانت عند باب المسجد الحرام - باب بني شيبة - فدخلت في المسجد الحرام حين وسعه المهدي في خلافته سنة إحدى وستين ومائة. |
8 ـ (بئر بزر) حفرها هاشم بن عبد مناف وقال حين حفرها لأجعلنها للناس بلاغاً. وروي عن أبي عبيدة أنها عند خطم الخندمة على فم شعب أبي طالب - شعب عامر - وهي المعروفة اليوم (ببئر الحمام). |
هذه بعض من الآبار التاريخية التي كانت داخل المسجد الحرام وحوله وبعضها كان في أعالي مكة. وسأورد في بحث لاحق ما سجله التاريخ عن آبار أخرى وعيون في مكة أملاً أن يكون بحث الفنيين والاستشاريين شاملاً. لتقرير إمكانية الاستفادة من هذه الآبار والعيون المطمورة لتجميعها فنياً والاستعانة بها في صرفيات العمارات الكبيرة التي أقيمت في مكة في القرن الحالي ومقابلة التوسع المرتقب لها. |
|