شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رحلة إلى القمر
تَصورتُها رحلةً لِلقَمَرْ
على مَرْكِبٍ جَرمُهُ مِنْ خَطَرْ
إذا انفَكَّ حَلَّقَ نحوَ الفَضَاء
وَزَمجَرَ تَقذِفُهُ بالشَّرَرْ
وَمَنْ خَلفِهِ السُّحْب سُحْبُ الدُّخَان
تَلاطَمَ كَالموج أَوْ كَالبَحَرْ
هُوَ السَّهْمُ لا الطَّيرُ يُرْمَى مَدَاهُ
هُوَ البَرْقُ أَوْ صَاعِقَاتُ المطرْ
هُوَ العِلمُ في عَصرنَا قد أطاحَ
بكُلِّ خَيال بعَقْل البَشَرْ
فَهذِي الحقيقةُ لَوْ قُلْتَ عَنْهَا
لمنْ عَمَّرَ الكَوْنَ فيما غَبَرْ
لقالُوا جُنونٌ بَلِ الترهَات
وَوَهْمُ الخَيَال وَكِذْبُ الفِكَرْ
فَمَا أبْعَدَ النَّجْمَ في ظَنِّهمْ
فَكَيفَ يُصَدَّقُ غَزْوُ القَمَرْ
تَصورتُ في رحْلَتِي أنّني
وحيدٌ فَأينْ رفَاقَ السَّفَرْ
تَعَوَّدْتُ صُحبَتَهُمْ دَائِماً
على الدَّرْبِ أَوْ حينَ يَحلو السَّمرْ
فَقَبْلَ الطَّريق تحرِّي الرَّفِيق
وَمَنْ فَقَدَ الصَّحْبَ لاقَى الضَّجَرْ
فَأَقْدَمْتُ والخوْفُ بينَ ضُلوعِي
أُصَبِّرُ نفسي لِنَيل الوَطَرْ
وَوَدَّعْتُ في الأرْض أَهْلي وَصَحْبي
وَسَلَّمْتُ والدَّمْعُ مِني انْهَمَرْ
وَشَاهَدْتُ مِنْ حَوليَ الكونَ طُولاً
وعرضاً وحقّقْتُ فيه النَّظَرْ
رأيتُ الجبَالَ وكُلَّ البحَار
مَعَ الأرض والنَّجْم مِثلَ الدُرَرْ
وفَوقَ السَّحابِ رَأيتُ الضَّبابَ
على الأُفْق والغَيمُ فيهِ انْتَشَرْ
تَأمَّلْتُ في مَلَكُوتِ السَّماء
وفي حُسْنِهِ قَدْ صَرَفْتُ البَصَرْ
وَرَدَّدْتُ في الجَوِّ آيَ الكِتَابِ
بمَا اشْتَمَلَتْ مِنْ مَعَان غُرَرْ
وَكانَ سَنَا الشَّمس يَغْشَى الوُجُودَ
ويُضْفِي عَلَى الأرض لوْناً نَضِرْ
وَقِيلَ بأنَّا عَبرْنَا الفَضَاءَ
وقَدْ لامَسَ الجُرْمُ سَطْحَ القَمَرْ
فَأبْصَرْتُ في الكَوْن الأَرْض حَوْلي
صُخُوراً تَفَتَّتَ فيها الحَجَرْ
سَمعْتُ صَدًى خِلتُهُ نَغمَةً
عَلى مَزْهَر شَاعِري الوَتَرْ
وَأَرْهَفْتُ سَمْعِي علِّي أَبينُ
كَلاماً كَهَمْس النَّسِيم العَطِرْ
وقَدْ كَانَ صَوتُ الأَراضِي هُناكَ
تَئِنُّ وَتَشْكُو طُغَاةَ البَشَرْ
فَهُمْ مَلأَوا الأرضَ ظُلماً وَحِقْداً
وفي أرْضِهمْ كُلُّ شَرٍّ ظَهَرْ
فَلا الجَارُ يَأْمَنُهُ جَارُهُ
وَلا الحَقُّ لِلضُّعَفَاء انتَصَرْ
فقدْ مَلأَ الجورُ كُلَّ البسيطةْ
وقَدْ أصبحَ العَدْلُ فيمَا نَدَرْ
فكيفَ بهم إذا أََتَوْا لِلْفَضَاء؟
وَعَاثُوْا فَسَاداً بفِعْل نكرْ
وهُمْ عَامِلونَ لِسَفْكِ الدِّمَاء
ولِلحربِ بالَّلهَبِ المسْتَعِرْ
نَخافُ على أرضِنَا مِنْهُمُو!!
وفي غَزْوهِمْ بُؤسُنَا المنْتَظَرْ
فَعُدْتُ طَريقي إلى الأرض خَوفاً
فإني خَشِيتُ المصيرَ الخَطِرْ
وَأَغمضْتُ عَيني كَيْمَا أَنَامَ
وكَيفَ يَنَامُ الشَّجي الحَذِرْ
تَصورتُهَا رحْلَةً في المنَام
سَعِدْتُ بهَا مَرَّةً في العُمُرْ
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :586  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 155 من 414
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.