شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ وكتب الأستاذ ((علي محمد الرابغي)):
ـ (آنَ للفارس أن يترجل) عبارة شقت عنان التاريخ، إقترنت بالبطل التاريخي عبد الله بن الزبير، وأطلقتها سيدة من سيدات العالم الإسلامي أسماء بنت أبي بكر، لتستقر في مسمع العالم، ولتكون أداة تعبير تسعف في مثل هذه الحالة.
نعم.. الزيدان يرحمه الله، كان فارساً من فرسان الحكمة والكلمة، ذو نكهة متميِّزة فاق بها أقرانه، فلقد كان صاحب أسلوب متميز، وهو فوق ذلك أستاذ في التاريخ لا يدانيه أحد من معاصريه، خاصة وأنه أجاد التعبير في تاريخ الشخصيات.
الأستاذ الزيدان كان يقرِّبُك من الشخصية الإسلامية حتى وكأنك تعيش معها وجهاً لوجه، وأحسب أن ذلك تفوُّق لا يشك فيه أحد.
ألتقيته قبل نحو 35 عاماً، عندما كان مسؤولاً عن تحرير البلاد، وكان يلتقي بلطفه وأبوَّته بالكثير من جيل هذه الأيام بمطابع الأصفهاني.. كنا نتجمهر حوله فيتسيّد المكان والزمان والحديث.
ولم يكن الأستاذ الزيدان، رغم إرثه التاريخي الطويل، تقليدياً.. وإنما كان متجدداً في ثقافته، وفي عطائه.. يسخِّر أرثه، وكنوزه من الثقافة التاريخية العريقة، لتبلور الحاضر بكل معطياته وإبداعاته الجديدة.. من هنا كان يحتوي كل المواقف، ولا يجد الشباب حرجاً لمحاورته.. فلقد كان الأستاذ الزيدان يمتلك قدرة فائقة على السيطرة على الأجواء.
الزيدان كان لا يستخدم قلمه، وإنما كان لسانه قلمه.. كانت الآلات تنصت بحب له: متحدثاً من خلال التلفاز، أو من خلال المذياع.. فيتحدث وكأنما يغرق في بحر.. كانت العبارة الزيدانية تمتاز بالرشاقة، وبالتوافق وبالطباق.. وكان يسعدنا في كثير من الأحيان إذا ما لجأنا إليه سائلين عن أي مسألة لغوية أو بلاغية، وكان لا يجد غضاضة في أن يطلب الوقت ليلجأ إلى المراجع ليبحث عن تفسير لما نسأل، وكأنه بذلك يلقن طلبته درساً في كيفية البحث والتعامل مع أمهات المراجع.
لقد كان الزيدان بحقٍّ كنزاً علمياً معرفياً متحركاً، له سحره وجاذبيته، يسود المجالس، ويجيد إستقطاب اهتمام الناشئة وإعجابهم.
لقد افتقدت الساحة الأدبية، والساحة الثقافية والفكرية، فارساً من أبرز فرسان الكلمة، وأحد الذين عقدوا صداقة متينة مع التاريخ.
كان كتاباً مفتوحاً للتاريخ - تاريخ الأمة الإسلامية - بما يحفل به من أمجاد، وبالذات تاريخ الشخصيات التي ضربت جذورها في تربة هذا الوطن، منذ أشرقت أنوار الرسالة المحمدية.. وتاريخ الفكر السياسي والثقافي بالمنطقة.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :522  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 451 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج