شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ كتب الأستاذ/محمد عمر توفيق:
لم يسعني أن أبكي أو أحزن كما لا يسعني أن أفكر بما هو أدهى وأمرُّ من الحزن والبكاء في تاريخ طويل عريض يمتد نحو ستِّين عاماً.. كنت أقف في أولها على مدرج الناشئة، وكان هو يخطب ويدندن في قمة الشباب اللامع يومها.. ثم في إطار الوظيفة.. ثم في عالم القلم والصحافة.. ثم فيما هو أهم وأقوى من رباط الأخوة التي كانت تقوى وتمتد في هذه الأثناء، فنحن مع بعضنا بها وفيها شيء موحد، وإن افترقنا أو تباعدت سبلنا على مرِّ الأيام.
كان هو فينا أنا وشلة الأصدقاء الذين كنا نلتف حول بعضنا، وهو في مقدمتنا - وإن نأت أو قربت الدار - كان هو الذاكرة التي لا تنسى، والمرشد الذي لا يضيع بين تخبطات الفكر ومتاهات الخاطر والوجدان.
كان يذكر ما ننسى، ويعلم ما نجهل، ويقول، فإذا هو كالمرجع في كل ميدان، حتى فيما يلوح أنه بعيد عن الاختصاص فيه.
كنا لا نكاد نفترق عن بعضنا إلاَّ لنذهب لما يشغل كلاًّ منا نهاراً أو ليلاً.. ثم نحن مع بعضنا في هذه الأثناء بقلوبنا التي اتصلت ببعضها لا يباعدها شبح الجسم أو خيال الكيان.. وتقاذفتنا الحياة بعد ذلك، فلم تعد لقاءاتنا إلاَّ على دندنة الخواطر في قلوبنا.. نتحدث عبر الهاتف، أو عبر لقاءات خاطفة، كما هي سنة الحياة بعد تطورها إلى الأحط أو الأرقى كما قد نتصور الظنون!
ثم لا أدري كيف انتقل من دوامة أفكاري التي أكاد أتلاشى فيها وبها، وقد نعاه الناعي وفاجأني النعي، وكأنني لم أتوقعه منذ استغرقت الصديق الراحل إلى جوار ربه الأستاذ محمد حسين زيدان حالته الأخيرة بين المستشفى والبيت كل يوم.
كان هو يتوقع الموت، ويذكر توقعاته لبعض من يسمعونه على ندرة لقاءاته، بل تعذرها منذ حين لما كان يحسه من معاناة الألم والمرض، فلم يعد يطيق لقاء الناس، وهو الصبور الحساس.
وهرعت لأفكاري على نحو مما أسلفت..
لقد كان فينا يروي دائماً طرائف من الشعر والنثر عن الموت قاهر الأحياء، كالطرائف التي كان يرويها عن الحياة..
وما أكثر ما كان يروي عن الموت والأموات، وعن الحياة والأحياء.. وفي دنيا التاريخ والأدب والأنساب..
كان موسوعة مدهشة بغزارة المادة، ووفرة المعلومات، وكان ما كان.
ولا أدري ماذا أكتب وأقول، في كلمة كهذه أكتبها على عجل، وقد أذهلتني المفاجأة، مع أن الموت متوقع لا شك فيه، وشدتني اللوعة إلى أن أذرف أفكاراً مختصرة مرتجلة كهذه من طراز الدموع.. غير أن الالتياع أشد وأنكى.
أسأل الله الصبر والرحمة لأهله، وأولاده وأصدقائه، وأن يعظم أجرهم، ويحسن عزاءهم، وأن يتغمد الفقيد برحمته ورضوانه.. وأن يرحمنا جميعاً.
* * *
ـ أما رأي الأستاذ ((الزيدان)) في صديقه ((محمد عمر توفيق)) فقد قاله من قبل:
ـ إذا قالوا الأسلوب هو الرجل فإن أسلوب محمد عمر أطلعه علينا رجلاً، وما زال شاباًَ له أسلوب رائع ناثر ممتاز، يعتد برأيه ولا يتنكر لرأي الآخرين، كتب نفسه حين ثقف نفسه!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :656  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 432 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

أحاسيس اللظى

[الجزء الثاني: تداعيات الغزو العراقي الغادر: 1990]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج