أوشك القلب أن يطير سرورا |
فرحاً عامراً، وشوقاً جهيرا |
ودنا العهد باللقاء فأضحى |
كلّ نبض في مهجتي: تكبيرا |
وامتطيت الطريق لم أجد الأر |
ض تراباً بل لؤلؤاً منثورا |
وتشممت للنسيم عبيراً |
خلته المسك: نفحة وبخوراً |
وظننتُ الرِّكاب تحتي بساطاً |
من نسيج الهوى يشق الأثيرا |
وإذ أسكر الوصال فؤاداً |
أيقظ الحس: نشوة وحبورا |
وأضاء الرؤى حواليه حتى |
يحسب الرمل، والحِصِيَّ: زهورا |
وتَجَلَّت - على شعاع المعاني - |
ظلمة الليل: بكرة وسفورا |
يا ضياء النبي، قد شمل الدر |
ب، وقلبي، والكائنات غميرا |
شهد الله ما خبت جذوة الشو |
ق: هياماً، يغشى الفؤاد ونورا |
غير أن اللقاء من قدر اللـ |
ـه: كتاباً مُوقَّتًا مقدورا |
شهد الله ما ذكرتك إلا |
سابق الدمع منطقي: التعبيرا |
كل ما فيّ من بناء المعاني |
عاشق بات في هواك أسيرا |
كيف يسلو ذكر الحبيب محب |
عالج الشوق عشوة وبكورا
(1)
|
مجده في الغرام أنك ترضى |
والرضى منك مُنْيَةٌ لن تبورا |
أنت من شَعَّ بالمحبة في الأر |
ض، وبالبِرّ، والرِّضاء: بشيرا |
وإسارُ الحبيب أسمى عطايا |
ه، وأحلى سلطانه: تصويرا |
إنه الوصل، في أدقِّ معانيـ |
ـه: اجتذاباً، وحظوة، وشعورا |
والحبيب الكريم يأسر بالمنـ |
ـح - كريماً - يأبى الجفا والغرورا |
ولقد يصبح اللئيم كريماً |
إن دعا بالغرام قلباً كبيرا |
يا نَجِيّ العشاق في ساحة اللـ |
ـه - على حُبِّه -: بشيراً نذيرا
(2)
|
شفني الوجد والهموم حواليّ |
- مدار يؤذي النهي، والضميرا |
أي حال المحب أدْعا إلى العطـ |
ـف، وقد شارفت مناه القبورا |
كاد أن يسأم الحياة، ولكن |
في بناء الحياة، يرجو النشورا |
أنا أرضى البديلَ عنها إذا كا |
ن فداءً، ولا أريد شكورا |
هو حق في ذمة المؤمن الحق |
- وعقبي، فما سواها مصيرا |
فلتكن فدية "الحقيقة" في الأر |
ض، وقد صارت "الوقائع" زورا |
ها هو "الشرق" يحضن "الغرب" فينا |
فإذا "الجمع" للعدو ظهيرا |
لا عداء لذات أشخاصنا.. اليو |
م - ولكن لغابر أن يثورا |
نحن أدنى من العداء إذا |
- دمنا كما نحن: أمة، وأميرا |
وارتخاصاً لضعفنا، فالضَّعافى |
لا يُرَجَّوْن: غُيَّباً، وحُضورا |
"والسياسات" منطق الخوف والقو |
ة إن جاء: سافراً أو ستيرا |
فإذا هَزْهَزَ القويُّ ضعيفاً |
فلأمر هَزّ الكبير الصغيرا
(3)
|
"وفلسطين" للغريب ديار |
وبنوها مُشَرَّدُون: طيورا |
خلدوا للهوان نفساً وعيشا |
فانقضى العمر ذلة وفُقورا
(4)
|
واستكانوا إلى رفاق على الذل |
- ولا يفلح الذليلُ مجيرا |
غير أن الهوان إن حرق القلـ |
ـب فقد يصبح الضِّرام سعيرا |
ليس من مُنقِذٍ على الجوع - إلا |
"ثورة الجوع" ناقماً مسعورا
(5)
|
ليس من مُنْقِذٍ - من البغي - إلا |
"ثورة الحق" قاهراً منصورا |
وأرى بارقَ الرجاءِ لميعا |
ولقد يكسر الرِّشاءُ الصُّخورا |
وإذا أشرق الصباح على الكو |
ن، فلا بُدَّ للدجى أن يغورا |
وأرى "الفتح" موشكاً أن يواري |
غاصبي الأرض في التراب النحورا |
أيرى المسجد الذي بارك الله |
- حواليْه: غمة وكُدورا |
وبلاد الإسلام مشغولة عنـ |
ـه، وإن فاضت النفوس زفيرا |
وصراخ الضعيف يجرح شِدْقَيْـ |
ـه، ولكنّ للقويّ زئيرا |
ومواء "السِنَّوْرِ" لا ينفث الرعـ |
ـب، وإن ردد المواء كثيرا
(6)
|
غير أن "السباع" تُخشى وإن لم |
تبد أنيابها، ولو تكشيرا |
إن غَمْزَ القويّ أوفى بمعنا |
ه، ولا يحسن الكبارُ الصفيرا |
كل صقع فينا لديه شؤون |
شغلته عن "الجهاد" فتورا |
لست من يطلب الكمال من النا |
س، ولا كنت حانقاً موتورا |
كذب الحاقدون من قولة الحق |
- وقد توغر الحقوق الصدورا |
من يجد في الحلال كسوا وشربا |
وغذاء، فما شكا التقتيرا |
والذي حَظُّه كحظّيَ في القو |
م فقد كان حظُّه موفورا |
وكفاني صدق الحديث فخارا |
إن بها بالكِذاب غيري فخورا |
والكمال البريء من كل عيب |
أمل تائه يعيش السطورا |
فالشعوب التي تهيمن على الأر |
ض، وليست أقلَّ منا شرورا |
عرفت كيف تجمع النقيضين فيها |
فاستقامت أمورها: تقديرا
(7)
|
أخذت من "تراثنا" ما استفادت |
وأخذنا منها، البلاء الخطيرا |
ثم زادوا على "التراث" كثيرا |
وحملنا عبء "التراث" ثُبورا |
وأسأنا صلاتنا بقديم |
منطقاً قاصراً، وعقلاً حصيرا |
وركضنا إلى الجديد حيارى |
فخطفنا من الجديد القشورا |
وأخذنا بلاءهم، وجهلنا |
فيه تدبيرهم: هوى مستطيرا |
وإذا أسرف "البُداةُ" بخير |
أو بشر سال المَدِيُّ غزيرا
(8)
|
أيها النائمون!. هلا أفقتم! |
قبل أن تهدم الرياح الدورا |
أنا لا أشتهي الضرار عليكم |
أنا أخشى أخشى: الصَّبا والدبورا
(9)
|
لو صحونا - على الهدى - وصحوتم |
لانتفى الخلف بيننا مدحورا |
واستقامت أمورنا من جديد |
وبدأنا - على طريق - المسيرا |
ليس في رجعة إلى الحق عيب |
إنما العاب من يظل خسيرا
(10)
|
كلنا موضع الخطيئة حتى |
جعل الله في المتاب طهورا |
ليس للشر أن تمطي حدود |
يستحي الشر عندها أن يغيرا |
لا تُقِلُّوا شأن الضعيف فما ظلَّ |
- صغيرٌ مدى الحياة صغيرا |
قد حقرنا شأن "اليهود" ورحنا |
نملأ الأفق بالوعيد: نثيرا |
فانتكسنا نشكو "اليهود" إلى الكو |
ن: عداة مستكبرين جسورا
(11)
|
و "ديان" الذي تذلل بالظلـ |
ـم "طويلا" و "بالضياع" صبورا |
نافج بالوعيد يملي شروطاً |
مزبداً، مرغياً: وُروداً صُدورا |
وانثنينا نرجو "الحلول" إلى السلـ |
ـم: طريقاً مُمَهَّداً وقصيرا |
وابتلانا العدو "شرقاً" و "غرباً" |
فازدرانا: الشهور تتلو الشهورا |
والذي هان للعزيز ذليل |
كيف من هان للذليل حسيرا
(12)
|
يا أبا المؤمنين عذراً ولكن |
هي نجوى قلب يخاف المصيرا |
كلنا نشتكي ونحسن في القو |
ل أنينا، وحَمْشةً ونكيرا |
نحن من ننتمي إليك اعتباطاً |
رغم ما ننتمي إليك: ظُهورا |
قد هجرنا "القرآن" روحاً ومعنى |
واتخذنا حروفه الدستورا |
ثم جئنا بما نشاء وقلنا |
كان هذا في ديننا مذكورا |
واشترينا الأقلام تكتب ما نمليـ |
ـه: جهلاً يهذي، وعلماً أجيرا |
فأسأنا التنفيذ حيناً ضلالا |
واقْتَرَفْنَا الأحكام حيناً فُجورا |
وإذا ساءت المقاصد ساءت |
سبل القصد عُنْوة ومُكورا |
وإذا المسلمون شتى: قلوباً |
وعقولاً: تباينت: تفكيرا |
فاختلفنا: رأياً، وعلماً، وفهما |
واختلفنا: عقيدة، وأمورا |
وشخصنا إلى السماء عيونا |
نتمنى على السماء النصيرا |
وإن خادع النفوسَ هوى النفـ |
ـس فهل يخدع السميع البصيرا |
أيها المسلمون: هذا كتاب |
فُصِّلَتْ آيهُ: سراجاً منيرا |
لا يصحُّ الخلاف حول "أصول" |
وضحت في كتابنا: تفسيرا |
وإذا مالت الغصون يميناً |
أو شمالاً، فلن تضر "الجذورا" |
واذكروا الله في اليسار وفي العسـ |
ـر فلم يكفكم سواه العسيرا |
ليس ذكر الشفاه فالذكر يعني |
عملاً صالحاً، وقلباً وقورا |
وإذا صحت القلوب من العلـ |
ـة لم تشتك الجسوم نفورا |
أنا لا أملك السلاح فليتي |
أَمْنَحُ القلب للجنود نميرا |
لست بالواعظ الذي يعظ النا |
س فلَمَّا أصبح بذاك جديرا |
ولو أن الوُعَّاظ في كل حَيِّ |
ما وجدنا لقولهم تأثيرا |
فقدوا الصدق مقصداً ولساناً |
وسلوكاً، ومنهجاً مستنيرا |
والذي تَشربُ القلوبُ فتُرْوَى |
هو ما كان للقلوب عصيرا |
غير أني قلب يفيض هموماً |
جاء في ساحة الحبيب نفيرا |
ومن الشكو ما يكون أنينا |
ومن الشكو ما يفوح عبيرا |
* * * |