شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عبير الشكوى
(في زيارة إلى المسجد النبوي الشريف)
أوشك القلب أن يطير سرورا
فرحاً عامراً، وشوقاً جهيرا
ودنا العهد باللقاء فأضحى
كلّ نبض في مهجتي: تكبيرا
وامتطيت الطريق لم أجد الأر
ض تراباً بل لؤلؤاً منثورا
وتشممت للنسيم عبيراً
خلته المسك: نفحة وبخوراً
وظننتُ الرِّكاب تحتي بساطاً
من نسيج الهوى يشق الأثيرا
وإذ أسكر الوصال فؤاداً
أيقظ الحس: نشوة وحبورا
وأضاء الرؤى حواليه حتى
يحسب الرمل، والحِصِيَّ: زهورا
وتَجَلَّت - على شعاع المعاني -
ظلمة الليل: بكرة وسفورا
يا ضياء النبي، قد شمل الدر
ب، وقلبي، والكائنات غميرا
شهد الله ما خبت جذوة الشو
ق: هياماً، يغشى الفؤاد ونورا
غير أن اللقاء من قدر اللـ
ـه: كتاباً مُوقَّتًا مقدورا
شهد الله ما ذكرتك إلا
سابق الدمع منطقي: التعبيرا
كل ما فيّ من بناء المعاني
عاشق بات في هواك أسيرا
كيف يسلو ذكر الحبيب محب
عالج الشوق عشوة وبكورا (1)
مجده في الغرام أنك ترضى
والرضى منك مُنْيَةٌ لن تبورا
أنت من شَعَّ بالمحبة في الأر
ض، وبالبِرّ، والرِّضاء: بشيرا
وإسارُ الحبيب أسمى عطايا
ه، وأحلى سلطانه: تصويرا
إنه الوصل، في أدقِّ معانيـ
ـه: اجتذاباً، وحظوة، وشعورا
والحبيب الكريم يأسر بالمنـ
ـح - كريماً - يأبى الجفا والغرورا
ولقد يصبح اللئيم كريماً
إن دعا بالغرام قلباً كبيرا
يا نَجِيّ العشاق في ساحة اللـ
ـه - على حُبِّه -: بشيراً نذيرا (2)
شفني الوجد والهموم حواليّ
- مدار يؤذي النهي، والضميرا
أي حال المحب أدْعا إلى العطـ
ـف، وقد شارفت مناه القبورا
كاد أن يسأم الحياة، ولكن
في بناء الحياة، يرجو النشورا
أنا أرضى البديلَ عنها إذا كا
ن فداءً، ولا أريد شكورا
هو حق في ذمة المؤمن الحق
- وعقبي، فما سواها مصيرا
فلتكن فدية "الحقيقة" في الأر
ض، وقد صارت "الوقائع" زورا
ها هو "الشرق" يحضن "الغرب" فينا
فإذا "الجمع" للعدو ظهيرا
لا عداء لذات أشخاصنا.. اليو
م - ولكن لغابر أن يثورا
نحن أدنى من العداء إذا
- دمنا كما نحن: أمة، وأميرا
وارتخاصاً لضعفنا، فالضَّعافى
لا يُرَجَّوْن: غُيَّباً، وحُضورا
"والسياسات" منطق الخوف والقو
ة إن جاء: سافراً أو ستيرا
فإذا هَزْهَزَ القويُّ ضعيفاً
فلأمر هَزّ الكبير الصغيرا (3)
"وفلسطين" للغريب ديار
وبنوها مُشَرَّدُون: طيورا
خلدوا للهوان نفساً وعيشا
فانقضى العمر ذلة وفُقورا (4)
واستكانوا إلى رفاق على الذل
- ولا يفلح الذليلُ مجيرا
غير أن الهوان إن حرق القلـ
ـب فقد يصبح الضِّرام سعيرا
ليس من مُنقِذٍ على الجوع - إلا
"ثورة الجوع" ناقماً مسعورا (5)
ليس من مُنْقِذٍ - من البغي - إلا
"ثورة الحق" قاهراً منصورا
وأرى بارقَ الرجاءِ لميعا
ولقد يكسر الرِّشاءُ الصُّخورا
وإذا أشرق الصباح على الكو
ن، فلا بُدَّ للدجى أن يغورا
وأرى "الفتح" موشكاً أن يواري
غاصبي الأرض في التراب النحورا
أيرى المسجد الذي بارك الله
- حواليْه: غمة وكُدورا
وبلاد الإسلام مشغولة عنـ
ـه، وإن فاضت النفوس زفيرا
وصراخ الضعيف يجرح شِدْقَيْـ
ـه، ولكنّ للقويّ زئيرا
ومواء "السِنَّوْرِ" لا ينفث الرعـ
ـب، وإن ردد المواء كثيرا (6)
غير أن "السباع" تُخشى وإن لم
تبد أنيابها، ولو تكشيرا
إن غَمْزَ القويّ أوفى بمعنا
ه، ولا يحسن الكبارُ الصفيرا
كل صقع فينا لديه شؤون
شغلته عن "الجهاد" فتورا
لست من يطلب الكمال من النا
س، ولا كنت حانقاً موتورا
كذب الحاقدون من قولة الحق
- وقد توغر الحقوق الصدورا
من يجد في الحلال كسوا وشربا
وغذاء، فما شكا التقتيرا
والذي حَظُّه كحظّيَ في القو
م فقد كان حظُّه موفورا
وكفاني صدق الحديث فخارا
إن بها بالكِذاب غيري فخورا
والكمال البريء من كل عيب
أمل تائه يعيش السطورا
فالشعوب التي تهيمن على الأر
ض، وليست أقلَّ منا شرورا
عرفت كيف تجمع النقيضين فيها
فاستقامت أمورها: تقديرا (7)
أخذت من "تراثنا" ما استفادت
وأخذنا منها، البلاء الخطيرا
ثم زادوا على "التراث" كثيرا
وحملنا عبء "التراث" ثُبورا
وأسأنا صلاتنا بقديم
منطقاً قاصراً، وعقلاً حصيرا
وركضنا إلى الجديد حيارى
فخطفنا من الجديد القشورا
وأخذنا بلاءهم، وجهلنا
فيه تدبيرهم: هوى مستطيرا
وإذا أسرف "البُداةُ" بخير
أو بشر سال المَدِيُّ غزيرا (8)
أيها النائمون!. هلا أفقتم!
قبل أن تهدم الرياح الدورا
أنا لا أشتهي الضرار عليكم
أنا أخشى أخشى: الصَّبا والدبورا (9)
لو صحونا - على الهدى - وصحوتم
لانتفى الخلف بيننا مدحورا
واستقامت أمورنا من جديد
وبدأنا - على طريق - المسيرا
ليس في رجعة إلى الحق عيب
إنما العاب من يظل خسيرا (10)
كلنا موضع الخطيئة حتى
جعل الله في المتاب طهورا
ليس للشر أن تمطي حدود
يستحي الشر عندها أن يغيرا
لا تُقِلُّوا شأن الضعيف فما ظلَّ
- صغيرٌ مدى الحياة صغيرا
قد حقرنا شأن "اليهود" ورحنا
نملأ الأفق بالوعيد: نثيرا
فانتكسنا نشكو "اليهود" إلى الكو
ن: عداة مستكبرين جسورا (11)
و "ديان" الذي تذلل بالظلـ
ـم "طويلا" و "بالضياع" صبورا
نافج بالوعيد يملي شروطاً
مزبداً، مرغياً: وُروداً صُدورا
وانثنينا نرجو "الحلول" إلى السلـ
ـم: طريقاً مُمَهَّداً وقصيرا
وابتلانا العدو "شرقاً" و "غرباً"
فازدرانا: الشهور تتلو الشهورا
والذي هان للعزيز ذليل
كيف من هان للذليل حسيرا (12)
يا أبا المؤمنين عذراً ولكن
هي نجوى قلب يخاف المصيرا
كلنا نشتكي ونحسن في القو
ل أنينا، وحَمْشةً ونكيرا
نحن من ننتمي إليك اعتباطاً
رغم ما ننتمي إليك: ظُهورا
قد هجرنا "القرآن" روحاً ومعنى
واتخذنا حروفه الدستورا
ثم جئنا بما نشاء وقلنا
كان هذا في ديننا مذكورا
واشترينا الأقلام تكتب ما نمليـ
ـه: جهلاً يهذي، وعلماً أجيرا
فأسأنا التنفيذ حيناً ضلالا
واقْتَرَفْنَا الأحكام حيناً فُجورا
وإذا ساءت المقاصد ساءت
سبل القصد عُنْوة ومُكورا
وإذا المسلمون شتى: قلوباً
وعقولاً: تباينت: تفكيرا
فاختلفنا: رأياً، وعلماً، وفهما
واختلفنا: عقيدة، وأمورا
وشخصنا إلى السماء عيونا
نتمنى على السماء النصيرا
وإن خادع النفوسَ هوى النفـ
ـس فهل يخدع السميع البصيرا
أيها المسلمون: هذا كتاب
فُصِّلَتْ آيهُ: سراجاً منيرا
لا يصحُّ الخلاف حول "أصول"
وضحت في كتابنا: تفسيرا
وإذا مالت الغصون يميناً
أو شمالاً، فلن تضر "الجذورا"
واذكروا الله في اليسار وفي العسـ
ـر فلم يكفكم سواه العسيرا
ليس ذكر الشفاه فالذكر يعني
عملاً صالحاً، وقلباً وقورا
وإذا صحت القلوب من العلـ
ـة لم تشتك الجسوم نفورا
أنا لا أملك السلاح فليتي
أَمْنَحُ القلب للجنود نميرا
لست بالواعظ الذي يعظ النا
س فلَمَّا أصبح بذاك جديرا
ولو أن الوُعَّاظ في كل حَيِّ
ما وجدنا لقولهم تأثيرا
فقدوا الصدق مقصداً ولساناً
وسلوكاً، ومنهجاً مستنيرا
والذي تَشربُ القلوبُ فتُرْوَى
هو ما كان للقلوب عصيرا
غير أني قلب يفيض هموماً
جاء في ساحة الحبيب نفيرا
ومن الشكو ما يكون أنينا
ومن الشكو ما يفوح عبيرا
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1197  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 852 من 1288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.