شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ محمد سعيد طيب ))
ثم أُعطيت الكلمة لسعادة الأستاذ محمد سعيد طيب حيث قال:
- أيها الأهل والأصدقاء. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله مساءكم. عندما طلب مني أخي الأستاذ عبد المقصود خوجه أن أكون أحد المتحدثين في هذه الليلة ترددت كثيراً في الاستجابة لدعوته الكريمة، ثم ما لبث أن تحول هذا التردد إلى قدر كبير من الحرج عندما تذكرت، ولعل عدداً من الأصدقاء الألداء هنا يتذكرون أنني سبق أن دعوت ومن على منبركم إلى الحد من ظاهرة الثرثرة، وشهوة الكلام لمجرد الكلام التي أخذت تتفشى مع الأسف في مجتمعنا، وفي مجالسنا بدون مبرر مقبول حتى الآن. وقلت فيما قلت أننا ينبغي أن نتصدى لهذه الظاهرة السيئة بحزم وبإيجابية، حتى لا تنتقل من المجالس الخاصة إلى ما يمكن أن نسميه بالمنتديات العامة، أو النوادي العامة، أو المنابر العامة، وإلاَّ اختلط الحابل بالنابل، وحلت العملة الرديئة محل العملة الجيدة.
 
- عندما علمت بنبأ تعيين أخي الدكتور ربيع وكيلاً مساعداً لإِمارة مكة المكرمة سعدت كثيراً بهذا النبأ في الحقيقة، وهو اختيار موفق بلا شك من ولاة الأمر صادف محله، فلقد كنت أخشى أن يتولى هذا المركز واحدٌ من تلك الفئة المتغطرسة التي تعتبر العمل في هذا المجال تفضلاً على الناس، وليس مسؤولية تُناط، ولا واجباً ينبغي أن ينهض به.
 
- تلك الفئة التي يعتبر الواحد منهم نفسه أحياناً ليس في حكم المتفضل فحسب، بل في حكم المتبرع الذي يتبرع بوقته للعمل، أو بالحضور بالأحرى، وينسى ما يقبضه آخر الشهر من أجر ومن بدلات وامتيازات مباشرة أو غير مباشرة.
- بل إن تلك الفئة يشعرنا أصحابها أحياناً بأنهم ليسوا متفضلين وليسوا متبرعين، بل يشعروننا بأنهم يعملون بغير أجر، يذكروننا بعمال القناة الذين حفروا القناة بالسخرة في القرن الماضي ومن غير أجر. ويعتبرون أن الأجر الذي يتلقونه آخر كل شهر هو تكريم من الدولة لمواهبهم الدفينة، وعلمهم الغزير، وثقافتهم الرفيعة، وكفاءاتهم النادرة، وتفضلهم بالحضور.
- كنت مرة عائداً من القاهرة، وكان بالصدفة معنا شاب يبدو غاية في التأنق، وليس الأناقة وأعتقد أننا جميعاً نفرق بين الأناقة والتأنق، وكان ينظر إلى الناس بمنتهى الصلف والاستعلاء والاشمئزاز والتقزز الأمر الذي لفت نظر ضباط الأمن المسؤولين في الصالة النهائية للمطار، فحيّوه بأن أعادوا تفتيش حقيبته مرة أخرى، وتبين لي عندما وصلنا إلى مطار جدة أنه أحد رؤساء البلديات الفرعية في إحدى المناطق، وأنه متوجه لحضور مؤتمر رؤساء البلديات الذي سوف يعقد في أبها في اليوم التالي. فقلت للأخ عندما عرفت أنه رئيس بلدية، وقدم نفسه على هذا الأساس: لقد قرأت يا أخي العزيز أن هذا المؤتمر مؤتمر مهم وأن هناك أبحاثاً مهمة سوف تناقش فيه وقد نشر بعضها في الصحف، فالله يعينكم ويساعدكم، فقال لي: يا أخي الحقيقة إن المشكلة التي تواجهنا هي تردي مستوى الوعي عند الجمهور قال ذلك بصلف واستعلاء وكبرياء، فقلت له: هل المشكلة التي تواجهنا هي تردي مستوى الوعي عند الجمهور فقط؟ فهز رأيه بالإِيجاب: لكن الحقيقة غير ذلك. على أي حال هذا نموذج بعض شاغلي الوظائف العامة ولا أرى ضرورة للاستطراد حتى لا ندخل دائرة المحظور مرة أخرى، وأعني بالمحظور دائرة الثرثرة وليست أية دائرة أخرى.
- لكن لا بأس من التنويه عن صنف آخر من بعض شاغلي الوظائف العامة، هذا الصنف يمتاز بأنه نظيف اليد، نظيف المسلك، نظيف الثياب، أنيق العبارة، إذا راجعته في بعض شؤونك يلقاك أحسن استقبال، ويطمئنك على أنه موضع اهتمامه، ولكنه في الواقع لا يعيرها أي اهتمام وينساها بمجرد انصرافك عنه، فإذا سألته عنها، أو راجعته في مكتبه أعاد عليك ما سبق أن قاله، وهو أن المعاملة نصب عينيه وموضع اهتمامه وهكذا داوليك، حتى تصل إلى مرحلة تجد نفسك فيها مرغماً على اتخاذ أحد أمرين أحلاهما مر، فإما أن تسكت كمداً وتحترق داخلياً ومن ثم تدخل لا محالة إلى دائرة مرض السكري وضغط الدم، وإما أن تنفجر في وجهه وتلقنه درساً في واجبات الوظيفة العامة ومسؤوليتها، والنتيجة معروفة.. في كلا الحالتين.
- أردت من ضرب هذين المثلين لبعض موظفي الوظائف العامة أن أبين أن إشغال الوظائف العامة ليس تشريفاً ولا وساماً يضعه الموظف العام على صدره يبيح له أن يحكم الناس ويتحكم فيهم، بل أن يكون في خدمتهم يرعى شؤونهم وهي مسؤولية خلقية، مسلكية، وهي مسؤولية دينية أمام الله عز وجل من قبل ومن بعد.
- الوظيفة العامة ليست ترفاً بل تبعات وواجبات، وطالما قبل الإِنسان الوظيفة العامة فبالتبعية ينبغي أن يتقبل آراء الناس وملاحظاتهم وانتقاداتهم بأعلى قدر من الإِيجابية واتساع الصدر، وأن يكون معهم لا عليهم. ولذلك وقد رأينا ما رأينا من تبعات الوظيفة العامة وأعبائها فإني لا أهنّي أخي الدكتور ربيع دحلان وإنما أشارك الأخ عبد المقصود الاحتفاء به وأدعو الله أن يشد أزره، وأن يوفقه، وأن يسدد على الخير خطاه إنه نعم المولى ونعم النصير. والله من وراء القصد، شكراً على حسن إصغائكم، وعفواً للإِطالة، فقد كان لها ما يبررها، شكراً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :668  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 132 من 230
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج