شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
فروض الحب
يا حُبُّ ما أنت إلا وَحْي خاطرة
من الجمال تَسَبَّى ثم تَخْتَطِفُ
ونظرة القلب تغريها بحاجتها
رشاقةُ الحسن والأسبابُ واللَّطَفُ (1)
فتطرق القلب - خُلُوا - ثم تسكنه
ما يستبين لها معنى ويرتجف
فتستقيم - على وجدانه - أملاً
يراود النّفس: إذ يدنو وينعطف
وما الجمال سوى أمداء أخيلة
يصوغها حُلُمٌ غاوٍ به سَرَفُ
فيرسم الوهمُ من ذاتٍ مَلاكَ هوى
جمّ البهاءِ عليه ما اشتهى الشَغَفُ
ويغدق الوصف مفتناً مذاهبه
ويطلق النفس تستجلي وتعتكف
حينا ترق - وهذا نادر - طَفَقاً
وفي كثير من الأحيان تعتسف
ففي طفيفك من نعمي الهوى غَدَقٌ
وفي كثيرك من بؤسي الهوى جَنَف
ما أسعد الحظ إن كانت نواهله
سقيا الجمال على معناك يُرتشف
وأتعس الحظ ما جَفّتْ مواردُه
على الغرام فلا سقيا ولا كنف
واخيبة الأمل المَرْجُو إن عصفت
هوج الرياح به تذرو وينخسف
واشقوة النفس في دنيا الحياة إذا
ما ضَلَّت القصدَ أو ما فاتها الهدف
يا حبُّ! ها فإليك اليوم عن كبد
حَرّى تحاول كفَّ الدمع ينذرف (2)
يا حبُّ! مهلك ما قَدَّمْتَ من مِنَنٍ
وكل ما نِلْتُ من نعمائك الطَّفَفُ (3)
تقاذفتني فنون الوجد جاهدة
مما أقول، ومما فوق ما أصف
يطغى على النفس معناها فيسلمها
إلى الغرام ويستشري بها اللَّهف
قلبي - وآه لقلبي - حظُّه أمل
حلو الأمانيّ، عُقْبَى ظَنِّه الأسف
وما الحياة سوى دنيا مُكَوَّرة
من المتاعب لا يُدْرى لها طرف
وما السَّعادة. إلا هيكل نَخِرٌ
خاوٍ يُصَوِّره من طبعنا الصَّلف
فَعَدِّ عن همسات الحظّ خاطفة
كالظّالع الرِّجْل أو كالطّير إذ يجف
علام تأسرك الأحزان بالغة
وَلِمْ تغالبك الآلام والزَّهَف؟ (4)
يا قلب! ماذا أصبت اليوم من دنفٍ
أقصى مداه نكالُ الهجر والكَشَفُ (5)
وأنت يا مورد الأحلام، معذرة
فيم الجفاف، وأنت الحافل السَّرِف
واهاً لماض كأيام الربيع قضى
فيما مضى، وتوارى حَظِّي التَرِفُ
سائل ديار الهوى إن كان ينطقها
نُعْمى الهوى فلعل الدار تعترف
قد كنت أنهب خطوي باسماً جذلاً
إلى اللقاء فما يَرْتَدُّ أو يقف
نشوانَ!. ريّانَ!. في شوق تُرَنِّحُني
سُلاَفةُ الحبِّ إذ أسْقى وأرتشف
أيام كنت تواتيني بما نعمت
نفسي به غدقاً، ما مَسَّها سَهَفُ (6)
وكنت أنهل من سقيا الهوى ثملاً
حلو الشراب تُرَوِّيني، وأغترف
ما أسعد الحظ إن واتتك نافلة
من السَّعادة أو أن تسعف الصادف
واليوم أنىَّ أُجيلُ الطَّرْف ملتمساً
أرى المعالم تبدو ثم تَنْكسف
أروض أحواضك اللائي نعمت بها
ملأى، فها هي هذي كلها جَفَفُ
أدعو الهوى يَصِلُ الأيام حالِيَةً
فلا يجيب، وتُرْخى دونه السُجُف
والنفس تألف ما عَوّدت من خُلُق
في شِقوة العيش عقبى النعمة التلف
ما كنت جانيهَا!. لله ما حكمت
به اللَّواحظ والأحداق، والعَطَف (7)
لكن جناها الذي أهوى وأُبْتُ بها
ما كنت أحسبه يبلو، وينصرف
هي الحياة، فنعماها، وشقوتها
وقد تَقَلَّص منها ذلك الطَّرَف
واضيعة الأمل المهدور إذ نقمت
منه مداهمة المقدور والعُصُف
هل شئت هجري؟ لا والله ما وَهَمَتْ
نفسي بذلك، لولا ذاك ما أَهِف (8)
إني لمن يعزف الألحان شائقة
فَتَطْرَب الأنفسُ الفَطْنىَ بل الصُحُفُ
إني لمن تشهد الأفلاك سيرته
وَضَّاءة بمعاني الخير تلتحف
حُبِّيك لست أخاف الظَّنَّ فيه ولا
قول العذول: الا ما ذلك السَّرَف
تالله لولا دواعي النَّفس جاهدة
بين الأناسيّ ما ساروا ولا وقفوا
إني أطعت (فروض الحب) واجبة
فاحكم - فديتك - لي في حكمك الرّأف
فالحر أن ملكت يُمناه ما ملكت
منه لما ملكت يُمناه يَنْتَصِف
 
طباعة

تعليق

 القراءات :551  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 36 من 1288
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.