فارقت نومي فالمهاجعُ تفرقُ |
وإذا بها في صمتها لا تنطِقُ |
ما شأنُ أحلامِ الصبابة والهوى |
ما بالُ دمعِ العينِ لا يترقْرَقُ |
وهواجسي بينَ السُّهادِ مقيمةٌ |
فتجورُ بي وأنا عليها مشفِقُ |
ومن الجوانحِ خافقٌ من يأْسِه |
متوجِّعٌ وبرغم ذلك يخفِقُ |
حاولتُ أن أمضي به نحوَ المُنى |
حذَراً عليه لأنَّه يتمزَّقُ |
وعلى الزعوفِ تسابَقت خطواتُه |
حسبي بها فيها يموتُ ويغرَقُ |
غنىّ لأيامِ الصفاءِ وإنَّه |
متفائلٌ متهلِّلٌ متخلِّقُ |
جافى عبوساتِ الزمانِ فما اشْتكى |
أبَداً وفي آلامه يتألَّقُ |
خجلٌ لأربابِ الوفاءِ ببوحه |
وكأنَّه من عطْرهمْ يستنشقُ |
وعلى هديرِ الموجِ يلهو راضِياً |
وعلى صَدى الآلامِ لا يتملَّقُ |
وعلى عناقاتِ الوداعِ تزفُّه |
ورقاءُ تبكي بالدموعِ وتشهَقُ |
يا قلبيَ الباكي على أحزانِها |
إنّي أرى روحَ الملالةِ تزهقُ |
فأُجِيبُ ذاتي والجراحُ شواهِدٌ |
وغلالةُ الأحزانِ فيها تحرَقُ |
حزني جليدي الشقاء وإنّه |
متجهمٌ مستوحِشٌ. مستغرِقُ |
فكأنه والسقمُ إلفا عاشقٍ |
عبثتْ به الأسبابُ لا تترفَّقُ |
جفَّت فتونُ الروضِ حتى شارفَتْ |
صوبَ الردى والظنُّ حينا يصدُقُ |
أنا في سماءِ الحب طيرٌ نازِفٌ |
أنا في صفوفِ الزهرِ عطرٌ يعبقُ |
داعبْتُ في ثغرِ الجراحِ سنابلي |
وحملْت في كفَّي روحاً تغدِقُ |
ونزعتُ من قلبي مواجدَ آثمٍ |
وأهيم في روض المنى وأحلقُ |
فإلى نهايتِه ليصبحَ قانِعاً |
فتعودُ ذكراه الجميلةُ تُشْرِقُ |
إني عن الدنيا ومنها راحلٌ |
فالعمرُ يجري والمنيةُ تسبقُ |
ويزيدُني رزءُ الحياةِ تبسُّماً |
إنّي من الذكرى أعيش وأرزقُ |
ما العمرُ في دنيايَ إلاّ هجعةٌ |
والخلدُ في أم القرى يتحقَّقُ |
وإذا سلمتُ وكلُّ حيٍ سالِمٌ |
فَلِمَن بروحي في الهوى أتصدَّقُ؟ |
* * * |