شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
برنامج بانوراما من المتهم إلى الضّحية!
تعتبر القناة التلفزيونية البريطانية بي.بي.س (B.B.C) من أكثر القنوات الغربية رصانة، ومقارنة بكثير من القنوات الأمريكية تعتبر قناة محايدة وخصوصاً فيما يتصل بقضايا الشرق الأوسط، والصراع العربي - الإسرائيلي.
دخلت القناة - أخيراً - في جدل ساخن ومثير مع الحكومة البريطانية العمالية - الحالية - من جهة وحكومة شارون الليكودية المتطرفة من جهة أخرى، وكان المحور الذي دار حوله جدل مع الحكومة هو مصداقية الأخيرة فيما يتصل بالذرائع التي قدمها ((دواننغ ستريت)) لغزو العراق وهو جدل أثارته أصوات عمالية من باب حفاظها على استقلالية الرأي البريطاني السياسي.
وأما إسرائيل التي تزعم الدوائر الأمريكية بأنها واحة للديمقراطية، فلقد أدى بث فيلم وثائقي عن الترسانة النووية - الإسرائيلية، إلى جموح ((بغل)) الليكود إلى الحد الذي استدعت فيه الخارجية الإسرائيلية السفير البريطاني في إسرائيل من باب الاحتجاج على صنيع قناة تلفزيونية عريقة ومستقلة مثل: (B.B.C) واحتجاج إسرائيل على حرية الإعلام الغربي أو محاولة بعض مؤسسات هذا الإعلام عدم الرضوخ لضغوط اللوبي الصهيوني يذكّر - أيضاً - بموقفها عام 1986م، وذلك عندما قام الخبير الإسرائيلي ((موردخاي فانون)) Mordechai Vanune بتسليم صحيفة الصنداي التايمز اللندنية عدداً من الصور الحقيقية والمعلومات الموثقة عن البرنامج النووي الإسرائيلي في دايمونا (Dimon)، ولقد كشفت تلك المعلومات التي أدلى بها ((فانون)) وأدت إلى إصدار حكم قضائي عليه - بالسجن لمدة عشرين عاماً بعد اختطافه من إحدى الدول الغربية - عن امتلاك إسرائيل لما يقرب من (100) رأس نووي - ومع أن محرر التايمز Avigdor - Feldman يسعى منذ شهر أكتوبر العام الماضي 2002م لتجييش حملة إعلامية وإنسانية لإطلاق ((فانون)) قبل عام 2004م وذلك خوفاً من فرض عقوبات إضافية عليه، إلا أن الاستجابة الإسرائيلية تكاد تكون منعدمة وخصوصاً في ظل تخاذل الأمم المتحدة في الاستجابة لمطالب أنصار ((فانون)) من دعاة السلام والحرية... بعد صعود شارون للحكم في إسرائيل، قدمت قناة B.B.C فيلماً وثائقياً هاماً عن دور شارون في مجزرة صبرا وشاتيلا أثناء غزو البلد العربي - لبنان في عام 1982م وإشراف شارون الشخصي - كما يقول عدد من شهود الحادثة الأحياء - على تصفية العزَّل من الفلسطينيين في المخيم البائس على أيدي عناصر حزب الكتائب والذي قامت إسرائيل بتصفية الرجل الهام فيه ((إيلي حبيقة)) بعد توعده بكشف حقائق المجزرة أمام المحاكم البلجيكية المستقلة.
وقد حمل الفيلم الوثائقي عنواناً مثيراً وهو ((المتهم))! وقد دخلت القناة نفسها في مواجهة شديدة مع رئيسة الحكومة البريطانية السابقة - عندما طلبت هي ووزيرها في إيرلندا الشمالية ((توم كنغ)) Tom King من القناة تزويدها بفيلم يدين منظمة الجيش الجمهوري الإيرلندي، وزعيمها السياسي المعروف جيري آدمز Gerry Adams في حادثة اعتداء على جنود بريطانيين، ورفضت القناة تزويد الحكومة بالفيلم، وكان هدف تاتشر من الحصول على مثل هذه الوثيقة هو حظر المنظمة وزعيمها من كل أشكال الظهور السياسي والإعلامي ولقد وقر في ذهن ((تاتشر)) أن كلاً من المقاومة الإيرلندية والكفاح الفلسطيني أمر يدخل في باب الإرهاب، ولهذا كانت ترفض لقاء أي مسؤول فلسطيني، إضافة إلى خلفيتها الدينية اليهودية التي جعلت منها شخصية منغلقة على التوجهات والآراء الأخرى.
هذا سجل حافل بالمآثر للقناة التلفزيونية والتي تبث برامجها باللغة الإنجليزية ويأتي برنامج Panorama)) الشهير في مقدمها برامجها المتميزة إعلامياً وفكرياً.
لقد استطاعت هذه القناة أن تتخلص من كثير من الضغوط السياسية ومن يعرف قصة الإعلامي والصحافي البريطاني المعروف ((كريستوفر مايهو)) Christopher Mayhew عندما أجرى لقاء أثناء حرب حزيران 1967م مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والضغوط التي مارستها بعض الشخصيات المسؤولة في الحكومة والمؤسسة الإعلامية لعدم بث اللقاء، من يعرف ذلك فإنه سوف يشعر بأن هذه القناة قد قطعت شوطاً كبيراً لتتخلص من النفوذ، السياسي البريطاني والصهيوني على حد سواء، وليبقى برنامجها الأسبوعي المثير ((بانوراما)) موضع احترام وتقدير من كثير من أنصار الكلمة الحرة والمحايدة بنسبة كبيرة في عالم أضحت - اليوم - تسوده رؤية واحدة وتريد فرض نفسها بجميع القوى السياسي منها والإعلامي والفكري، وهذا خطر لا تواجهه أمة بمفردها ولكن العالم بأسره والحضارة الإنسانية في تاريخها العريق.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :631  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 405 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج