شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مفكرو الغرب والقيم الإسلامية الخالدة
تواجه الأمة الإسلامية في العصر الحاضر مشكلات عدة منها ما هو متصل بتكالب أعدائها عليها، فعداء الآخرين لها ينبثق من أن الدين الخاتم الذي نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو تشريع لخلافة الإنسان في الأرض بالحق والعدل والقسطاس المستقيم، وأن مقاصد الشريعة الإسلامية سواء ما اتصل منها بكتاب الله الكريم أو سنة نبيه تدعو إلى نفي الظلم والطغيان وقيام العدل بين الناس جمعياً بعيداً عن أعراقهم، وألوانهم، ومن هنا اتسمت الحضارة الإسلامية بأنها حضارة العقل والروح، وأنها تجمع بين متطلبات الجسد والنفس في كيان واحد، بينما تختلف عنها الحضارة الغربية المعاصرة. وذلك في توجهها الأحادي نحو المادة فقط، ولهذا فإن قتل الآخر، أو نفيه وتعذيبه والتخلص منه هو مما لا يخجل منه منظرو هذه الحضارة.
ولهذا لا يمانع الغرب في استخدام السلاح النووي كما فعل في مأساة نجازاكي وهيروشيما، أو كما فعل لاحقاً في فيتنام، أو كما ترشح به صفحات الإعلام الغربي من استخدام أسلحة تحتوي على إشعاع نووي، ولعل الغرب الذي لم تردعه عقيدته أو أخلاقه عن صنع هذا السلاح وتسويقه للأصدقاء من أمثال الكيان العنصري الإسرائيلي سيجد نفسه في هذه اللحظة من الزمن أمام اختبار حضاري عميق، لأن الضحية في هذه الحالة هو الإنسان الغربي نفسه جندياً كان أو صحافياً، ينتمي لفرنسا أو لإيطاليا يدين بالكاثوليكية أو البروتستانتية أو علمانياً صرفاً لا يجد في الكنيسة ما يغذي روحه ووجدانه فيهرع إلى اللادينية أو إلى فلسفات وجودية أخرى لم تخلف وراءها إلا الإحباط أو الانتحار، ولم يجد فيها الغربي أو مقلده خلاصاً أو إنقاذاً.
وهذا ما استنتجه الفيلسوف الغربي أرنولد توينبي منذ حوالي نصف قرن من الزمان.
يقول توينبي: إن العالم الإسلامي ذو تاريخ عريق في التقليد القائل: إنما المسلمون أخوة رغماً عن اختلاف الجنس واللغة والبيئة.
ويرى توينبي في هذا المبدأ الحضاري النابع من تعاليم الدين الإسلامي مثلاً أعلى يفترض في المسلمين ألا يفرطوا فيه أو يتغافلوا عنه، أو يستبدلوا به التقاليد الغربية المادية، لهذا فهو يصرح بأنه مثل أعلى وذلك عندما يقول والآن بعد أن طويت المسافات بتقدم التقنية الغربية، وفي الوقت الذي تتنافس فيه طرق الحياة الغربية مع طريقة الحياة الروسية لكسب ولاء البشرية كلها، الآن يظهر أن التقليد الإسلامي في أخوة الإنسان للإنسان هو مثل أعلى يوافق حاجات العصر الاجتماعية وهو أفضل من التقليد الغربي الذي أدى إلى قيام عشرات الدول الصغيرة ذات السيادة على أساس الاختلاف القومي.
انظر: آرنولد توينبي، الإسلام والغرب والمستقبل. تعريب. د نبيل صبحي، ط1، 1389/1969م ص 28.
ويفترض أن يؤدي الانهيار الأخلاقي الغربي في تطبيقاته بعد حربين كونيتين شاملتين إلى تمسك المسلمين بثوابت دينهم ومنطلقاته، والحرص على تقديم مبادئه ومثله العليا بعيداً عن الإفراط والتفريط.
مع الاحتراز من موجة التشدد التي فرضتها موجات تشدد أخرى حفل بها المجتمع المسلم في العقود الأخيرة فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو في الدين قائلاً: إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين وحث على التيسير والرأفة والرحمة بقوله صلى الله عليه وسلم لا تشددوا على أنفسكم فيشتد عليكم، فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشد عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات.
وهذا التيسير لا ينبغي أن يفهم أنه دعوة للانفلات، أو التقصير فيما افترضه الله على عباده من واجبات أو التساهل فيما عرف من الدين وأحكامه بالضرورة بل هو التيسير الذي تنطلق منه الوسيلة التي عرف بها هذا الدين في عهد النبوة والخلافة الراشدة وما تلاها من عصور الإسلام الزاهرة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :748  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 357 من 482
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.