شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الفردوس الموعود... مفقود
ونستغني عن الشرح والإيضاح، إِذْ المعلوم أن الفردوس (الموعود)، هو الأرض الفلسطينية المحتلة... وعموم هذه الأرض دون تفريق بين ما تم احتلاله في عام 1948م، وما تم اغتصابه في كارثة العرب عام 1967... وهي فردوس موعود، تتكامل فيه مجموعة من العناصر التي ظل يحلُم بها كل يهودي على وجه الأرض، ليس بينها إطلاقاً، الرياضُ الغنّاء، والأنهار الجارية، والرخاءُ إلى جانب الأمن والأمان، وإنما العناصر التي يحلم بها هذا اليهودي دائماً وأينما يكون، هو (حائطُ المبكى) والمجتمع اليهودي - رغم اختلاف منابته والبلدان التي هاجر، أو هُجّر منها، ثم اللغة العبرية، التي يُفرضُ على المهاجر تعلُّمها وإتقانُها إذا لم يكن يعرفها، إنْ لم يكن لشيء، فليتاح له أن يفهم ما يسمع في الإذاعة، وما يُشاهد في التلفزيون، وما يُطبع ويُنشر في الصحف... فالفردوس من هذا المنظور هو أن يكون - ولأول مرة في تاريخه الطويل - في كيان دولةٍ يهوديةٍ اسمها ((إسرائيل)).
ولنا أن نغض النظر أو نتجاهل ما تنشره الصحف العربية عن الهجرةِ المضادة من اليهود الذين ضاقوا بالحياة في إسرائيل فهاجروا إلى أميركا أو إلى أوروبا... وأن نفرض أن هذا مجرد دعاية وكلام. ولكن هؤلاء اليهود السوفيت، الذين فتح لهم جورباتشوف باب الهجرة، إلى حيث يشاؤون، بينما طوقت الولايات المتحدة المنافذ وضربت الأسوار، وأصرّت على أن يتجه المهاجرون إلى إسرائيل دعماً لفكرة استيطان الأرض المحتلة. هؤلاء اليهود السوفيت، وإن كانوا يتسابقون إلى (الفردوس الموعود) فإنهم مواطنون سوفييت، كانوا يعانون ما كان أو ما لا يزال يعانيه المواطنون السوفيت من الوقوف في الطوابير طلباً للمواد الغذائية مثلاً، ولكنهم مع ذلك مكفولون حمايةً على الأرواح... ومأوى يسكنون إليه بعد ساعات العمل، وحضانات للأطفال والتزاماً بالتعليم دون مقابل، إلى آخر ما نسمع أن نظام الاتحاد السوفيتي يؤمنه للمواطنين.
فماذا سوف يجدون في إسرائيل؟؟؟
في مقدمة ما يصدمهم، ويوقظهم من حلمهم الذهبي، هذه الحجارةُ التي تحصبهم بها أيدي الصبية والأطفال والصبايا والنساء العجائز منهن والشابات. فإذا لم تكن الحجارة، فنظرات الكراهية والبغض والحقد التي تقول إن المصير في الأرض المحتلة التي يستوطنونها هو هذا الذي يواجهونه، عند الجار - إن وجد - وعند بائع المواد الغذائية، وعند أرصفة الشوارع التي يتنقلون عليها... وقد يكون الأهم، هو هذه الأرتال من القوات المسلّحة بالأسلحة الثقيلة التي تجوب الشوارع والطرقات،وتطلق الرصاص العشوائي، وتجري وراء طفل، أو بُنية صغيرة وكل ذلك إضافة إلى كل ما يذاع عن تهديدات الدول العربية التي لم تخفّض بعد من نبرة العداء ولا تزال تتوعد الوجود الإسرائيلي كلّه، وتفسح المجال للزمن ليمتد عشرات السنين تنتهي حتماً إلى (نهاية) دولة إسرائيل...
ولا يغفل المهاجر اليهودي السوفيتي واقعاً آخر، هو أن قوة هذا الذي يسمّى إسرائيل مستمدة من الولايات المتحدة الأمريكية في الدرجة الأولى... كما لا يغفل عن ترسانة الأسلحة المتوافرة في إسرائيل والتي لن تتأخر عن تصديرها إليها أميركا عند اللزوم... ولكنها تتساءل - وأعني هذه الأفواج المهاجرة - ماذا عن العرب المحيطين بهذا الجزء من فلسطين أو من الأرض العربية؟؟؟ هل هم مستغرقون في نوم عميق؟! وراضون تماماً بوجود هذا الجسم الدخيل الذي سمّوه إسرائيل... أليست جميع الدول العربية حول إسرائيل، - مجاورةً أو بعيدة - تكدّس هي أيضاً أنواعاً من الأسلحة، يظهر يوماً بعد يوم أنها تتطور... وأنها لا تغفل أبداً عن حساب (المدى أو ما يسمى “Range” الصواريخ والطائرات من موقعها في بلادهم إلى تل أبيب... ثم كم سيصل عدد اليهود - حتى بعد هجرة مئات الألوف من الاتحاد السوفيتي أو من أي بلد آخر... كم من الملايين، في هذه البحيرة العربية من السكان... والطوق العربي من البلدان.
بين هؤلاء الروس السوفيت مثقفون كبار... وعلماء... وأساطير سياسةٍ وفكر سياسي لن يفوت عليهم أن يروا كل هذه الحقائق، في الأرض التي يستوطنونها أولاً... وفي الأراضي العربية المحيطة بهم ثانياً... وفي ترسانة الأسلحة التي تتطور عند العرب ثالثاً.
هؤلاء... وحتى عامة المثقفين والمؤهّلين سوف يدركون، أن الفردوس الذي وعدتهم به أحلامهم، إذا كان فيه (حائط المبكى)، فليبك عنده من يشاء... ولكن ليذكر دائماً أن (الفردوس الموعود)... في أرض فلسطين مفقود... مفقود...
 
طباعة

تعليق

 القراءات :676  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 68 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.