شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هوية الأدب، عند الدكتور منصور الحازمي
ليس من جديد أن أقول لقراء هذه الكلمة، إن الدكتور منصور الحازمي قد اقتعد إحدى أهم القمم الثقافية في المملكة. ولو كانت لنا وسائلنا في محاولة الظهور في الساحات الأدبية في الوطن العربي، - والشقيقة مصر في مقدمتها، لكان موقع الدكتور منصور الحازمي بين رعيل الأعلام الكبار... ولكن، مما لا بد أن ندركه بغُصة خانقة، هو أن وسائلنا لا تزال قاصرة رغم ما يُبذل من جهود بعض دور النشر، التي قد تُهم بأن توجّه إليها لوماً فإذا بطفحٍ من الأعذار يتدفق من المسؤولين، فلا تملك إلا أن تلتزم الصمت.
ومناسبة الحديث عن الدكتور منصور الحازمي اليوم، هو ما قرأته له - ولا أدري أين ومتى؟ عن (هوية الأدب)، واستوقفني طويلاً... وبباعث حميمية العلاقة بيني وبينه قلت - في شبه إحساس بالتسليم والاستسلام - لا بد أن لديه من مرتكزات الرأي ما يجعله يقول: (الأدب إنما تتأكد هويته بلغته، لا بمضمونه، أو بمنحاه الأيديولوجي) ولكن بعد لحظات من التأمل أخذت أتراجع، مع نبض خفيف من التوتّر المتسائل لأقول: (كيف؟؟) ثم بدا لي أن ألتمس سبيلاً إلى تحميل المطبعة ما اعتبرتُه خطأ، استبعدت أن يقع فيه الحازمي وهو من أرى أنه لا يحرم قراءه، - وبطبيعة الحال طلاَّبه في الجامعة - من دراساته وتأملاته العميقة وكذلك من مشاركاته فيما يدور من حوار في الكثير المتعدد من الندوات التي كثيراً ما تكون له إدارة أو رياسة حوارها.
كيف يمكن أن يفهم أي قارئ، إن الأدب إنما تتأكد (هويّته) بلغته لا بمضمونه أو بمنحاه الأيديولوجي؟؟؟ وباختصار شديد جداً... كيف يمكن أن تكون هناك لغة بلا مضمون؟؟؟ أو كيف يمكن أن يكون هناك مضمون بلا لغة... ثم هذه (الهوية) التي لا توكدها إلا اللغة... لا بد أن لهذه (الهوية) في ذهن الدكتور ((مفهوماً )) يصعب أن نستوعبه إلا بأن يخرجه هو إلى النور بالنسبة لمثلي، ممّن لا يجهل الدكتور، ما أعانيه من (تخلّف). في فهم المصطلحات الجديدة في معطيات مدارس النقد التي طلع بها علينا الدكتور عبد الله الغذامى، والدكتور السريحي ومن يستظلون بالرايات التي يحملانها من ناشئة الحداثة وشُداتها، وما أكثَرهم، بل وما أقدرهم على أن يصولوا ويجولوا، وأن لا يساورهم أي شك في أنهم يضيفون إلى مسيرة النقد، والإبداع ما يدخلهم في زمرة الحداثيين، ليس في المملكة فحسب، وإنما في الساحة العربية كلها. وتلك ظاهرة صحية بكل معيار... إذ ليس أحب إلينا من أن يشعر العالم العربي بنبضنا الفكري مهما كانت درجة الإحساس به هناك.
والسؤال الذي أوجّهه إلى الدكتور الحازمي، هو كيف يمكن تصور تأكيد هوية الأدب باللغة دون المضمون؟؟؟ ما أفهمه أنا، هو أن آداب الدنيا، بمختلف صور الإبداع فيها - من شعر، وقصة ورواية، ونقد - ليست إلاّ مضموناً أو مضامين... قصيدة الشعر على سبيل المثال، التي نقرؤها لشاعر معاصر، أو شاعر قديم تقدِّم لنا (مضموناً)، بغض النظر عن موضوعها ومنحاها... وهذا المضمون، قدمته (لغة)... فلو كانت اللغة هي (الأدب) أو (هويته) كما يريد الدكتور منصور لنا أن نفهم، فما هو سبيلنا إلى المضمون؟؟؟
ولنحاول - (بروح ممازحة) أن ((نرصف)) مفردات من اللغة متتالية فنقول: (زهرة... أريج شمس غاربة... أنامل فتاة... أوراق شجرة... رياح الخريف)... كل هذه المفردات لغة دون شك وقد رصفناها هكذا، رصفاً عشوائياً أو عفوياً، ويمكن أن نقول إن في ذهننا ونحن نرصف هذه المفردات مضموناً أو مضامين، منها أن فتاتنا تلك، في حديقة، في فصل الخريف الذي تهب فيه رياح الشمال، فتتساقط الأوراق... وأن هناك وردة أو هي زهرة ذات أريج طمعت الفتاة في أن تقتطفها... الخ...)... فهل يتسع صدر الدكتور منصور، ليقول لنا، كيف يمكن أن تقدم هذه المفردات، مضموناً أدبياً أو إبداعاً من أي نوع؟؟؟.
في حديث هاتفي مع الأستاذ عبد الفتاح (أبو مدين) قلت له نص كلام الدكتور منصور الحازمي، وحاولت أن أشاركه أو يشاركني في حوار... فاختصر عليّ الطريق وقال: (ربّما كان كلام الدكتور، من نوع ذلك الكلام الذي كان يصيبك بالدوار)... وقد عنى ندوات الحوار الذي كان يدور بين الدكتور الغذامي... والدكتور السريحي وآخرين... وكنت أعلق عليه بأن ما سمعته، وسمعه الحضور، كلام يصيبني بالدوار...
استبعد هذا على الحازمي... ولكني أنتظر أن أفهم. وله الشكر.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :901  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 11 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج