أنيشتاين والحجارة |
وأبى قلم من أملي عليه أن يكتب (أنيشتاين). فهو - وإن كان يهودياً - ذو المكانة العلمية فالحضارة الوسيط ما سألت عن ملّة أبو قراط وأقيليدس وجالينوس وسقراط وأرسطو وأفلاطون، وإنها اليوم لا تسأل عن ملة أنيشتاين ونيوتن ومن عليهما، ولكن ورثة الحضارة الوسيط (أمة العرب) لا بد أن تسأل عن الذين يقتلون أطفال الحجارة، لأن ملتهم اليهودية هي الحقد عن التلمود هي الفعل (لسايسيكو) هي المنفذ لوعد بلفور هي التي تعيش على دافع الضريبة الأمريكي أو على الأتاوة التي فرضت على من خدروا بعقدة الذنب.
|
لقد رجع شامير، ولا نتهم بالضوء الأخضر، وما ابتسمنا للضوء الأحمر، والتقينا إلى الشرق، فإذا هو الضوء أصفر لايزال، أي كل الأضواء أباحت لشامير أن يمارس الضغط لأي خطوة سلام. |
أما أنيشتاين، فقد مات ولم ير سلاح الحجارة، مع أنه قد حذر منه، أو كان يعلن خوفه على هلاك الإنسانية من القنابل النووية، أو لعلّه كان يحرض بها، لأن حقد التلمود والبروتوكولات ليس همهما إلا هلاك الإنسان. |
قال أنيشتاين (لو قامت حرب عامة ثالثة، سلاحها القنابل النووية، لذهبت المدنيَّة والحضارة ولدفن العلم، وإن بقي إناس فسوف لا يتقاتلون إلا بالحجارة) هذا قوله، ولكن الحجارة أصبحت سلاحاً رابعاً. فهي القديم والجديد في وقت واحد. عطلت القنابل النووية، وفضحت الأسلحة الكيماوية فالحجارة كأنها سلاح اليوم ليست في أيدي فتيان فلسطين، بل هم أيدوها لتكون سلاح الكوريين والإيرلنديين. |
إن سلاح الحجارة مازال ينتظر عربيًّا بطائرة شراعية أو بنتاً اسمها سناء تفجر خمسين يهوديًّا ليسوا هم أكثر من الستة يهود الذين قتلهم صاحب الطائرة الشراعية.. ولكن، هل هم اليهود وحدهم؟ أم هم الذين يقاتلون معهم بالضوء الأخضر والضوء الأصفر وأضواء اللسان في أصحاب المصانع أصحاب الصادرات؟ أم الذين لا يقاتلون معهم ينتظرون فعل الحجارة وشجر الغرقد. |
صورة |
لم تكن واقعاً، ولم تكن حقيقة، ولكنها أنين الحنين من الحرمان، وحنين الأنين من الحرمان، ترفيهاً عن القارىء وترفاً من الكاتب (وحاكي الكفر لا يكفر). |
سألتها قبلة يوماً وقد نظرت. شيبي، وقد كنت ذا مال وذا نعم فأعرضت وتولت وهي قائلة: |
لا والذي أوجد الأشياء من عدم |
ما كان لي في بياض الشيب من أرب |
|
أفي الحياة يكون القطن حشو فمي؟ |
كما أكتب عن سماحة عبد العزيز يوم وصل إلى المدينة المنورة في زيارته الثانية، فالصورة الأولى ما كاد يجلس ينظر في تنظيم الشؤون ليعرف كل شيء من المخلصين إليه الذين صدقوا عهدهم معه، وصادقوا تعهدهم بالنصر له، وهم كثر فمن نعمة الله عليه قبل أن يكون الملك.. منحه الله الحظ يقتنع به كل من قابله وكل من استقبله. فهو كإنسان مقنع. يرضى بصدق ما سيفعل. وبصداقة الذين فعلوا معه. |
وصل إلى المدينة فإذا عرائض الشكوى من الحلاق، وبائع الفحم الكنفاني وغيرهم.. كلهم يشكون من رجل ليس سعودياً تصنع الصمم والخرس ويخرج على الناس في أحسن بزة إذا ذهب إلى الحلاق يمنحه جنيهاً من الذهب لا نصف ريال يفعل ذلك مرة وأكثر يتظاهر بالثراء ويشتري الكنافة بجنيهات من الذهب هي أكثر من ثمن التبسي مرة أو مرتين، ويشتري الفحم كيساً بجنيه من الذهب، أو بأكثر فشاع أنه الثري المتصدق، ويمتنع عن الحلاق أياماً فيسأله: |
طال شعرك لماذا لم تأت؟ فيقول: الأولاد ما أرسلوا الفلوس. فيعطيه الحلاق أكثر من سبعين جنيهاً، وكذلك مع الكنفاني فوسع عليه الكنفاني بأكثر من ثلاثمائة جنيه حتى تصل الفلوس الذهب، من بائع الفحم أخذ أكثر من سبعمائة جنيه لأن عطاءه الأول ذهباً خدع به هؤلاء، ونظر الملك عبد العزيز في هذه الشكاوي فأمر بترحيل هذا الأصم دون أن يأخذ لهؤلاء ما شكوا عنه لأنهم طمعوا وهو نصب حتى بلغ دين الطامعين 1500 جنيه ذهباً.. فكان جزاء الطامعين بهذا الإغراء نفي الافتراء، فالنصاب من رعية دولة عربية. |
ومن حصافة الملك عبد العزيز أن لا يسيء العلاقة بسبب هذا النصاب. وإنها لحصافة وأنها لتأديب للذين طمعوا أعرفهم واحداً واحداً كما أعرف النصاب. |
أما صورة السماحة وتاج العظمة.. فقد كان في ذروته الثانية.. كان جالساً يستقبل الزائرين في بيت عبد العزيز محمد الخريجي الذي نزل فيه في المرة الثانية، فليس لعبد العزيز بيت ملك شخصي في المدينة مع أن كل الأرض فيها ملكه، كان جالساً فإذا أخونا صديقنا حسن خشيم البقال يتقدم بشكوى حين وصلت سيارة فيها (تتن أي السجائر) صودرت، فقال الشاكي: بضاعتي مجمركة دخلت بإذن، أرجو ردها إلي. |
فنهره الملك عبد العزيز وكأنما أمر بسجنه.. وكان حسن خشيم شابًّا أصابه الهلع، ففقد أعصابه. وقال يخاطب الملك العظيم هكذا: (هو يا شيخ أنت جاي ضيف أو جاي تحسدنا) فسطع ضوء السماحة على الملك وقال باسماً راحماً: ((والله أني ضيف.. أطلقوه ردوا حقه)). |
هكذا كان عبد العزيز حصيفاً في الأولى. سموحاً في الثانية، وما أكثر الصور لو سنحت الفرصة لي أن أكتب عنه، رحمه الله، وأخزى الله كل عدو مخرب للأمن جاحد حاسد. |
|