شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
العروبَة لسَان قرآن.. أرض جنَان
وليس هذا العنوان مادة من قانون.. سنته الجامعة العربية أو صاغه خطيب على منبر. وإنما هو الوضع الطبيعي.. كالتزام وإلزام يحتمه تاريخ هذه الأمة.. فلئن كانت أمة العرب قد صنعت التاريخ المشرف.. والأمجاد العظيمة فإنها من صناعة التاريخ.. تاريخ الإسلام هذا الدين الحنيف.. ولم يكن هذا العنوان قد حبرته قبل أن يصوغه حوار وتسعفني به إجابة.. أتوقى بها الجروح المصابة.
فالحوار جرى بيني وبين الابن الصديق عبد الله عبد الرحمن جفري ، فقد مرت ساعة من نهار نتجرع فيها الغصص حين نتذاكر فيما عليه أمة العرب الآن.
وطرح هذا السؤال.. وما هي النهاية للأمة العربية؟
قلت: لا تسأل عن النهاية اليوم.. واسأل عن البداية فإنك ستجد أن بداية الأمس هي كالنهاية اليوم.
واكفهر.. يحسبني أفجعه في البداية.. تأخذه الظنون ، وكأني قد انقلبت شعوبياً.. أمسخ تاريخ العرب.. وأنسخ على صفحات القرطاس تاريخاً أهجر به التاريخ.
واستطردت أقول له: هل فجعتك في قومك.. أليست البداية أنهم كانوا قبائل في قلب الجزيرة العربية في النجود والتهائم والسروات وأليست ((يمنهم)) كانت مستعمرة حبشية.. وحيرتهم تحت الاستقطاب الفارسي.. والشام كلها تحت الاستعمار الروماني ومغربهم قد بسط الرومان نفوذهم عليه.. هكذا كانت البداية حتى إذا سطع النور على حراء.. وأشرق البرهان على الصفا، وطلع البدر مشرقاً على قباء في دار الهجرة، تكوّنت الأمة فإذا القبائل واليمن والشام والعراق والفسطاط وكل المغرب العربي ينتطمون في أمة واحدة دينها الإسلام لسانها العربية.. حاكمها القرآن.. وازعها إيمان يملأ الجنان.. تلك كانت البداية أفليست النهاية اليوم كالبداية أمس.. فحين أصبح اللسان عربياً والوجدان رومانياً أو أعجمياً وغير ذلك من نزعات القومية قومية الأرض المحدودة.. لا أممية الأرض غير المحدودة، فاللسان عربي اليوم ، ولكنه لا يتكلم إلا القليل من هذه الأمة بآية من القرآن.. بل إن بعضهم هجر القرآن فاتسخ الجنان بمذاهب أبعدته عن قيمة الأرض والدين فأسقطته في بؤرة الاستقطاب حين تمذهب كثيرون بمذاهب هي الحرب على مقوّمات الوحدة في الأمة العربية ، حرب على الأرض.. على الدين.. يشنها التخلص من وازع الإيمان إلى نوازع الشهوات.. وتوزيع القيادات ولو نظر دعاة القومية المحدودة في الإقليم إلى ما ذكره ابن خلدون عالم الاجتماع الأول وفقيه التاريخ الأول.. فقد قال: إن أي دولة لا تقوم إلا على وحدة الدين.. فالإسلام عنده هو الذي فتح وانتصر والأعرابية عنده هي التي تبعثرت وهزمت.. وإني معه في هذا التقنين وإن كنت لست معه في تشنيعه على العرب.. لكني أحسبه في احترام لقدره لم يكن شعوبياً يمسخ فيه العرب وإنما هو وقد اكتوى بنار الخلاف.. وبالحروب الإقليمية والتنازع بين القادة.. أكد أن ذلك كان بالانصراف عن الدين وباحتراف القبلية والإقليمية..
ولعلّ صديقي قد تنفس الراحة حين لم أفجعه في قومه ، فإن الأمة العربية قد أصلح أمرها رجال آمنوا حين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. ويفسد أمرها رجال لهم لسان عربي ووجدان شعوبي.
وكان الحوار على أساس ما أحدثه من ألم وما عمَّق من حزن المقال الذي كتبته جريدة (تشرين الدمشقية) فقد سمعنا ما أذاعته وكالة الأنباء الفرنسية ووكالة رويتر الأنجليزية حيث عزت إلى جريدة تشرين ترحيبها بالغزو السوفياتي فها هي تصفق للشيوعية.. تحسب أنها تحارب الإمبريالية بينما الغزو الذي شنته إمبراطورية الكرملين ما هو إلا إمبريالية توسعية تريد الوصول إلى المياه الدافئة وإلى وسائل الدفء وما إلى ذلك..
لقد فجعت بمقال تشرين.. كأنما هي قد أسقطت انتصار تشرين.. كأنما هي لا تعرف لدمشق قدرها..
دمشق يا حاضنة الربوة ذات القرار والمعين يا شامخة شموخ المنارة البيضاء يا موطن الإمبراطورية الأولى.. بعد الخلافة الإسلامية التي أنقذتك من سلطان القيصر فترحيبك اليوم بسلطان قيصر آخر كأنما أنت يا دمشق تسقطين من حسابك الأعلام من الرجال الذين حاربوا الاستعمار الفرنسي.
إبراهيم هنانو.. شكري الأيوبي.. يوسف العظمة.. شكري القوتلي.. كأنهم قد أخطأوا في حرب الاستعمار ، ولعلّ أن القول يمتد إلى أنك اليوم ومقال تشرين تقرئينه قد أبقيت نور الدين زنكي بعد أن أضحكه صلاح الدين وقد رزئت العز بن عبد السلام حينما ارتفع صوت الملك المظفر يهزم التتار في عين جالوت بالكلمة التي تنكرها تشرين (وإسلاماه). لماذا يا دمشق: أنسيت قول شوقي فيك:
دمشق ألست للإسلام ظئرا
ومرضعة الأبوة لا تعق
فمن هم الآباء.. آباؤنا وآباؤك.. أليسوا هم الذين يستأهلون العقوق من كاتب تشرين؟
هم أبو عبيدة.. أكرمك حين قرر فتحك صلحاً هم خالد بن الوليد الذي تسلّق أسوارك لينقذك من بطش الرومان.. هم صلاح الدين ونور الدين..
أبعد هذا المجد لك كله في التاريخ شامخاً.. صانعاً لمجد الأندلس:
لولا دمشق لما كانت طليطلة
وما زهت بيني العباس بغدان
أنا يا دمشق أم بغدان، دمشق كنت الحانية والجانية.. الحانية على إسلامك والجانية من جني إسلامك أفتصبحين اليوم الجانية على إسلامك..
أبشرك إنها سحابة صيف عن قليل تكشف.. فالبداية أعطتنا أن تكون النهاية كالبداية.. فقد قال إمامك النووي ابن دمشق: سيعود الإسلام كما بدأ.. ولن تكوني يا دمشق غير مسلمة.
العروبة لسان.. وأنت أحد حفظة اللسان.. رغم أن العرق العربي في الشام لم يبلغ الخمسة وعشرين في المائة.. فعروبتك لسان.. قرآن.. أرض.. مصير.. مصير يحكمك.. إلا أن يكون الجنان عربياً مليئاً بالإيمان. لا أكتب هذا ثائراً عليك.. فحبك في الأعماق ولا أثيرها ثائرة عليك.. وإنما أكسب بكل محرج من الإيمان أني ما أردت إلا أن أستثيرك لتصوني نفسك ولتصوني قومك.. فالغزو الروسي كيف ترينه سيكون؟
أنت يا دمشق لأول مرة تحكمين بشيعة علي.. فهل ترضى شيعة علي أن تكون الخطوة الثانية تهدم بها الشيوعية الماركسية الملحدة مدينة قم ومثوى علي الرضا؟ أحسب أن يوم عاشوراء لا يرضيك أن يكون يوماً ثانياً في التاريخ.
وهل بلغت الحماسة للاتحاد السوفياتي لدى كاتب تشرين درجة من الخوف.. ولا أقول تجديفاً للعقيدة؟
إن يوغسلافيا الشيوعية والمجر وألبانيا الشيوعيين قد استنكروا هذا الغزو.. أفلا تقولين يا دمشق كلمة استنكار باعتبارك عضواً في المؤتمر الإسلامي.. إن هذه الدول الشيوعية خافت على نفسها من خوفها على العالم وأنت كأنما الخوف قد ألجمك عن الإنكار وأنطقك بالثنايا على انتصار الذين يضفون المخافة للعالم.
* * *
حوار آخر!
وجمعتني مصادفة مع أستاذ من حلب الشهباء حاضنة العروبة الشماء أم جابر بن حيان، قال لي: نحن بني أمية فقلت له: أتفخر علينا بفخرنا عليكم من هو أمية.. إنه كفرد لا أثر له من صنع في الشام هو فخرنا عليكم.. لأنه ابن البطحاء.. مكة المكرمة.. افخروا بغيره من بنيه الذين أسسوا الإمبراطورية الأولى فيكم..
المعاديون والمردانيون.. لا تفخر بأمية.. إلا إن كنت وأنت أستاذ تاريخ قد تأخذ بالقول المرجوح بأن أمية لم يكن ابناً لعبد شمس من صلبه.. وإنما هو كما قالوا عبد رومي قذفه البحر أي جاء جليباً فاشتراه عبد شمس وتبناه، وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية.. فهذا حرب بن أمية الأكبر الذي نتكلم عنه قد تبنى عبداً له اسمه (ذكوان) فسماه أبو عمرو - وأبو عمرو هذا والد عقبة بن أبي معيض الذي كاد يخنق الرسول صلَّى الله عليه وسلم في الحج فخنقه أبو بكر وهو الذي قذف النبي عليه الصلاة والسلام (بالسلا) إن كنت ترجح هذه القولة فلا ننازعك الفخر بأمية.
كلمة الحق
لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها. كلمة مشرقة مؤمنة. قالها مالك ابن أنس في ساعة كرب، يحارب بها بدعة ويقضي على فتنة، ويجعل منها تفسيراً عميقاً لفهم الشريعة المسلمة، تتسع ولا تضيق على عدل ولا يجوز انتحال نحلة باطلة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :709  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 970 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج