شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
اكذب واكذب يصدقك الناس
اكذب واكذب يصدقك الناس.. كلام سمعناه حين أذاعوا علينا أنه الدعامة والأساس للدعاية النازية، ونسبوه إلى وزير الدعاية، (( جوبلز )) ولئن كانت الكلمة قد تشبث بها (( جوبلز )) ، في سلوكه وزيراً للدعاية، فإنها مذمة صاغها اليهود يكذبون بها على (( جوبلز )) ، فالنسبة إليه جائرة.
ولكنها تعني التمادي في الكذب، هي من بهتان اليهود، فتاريخهم مليء بالكاذيب.
وإن كذبتهم الأولى كانت على جدهم إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام.
قالوا إن أم إسرائيل يعقوب سرقت الرسالة والنبوة من إسحاق، منعت أن يأخذها الوريث الأكبر ((العيص)). كان العيص كثيف الشعر كما زعموا، فلكي تسرق النبوة والرسالة من العيص كست ابنها يعقوب شعراً إذا ما لمسه أبوه إسحاق ظنه العيص، فمنحه النبوة والرسالة.
فاليهود كذبوا وكذبوا، فإذا أبناؤهم يصدقون هذه الكذبة، وإذا الذين يخدعهم اليهود يصدقونها. فأي جريمة وأي جرأة أكثر من هذه الكذبة على الله وعلى أبيهم إسرائيل وجدهم إسحاق؟
ولكنهم اليهود سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ ، فهم كما قال حبرهم الصحابي الجليل عبد الله بن سلام، قال يا رسول الله - يخاطب سيدنا محمداً - إن اليهود قوم بهت، أي أصحاب بهتان.
والكذبة الثانية المزدوجة في أكثر من وضع هي كذبهم على أبيهم يعقوب، انتزعوا أخاهم يوسف بالكذب على أبيهم يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وألقوه في غيابة الجب، لم يقتلوه بأيديهم وإنما وضعه في الجب كان قتلاً فظيعاً، أكثر شراً من قتل قابيل لهابيل، أرادوا أن يموت في الجب، تلدغه أفعى، يغرق في الماء، يموت جوعاً ليكذبوا على أنفسهم بأنهم لم يقتلوه.
وأردفوا الكذب بالكذب، لطخوا قميصه بالدم يكذبون على أبيهم بأن الذئب أكل أخاهم.
فتاريخهم مليء بالأكاذيب، قتلوا الأنبياء ليكذبوا التوراة وليرفضوا الإنجيل، ثم هم يخرجون على الناس بأنهم أصحاب التوراة.
وكذبوه مرة أخرى حين زعموا أنهم صلبوا السيد المسيح عليه السلام ((واستمروا يكذبون بهذه الكذبة فصدقهم المسيحيون)).
إنهم يسخرون من كل الناس، لأنهم لا يرون إلا أنهم هم الناس، حتى كذبوا على أنفسهم بأنهم شعب الله المختار، وإن الله لهم وحدهم، فهم الآن يصدقون ذلك، لا لأنه الحقيقة، وإنما ليسخروا من الناس بهذه الكذبة.
فمن الحماقة بمكان أن نحاربهم بالتكذيب، فإنهم يريدون إعلان أكاذيبهم بالحرب عليها، كأنهم يجزعون خصومهم تصديق الكذب تحت اسم محاربة الكذب.
يرتع ويلعب
وما دمنا في هذا الصدد، فأستحسن أن أعلن إعجابي بفهم المحقق السلفي العلامة السيد محمد رشيد رضا، فقد قرأت في تفسير المنار قوله أرويه بمعناه، قال إن بعض العلماء من المسلمين يستحسن قراءة يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ يفضلها على قراءة ((نرتع ونلعب)) لأنه يزعم أن أبناء إسرائيل الأحد عشر الذين كادوا ليوسف عليه السلام أنبياء لا يحسن أن يوصفوا باللعب. فنهض السيد رشيد يقول:
ـ ألم يقرأ هذا الشيخ القصة كلها وفيها الكيد لأخيهم والكذب على أبيهم، وصفهم الله به، فجاز عليهم الكيد والكذب والمكر ولا يجيز هذا الشيخ عليهم اللعب؟
إن هذا الشيخ قد غرق في الإسرائيليات فانغلق عليه الفهم، أما السيد رشيد فعانق الصحيح فانفتح له باب الفهم.
* * *
جوبلز
والشيء بالشيء يذكر، ولا بد لي من كلمة عن ((جوبلز)) أتهم فيها الأديب المؤرخ أو المؤرخ الأديب في الغرب كيف لم يكتب عن مأساة ((جوبلز))؟
الآن هؤلاء أصبحوا مسخرين لأكاذيب اليهود، أم أنهم المأجورون يتقاضون الأجر من مال اليهود؟
إن الأدباء المؤرخين من الإنجليز، وقد كانوا في حرب ضد فرنسا وصراع من أجل الاستعمار، كتبوا عن الثورة الفرنسية وعن ((جان دارك)) بل بعض كتّاب النمسا الذين تجرعوا الحزن على ((ماري انطوانيت)) كتبوا عن ((نابليون)).
إن ((جوبلز)) انتحر كما انتحر ((هتلر)) لكن ((هتلر)) قد انتحر فراراً من الأسر والمحاكمة، أما انتحار ((جوبلز)) فلئن كان فيه هذا الفرار فإنه أضاف إلى انتحاره أن قتل زوجه وأبناءه، لئلا يعيشوا عار الهزيمة. فـ ((جوبلز)) لم يسأل عن نفسه وعن مصيره بعد، وإنما سأل عن مصير زوجه وأبنائه.
الانتحار لا تجيزه الإنسانية، ولكن إنسانية ((جوبلز)) قد اجترمت الانتحار اجتراماً أزاح به العار.. عار الهزيمة لا يعيشه أبناؤه.
لقد ذهبت حرية المؤرخ وبراعة الأديب تحت طغيان اليهود.
* * *
صور:
قال لي:
ـ إن فلاناً لا يفوته أن يقرأ ما تكتب، يتعقب زلاتك.
قلت:
ـ له مني الشكر، لأنه يصبح قارئي الوحيد، يبصرني بالزلات إذا امتلك الجرأة أو يغيظه الصواب إذا ملكته الكراهية.
كان الجمل في الغابة، فقد صاحبه، أصابته رصاصة من صائد الأرنب، فانحنى الجمل على صاحبه لعلّه ينهض ليركبه، ولكنه مات.
وعوت الذئاب، فاقترب ذئب من الجمل، لفخه، يدافع عن نفسه يبعده عنه، وعاش الجمل يأوي إلى جبل يتقي الذئاب، وسمع نهيق حمار فابتعد، ولكن الحمار وصل إليه، فقال الجمل للحمار:
ـ إن أردت العيش تأنس بي وآنس بك فإياك والنهيق، لا تفضحنا.
فقال الحمار:
ـ أنا لا أخشى الذئاب ولا أنت. فقال الجمل:
ـ ليس هم الذئاب أخشاهم عليك، ولكنها الضبع حين تصل إليك تستسلم فتفري أمعاءك.
ونهق الحمار فأكله الضبع.
وهكذا عشير السوء.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :616  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 944 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.