شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
خطاب مفتوح إلى الإمام الخميني
وهذا الخطاب أرسله على القرطاس في صحيفة يومية إلى الإمام الخميني الزعيم لشعب إيران المسلم، أدير به حواراً عن أمن الحجيج، لأضع هذا الزعيم أمام مسؤولية المسلم نحو أخيه المسلم، (( لا يظلمه ولا يحرمه ولا يسلمه )) .
ففي ذلك الحث والإلزام لكل مسلم من أي طبقة نحو أخيه المسلم، وأنت - أيها الزعيم - قد أطحت بإمبراطورية أراد صاحبها أن يعيد إمبراطورية الأكاسرة التي مزقها الله كل ممزق، فإذا أنت اليد التي أتمت التمزيق، حين اهتمت يدك باسم الإسلام أن تعيد لفارس مجد الرجال الذي لو كان العلم معلقاً بالثريا لتناولوه لو كان العلم معلقاً بالثريا لتناوله رجال من فارس.
فحظنا كلنا نحن المسلمين أن نحفظ للفرس حظها الوفير في بناء الحضارة الوسيط المسلمة، وليس هناك من يجهل أن بصمة سيبويه مطبوعة في حلقات الدرس في كل المساجد والجامعات إسلامية على الأخص وأكاديميات عالمية على العموم.
وما هناك أحد يجهل عن بصمة أبي حنيفة طبعها على الفقه في كل حلقة درس وفي كل جامعة، فالإمام الشافعي المطلبي بن عبد مناف هو الذي قال عن بصمة أبي حنيفة هذه.
الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه!
يعرف كل ذلك من تفقه عارفاً كل مذهب، سواء كان حنفيًّا أو غير حنفي. كل هذا المجد صنعه الإسلام لفارس، لا ننكره ولا نتنكر له، ولكن القومية في عهد أمية زرعت الشعوبية فيكم، فإذا أمة الإسلام نهباً بين القومية والشعوبية، بين الخلاف العميق بتمذهب كل فريق إلى مذهب جديد.
إن هذه المقدمة لا أجاملك فيها، ولا أتوارى خلفها، وإنما أضعها أمامك وأمام كل مسلم حين أسألك.. كيف ترضى للحاج من قومك وهو يؤدي الركن الخامس من الإسلام أن يمارس الفسوق بالشغب، وأن يلج به الجدال، يعكر بكل ذلك أمن الحجيج وصفاء الإسلام والأخوة في الدين، يضع هذه المهانة بهذا التعاون منكم، يمارسها في المسجد الحرام وفي المسجد النبوي وفي المشاعر العظام.
فهل ذلك من الإسلام في شيء؟!
فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ (البقرة: 197).
ولعلّي أذكرك ببعض ما حدث في أيام مضت، أضعها مادة مادة.
أولاً: إنكم تذهبون فيما تعتقدون إلى كره شديد للخوارج، فهل ترضى أن تكون أقل من نافع بن الأزرق وأبي حمزة وجيشهم الخارجي، فإن الجيش الخارجي قد وصل إلى مكة للحج وفي مكة جيش ابن الزبير، وفي مكة جيش أمية، فاحترموا إسلامهم واحترموا الكعبة والمشاعر، فتهادنوا، ولم يسل أحد منهم سيفاً على الآخر، ولم يشغب أحد منهم على الآخر: فلماذا تسمح لشعبك المسلم أن يكون أقل من هؤلاء الذين هم في موطن الكراهية، فلا زلتم الحاقدين عليهم.
ثانياً: وأن تعرف أنه حين انعقد المؤتمر الإسلامي الأول في بيت المقدس رضي العالم الأباضي إبراهيم إطفيش، والزعيم الأباضي سليمان باشا الباروني أن تأخذهم الوحدة الإسلامية في مواجهة الاستعمار، والصداقة للمؤتمر، أن يصلوا وراء، إمامكم المجتهد محمد حسين كاشف الغطاء، كما صلَّى وراءه السلفي والسني والشيعي، خضوعاً لوحدة الكلمة وطاعة للإسلام، فكل ما كانوا يعبأون به الدفاع عن كلمة ((لا إله إلا الله محمد رسول الله)) فصرفوا النظر عن الحب لفلان والبغضاء لفلان، لأن الحب للإسلام قبل كل شيء.
ثالثاً: وأنت تعرف أن الأباضية اليوم قد خضعوا لعدول أبي حمزة عن ذكر ما يسيء إلى الإمام علي كرم الله وجهه حين جلس أبو حمزة يتلقى الدرس والعظة من إمام دار الهجرة مالك بن أنس، تلميذ إمامكم الوسيط بين الأئمة الإثني عشر الصادق جعفر بن محمد الباقر، وتلميذ المرتضى لديكم وإن لم يكن إماماً عبد الله المحضي بن الحسن المثنى. حبب إلى أبي حمزة الحب وبغض إليه البغض.
ذلكم ما تلقيته عن أحد علماء الأباضية، فالعهدة في هذا الخبر عليه.
رابعاً: وأنت تعرف أن الإمام جعفر الصادق إمام المذاهب لديكم أنتم الإمامية قد أبى أن يكون موضوع فتنة أو صانع فتنة حين رفض دعوة أبي مسلم الخراساني التي دعاه بها إلى أن يبايعه إماماً خليفة، فهو في عقيدة الخراسانيين حينذاك الرضي من آل محمد قبل بني العباس، لأنكم وفي عقيدتكم قد رفضتم ميراث العصبة لتحصروا الإمامة في أبناء فاطمة رضي الله عنها.
إن جعفر بن محمد يعتقد ذلك فهذا مذهبه، ولكنه لم يذهب إلى قبول البيعة من أبي مسلم لئلا يكون فتاناً سفاح دم.
فهذا الإمام مالك تلميذه كأنه قال الكلمة التي هي من عمل جعفر فتنة ساعة شر من استبداد سنوات.. فلماذا لا يكون عمل جعفر، إمامكم، قدوة وأسوة تعلم شعبك أن لا يشغب في الحج وأن لا يحدث فتنة؟
فالمؤرخون في ظاهر ما سجلوا أن قاتل أبي مسلم المباشر هو أبو جعفر المنصور، بينما قاتله غير المباشر هو الرافض لدعوته جعفر بن محمد، رفضها وهو يعتقد أنه صاحبها لأنه أبى أن يكون صاحب فتنة، ولأنه جعل الإمامة فيكم سلطان وجدان لا سلطان إيوان.
خامساً: أسألك بحرمة الإسلام سؤالاً هو عن هذا الأمن، وارف الظلال على الحرمين وسياجهما، هل كان منذ أعوام طويلة وبعد عهد الخلفاء أمن مثله، يأمن به الحجيج، لا يدفع الحاج خفارة ولا إتاوة، لا يكلف إلا بما يصرفه على نفسه، لا ضريبة ولا رسوم؟ فقد ألغى كل ذلك من أنعم الله عليه بهذا الأمن الإمام السلطان الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن.
سادساً: وأنت تعرف أن الحجيج الإيراني قبل أن تتم وحدة هذا الكيان الكبير ((المملكة العربية السعودية)) وقبل نعمة هذا الأمن، كان يخرج من النجف أمناً بين قبائل نجد لأن دويلات المماليك والطوائف ومحمد علي لم يفرضوا على الحاج إتاوة لكل قبيلة من النجف إلى حائل، حتى إذا وصل الحجيج الإيراني إلى جبلي طيء كانوا في خفارة خلف بن ناحل وصلب بن الحربيين السالمين الميمونيين الأحمديين، تدفع لهما الإتاوة، وقبل أن يدخل الحجيج الإيراني إلى المدينة من الباب الشامي يدفعون الخفارة والإتاوة إلى الحربي السالمي الميموني الأحمدي ((الصميد))، فرض ذلك لهم محمد علي باشا.
فهل ترى اليوم خفيراً يأخذ إتاوة؟ فلماذا ترضون بالشغب والإرجاف بالحجيج؟
سابعاً: إن حكومة المملكة العربية السعودية تملك كل القوة والقدرة والكفاءة أن تمنع الشغب وأن تقضي على الفتنة في داخلها حفاظاً على الحجيج وتقديساً للبيت الحرام والمسجد النبوي، وهي أشدّ قوة وقدرة وكفاءة إذا ما أرادت وبجرة قلم أن تمنع كل من يشغب عن الحج، كما أنها تملك الرضى عن العالم الإسلامي إذا ما فعلت ذلك، ولكنها أبت إلا أن تكون صاحبة المنة بدون إعلان لتضيف إلى الأمن قوة الأمانة في خدمة الحرمين الشريفين.
وأخيراً أدعوك أن تفكر قليلاً، تعلم شعبك أن يحافظ على الأمن وهو يؤدي الركن الخامس من أركان الإسلام، وإذا لم تفعل ذلك فالحجة تقوم عليك لأن العالم الإسلامي هو الشهيد على من يصون الأمانة والأمن، وعلى من يسرف على نفسه حين لا يفعل ذلك.
ـ صور
وقالوا للإمام علي رضي الله عنه: هل تقاتل الخوارج على الكفر؟ ذلك يوم النهروان.
فقال الإِمام بكل السماحة والصدق: ((هم من الكفر فروا)).
وحين أعد نفسه لقتال أهل النهروان وقف لا يسحب سيفه ((ذو الفقار))، فقال: ((فتشوا عنه)).
فرجعوا إليه يقولون: ما وجدناه، وهم يعنون بذلك ذراع فتنة الخوارج.
فقال الإمام: فتشوا عنه، والله ما كذب ولا كذبت يعني رسول الله صلَّى الله عليه وسلم.
فرجعوا إليه لا يجدونه، فقال: فتشوا عنه، والله ما كذب ولا كذبت.
وفي المرة الثالثة وجدوه حقوصة بن زهير الذي قال لرسول الله الكلمة الكافرة الفاسقة النابية اعدل يا محمد.
فقال النبي: ويلك من يعدل إذا لم أعدل.
ثم أعلم الرسول أصحابه بعلامات زعيم الخوارج وهو حقوصة بن زهير.
فالإمام أراد التثبت ليعرف الحق، فلا يخوض الباطل.
وهكذا ينبغي لكل إمام، ألا يرزأ الناس بشهواته ونزواته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :621  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 913 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.