شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مقاريع عن الدكاترة يا شباب..!
وما دمنا نتكلم عن الدكاترة والأقلام الشابة فليكن ذلك الأسلوب البلدي (مقاريع عن الدكاترة يا شباب) فقد أخذت أقلام كثيرة في صحافتنا جميعاً أن تتحمل الكلام عن الدكاترة كأنهم ليسوا من أبنائنا. من أهلنا أو كأنهم قد أخذوا الغنائم عنا مع أنهم قد حملوا بعض الغرم.
مقاريع.. كلمة ينطق بها في الأجيال السابقة رجل من أصحاب القيم، فحين يسمع طرقات العصي بين اثنين من أولاد الحارات، أو بين حارة وحارة، بين الساحة والمناخة، بين سوق الليل والقرارة، بين المظلوم والشام، ينزل الرجل ذو القيمة لا يتقمش بلباس يصنع له الهيبة، وإنما الهيبة في معرفة المتعاركين في الهوشة لقيمته. فيقول: مقاريع يا مشاكلة. يا مطاليق. فإذا العصي ترتخي، وإذا الرجال ينسلون واحداً بعد الآخر إلى أعمالهم أو بيوتهم، وكأن الهوشة لم تقع.
وفريق من القبائل يجاور فريقاً من قبيلة أخرى يتعاركون على الماء أو على الكلأ فإذا واحد منهم شيخ له قيمته يقول: كفوا يا ((هاذول)) وكفوا يا ((هاذول)).. فإذا الجميع يثوبون إلى الرشد فهكذا كلمة (مقاريع) وكلمة (كفوا) تصنع السلام بين المتعاركين. فأود أن ألبسها الآن أدافع عن القيم وإن لم أكن من أصحاب المقامات، ولكنها الشيخوخة والتجارب المرة التي لبسناها تدعوني أن أقول: صونوا المودة بينكم، اعملوا للمحبة، فالدكاترة أخوانكم، وقد أصبحوا في مراكز عليا، وزراء مديري جامعات، أساتذة في الجامعات، مديري مؤسسات، فكيف نضع هؤلاء كلهم في موضع التندر، وأعوذ بالله أن أقول في مواضع ((الشتيمة)).
أتعرفون كيف يعاملنا جيل قبلنا؟ حتى كاد يقع الفصام بيننا وبينهم.. يقولون عنا (الأدباتية) سخرية وتحقيراً.. فحمزة شحاته وعبد الوهاب آشي ومحمد حسن عواد، وحتى محمد سرور الصبان كانوا في نظرهم ((أدباتية)) فلما تبوأوا المراكز العالية عدلوا عن ((الأدباتية)) إلى الشبيبة، انصرفوا عن السخرية والتحقير إلى شيء من النكير، فكلمة الشبيبة عندهم تعني التحلل من القيم، والتفسخ من المجتمع، وصبرنا على ذلك حتى رأينا اليوم كلمة ((الدكاترة)) تلبس حيناً معنى ((الأدباتية)) وحيناً معنى ((الشبيبة)).
.. يعني كثيراً من المعرفة والثقافة والعلم، فلما أمسكنا بهذا الرعيل من الجامعيين نعدل عن الشكر والفخر إلى ما تكتبه بعض الأقلام في صحافتنا الآن.. إني لا أرفض الخصومة حواراً عن الفكر، فالخصام في هذا الحوار يكون بعده الوئام، فالخصومة في إيضاح الفكر أو عن الثقافة أو التبصير بالأخطاء لا أرفضها. أما التجريح والتحقير فسيتأتى منه الفصام كما وقع بيننا وبين جيل سبق، وكما أعرفه عن بعض جيلنا يتنكر للشباب.. أما أنا فقد احترمت المستقبل، فجندت كل ما أصنعه في حاضري رفقاً بالشباب حتى الرعاية والحضانة لكثير منهم فإن القلوب التي اسودت من عقابيل الجيل السابق لم تبيض بأن تصنع في حاضرها التخلي عن الموجدة، والتحلي بالمحبة والصفاء.
حين جاء الدكتور يوسف عز الدين في مكة وجاء الدكتور الخاشقجي في المدينة، ووصل عبد الله منديلي بالطائرة إلى هنا، رحبت مكة، وازدهرت المدينة، وتزينت الطائف واحتضنت الرياض فرحاً بهؤلاء، وحين منَّ علينا الله، ثم الذين تعهدوا الابتعاث فجاءت كثيرة من الجامعيين والدكاترة، وانتشرت الجامعات يصبح المثقف حامل القلم حرباً على ذلك؟
أدعوكم إلى الوئام لئلا يكون الفصام، ولئلا تتكوّن شلل من الدكاترة والجامعيين تدافع عن نفسها ثم تدفع بنا إلى تعصب يصنع الفصام.
فلماذا نحن نحارب النجاح؟ فما رأيتنا يوماً نشرع أقلامنا بالثناء، وإنما أراني نشرع ألسنتنا بالنقد والتجريح، أهي طبيعة في العربي يجتر الهجاء وينفر من الثناء؟ هل أقول كلمة جمال عبد الناصر عن المصريين وهم فريق من العرب لا يبتعد عن هذه الكلمة كل الفرقاء من العرب حتى نحن؟
قال جمال عبد الناصر مرة يرحمه الله (كم أتمنى أن أجد مصريًّا يذكر مصريًّا بخير) فهل أقول: كم أتمنى أن أرى عربيًّا يذكر عربياً بخير وأخاً سعوديًّا يذكر أخاً سعوديًّا بخير؟
ـ مدرسة الفلاح
وزرتها مغرضاً فكان من حقها أن أزورها متشرفاً، فمدرسة الفلاح ليست تراثاً من التاريخ، فلو أهملتها الحكومة لكانت كذلك، ولكن وزارة المعارف تعدتها فإذا هي جريدة جديدة للتاريخ، في حفل تكريم لمؤسسها الحاج محمد علي زينل، يرحمه الله، في مدرسة الفلاح بمكة، ولم أكن من أحد تلامذتها لأنها لم تكن إلا في مكة وجدة، ألقيت كلمة. قلت: إن الفلاح كل الثناء عليها من هؤلاء الرجال الذين تخرجوا منها، فالكلام يعجز عن الثناء، فالسكوت عن الفلاح هو الثناء لأن هؤلاء الرجال هم الثناء، وأعجبت عبد الله عريف وكان حاضراً هذه الكلمة لأنه فلاحي، ولأنه كان كثير الرضا عما أقول، فرواها إلى أستاذنا إبراهيم النوري وكفلاحي فيه بعض الخوف على الفلاح من الفخار بها.. قال: إن الزيدان أراد أن تسير كلمة السكوت عن الفلاح ثناء مسيرة المذمة لها، كأن العريف لم يشرح له السباق والسياق، هكذا كنت أحب الفلاح فقد قلت لمن حارب مدرسة العلوم الشرعية (إن مدرسة فيها مائة تلميذ.. وتلميذ.. أحب من مدرسة فيها مائة تلميذ.. فلقد جعنا كثيراً).
وعن الفلاح اليوم فقد علمت من مديرها الأستاذ علي السكري أن جلالة الملك خالد أيده الله وأطال بقاءه، قد تفضل بإعطائها أرضاً كبيرة تبنى فيها المدرسة عوضاً عن المكان الذي هي فيه سواء بما تحويه من الفصول أو بطريق الوصول إليها، فالدعوة الآن - وسيبدأ الشروع في البناء - إلى الخيرين من الأثرياء أن يتبرعوا عوناً لهذا البناء. فبعضهم كان منها وبها، وبعضهم - وقد أعطته جدة الخير - ألا يُبخل بالخير.
إن العون للفلاح سواء من وزارة المعارف أو من أهل الخير هو الفلاح، فما من محسن إلا ويرزقه الله النماء والفلاح.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :864  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 900 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.