شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عذريَّة الحُب
ونشأ معها ولها، فما من يوم إلا وهو يراها، وما من لقاء إلا وهو يرى فيها شيئاً جديداً من الحب له، كأنما هو حبها، لا تخفيه، ولكنها تخافه.
أما هو فأحبها حباً على طريقة أخرى، يريدها لا تخفي مشاعرها، يريدها أن تكون له حين يبلغ الرشد الزوجة الحبيبة ليعيش بها ولتعيش فيه.
ومضت سنون، فإذا هي ناهد وإذا هو فتى!
فقال لها: أنت القريبة القريبة، قرابة من صلة الرحم، وقرابة من اللقاء المستمر، فلماذا لا نجعل هذه القربى تتسرمد، أكون زوجاً لك وتكونين زوجاً لي؟
ـ قالت: كم أود ذلك.. لكن يمنعني أن أقتل الحب بالزواج، فحين أصبح زوجاً لك تصبح شغلي الشاغل، خادماً في البيت، مربية للأطفال، تغضب حيناً فأسترضيك، وأغضب حيناً فتترضاني.
حينذاك ينقل الحب إلى صناعة أو تصنع، وأنا لا أريد إلا أن يبقى حبي لك دون تصنيع له ودون مصانعة به، لهذا ابتعد عن هذه الرغبة في الزواج، فلتبق الحبيب، ولأبق المحبة.
أتزوج غيرك أعيش معه، وتتخذ لك زوجاً غيري تعيش معها، عملاً بسنة العيش، أما أنا فأمتلك الحياة حين أكون لك بالحب كله، ولا أفرض عليك أن يبقى حبك لي، فالرجال كثيراً ما يرهقهم الحب فينصرفون عنه، أما نحن النساء فالإرهاق بالحب هو نعيم نحيا به، فالألم هو اللذة!
ألم تقرأ لي مرة كلمة لجبران خليل جبران ((ابتغوا اللذة بالألم، وابتغوا الألم بالحب))؟
لا أريد أن أفجعك، فقد أخبرني والدي أني قد خُطبت لعريس لم أره، فوافقت، ومن الإنصاف لوالدي أنه استشارني، ما أراد أن يستبدّ عليّ، حتى أنه ذكرني بك، فقلت له:
ـ استجب للخطيب.. واترك القريب.. فلم أجرؤ أن أقول الحبيب.. فالآباء لا يعرفون، وإن عرفوا لا يجهرون.
وتم الزفاف، فإذا هي أم الأولاد، فلم أدر أنها لا زالت على حبها لي، ولكني أردت التثبت.
زرتها يوم عيد، ومن خوخة الباب مدت يدها، ثم نظرت إلى عينيها فإذا هما تبتسمان بدمعة، كأنما شقاء الحرمان يسعدها حين يكون الحب قد ملأ الوجدان.
وما زال حبها معي، أبقته الأيام حين احترقت تموت، ولم يمت الحب!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :756  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 779 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.