شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
واضمَحَل الحُب!‍
واضمحل الحب.. ولم يكن ذلك عن الهجر ولا عن الجفوة بل كان ذلك صفوة.. ذلك أن الخريف (الشيخوخة) أصبح لا يعرف الهجر ولا الجفوة، لأن صفاء النفس هو متعة الشيخوخة، الآن لم تعد تفرق بين الشقوة إذا ما كانت هجراً، ولا تعرف الشقوة إذا ما تراءت لها دمعة في عين من أحب، لأن الخريف (الشيخوخة) قد عاد بأنسابها طفلاً جديداً لا يعرف إلا أن يحب نفسه.. فالأب والأم وكل الذين حول الطفل وحتى اللعب يتراءى لنا أنه يحبها، يبكي إذا ما غاب واحد منهما أعني الأب والأم، أو إذا ما غابت عن عينه لعبة، أنه لا يبكي من أجل ذلك كله وإنما بكاؤه أنانية منه، يريد الشيء، فإذا لم يتحقق يحتال بالبكاء ويحتال حيلة بالابتسامة وهكذا الخريف..
إن الشيخ أنسته السنون أن يكون كما كان لأنه أصبح هو الكائن بذاته ولذاته طفلاً من نوع جديد..
إن الخريف لم يكن عجز الطبيعة ولا هو شيخوختها، وإنما هو الفتوة العارمة فيها، فلولا عطاء الخريف لما كان الربيع.. فمن الجفوة لهذا الفصل تصوم فيه الأشجار وتستعمد الينابيع للفيض أن تجعله شيخوخة يوصف بها إنسان شاخ، لولا تدفق الخريف وعودة الشباب إلى الشجر لما كان الربيع، فلا تظلموا الخريف، ولا تعطوا للربيع طفولة الفصول أو شباب الفصول لتحرموا الخريف من قوة العطاء.
ولكن هو الإنسان إذا ما كتب يستمد الفكر وإن كان عقلاً من عاطفة هو فيها حتى ليجعل من عطاء العقل عطاء مستقلاً عن أثر العاطفة فيه، العقل وحده هو كالربيع، والعاطفة هي كالخريف فما من فكر ولا عمل عقلي يكون بلا عاطفة..
ومن هنا لم يعد للشيخ عقل إلا وقد تسربل بالعاطفة التي لا يعرف بها ذاته، فأثر العقل في الشيخ له أثر أو تأثير لأنه قد نسي أو تناسى كل المؤثرات..
وحين تهوبر الشيخ لم يكن إلا مودعاً للربيع ومستقبلاً للشتاء.. لا للخريف.
وحين يصحو من غفوة النسيان يخشى على ذاته هاجرة الصيف كما كان يخشى يوم كان ربيعاً هاجرة المصطاف.
إنه لا يعرف اليوم معنى العقيق، ولا مكانة للردف عنده، كل المعرفة قد انحصرت في (أنا)، لكن أنانية الشيخ ليس فيها سعار، وإنما هي سكون واستكانة لما هو فيه، فلن يتهوبر الشيخ بعد الآن، لقد نسي السمراء والبيضاء وأصبحت كل الألوان عنده سواء..
والشيخ بعد، لا يحسب أن هذه إلا استجابة أو هي غجابة لما كتبته ابنته الغالية، فكل بنات المدينة بناته، تلك نزعة البداوة فيه، إنها هي ((أمجاد محمود رضا)) كتبت في (عكاظ) عن الخريف يوم تهوبر.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :723  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 770 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثاني - النثر - حصاد الأيام: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج