شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
طرائف عن عبد الملك بن مروان
وإني وإن أحببت عصبية، فإني لا أتمذهب تعصباً، فالذين أحبهم لا يرضون لمن أحبهم البغضاء، فالعصبية شموخ العربي لا ينشعب بها عن قومه، ولئن أكتب عن عبد الملك بن مروان فليس لأنه الأموي وليس لأنه القرشي وإنما لأنه بكل ذلك كان الوسط بين القومية، فلم يبعثر بها قوة الفتح المسلم، ولم يتعثر بها في طريق إقامة الملك، فهو على حد تعبير خصيمه - وإن كان ابن عمه - ذلكم أبو جعفر المنصور حين قال (الملوك ثلاثة معاوية بن أبي سفيان وعبد الملك بن مروان وأنا) يعني أنه ثالث الملوك، واستدركت عليه أنه كان معاصراً لرابع الملوك عبد الرحمن الداخل، أعاد ملك أمية في الأندلس بل أعاد للإسلام ملك الأندلس، لم يذكره المنصور وإن افتخر به يوماً حين سماه أو لقبه صقر قريش، فخر به قرشيًّا كأنما هو قد سلب بني أمية ثالث ملوكها وأخذه لمجد قريش..
وبعد هذه المقدمة أسوق طرفتين، فالأولى أنه كان صديقاً للإِمام عامر ابن شراحيل الشعبي، حين كان عبد الملك حمامة مسجد حين كان يتمنى أن يكون مع أبي خبيب صديقه عبد الله بن الزبير صداقة المسجد وخصيمه في الملك يوم أخذ العرش عبد الملك يخرجه من المسجد إلى عرش دمشق بل عرض الإمبراطورية الأولى في الإِسلام، وكان بين عبد الملك وقياصرة الروم في القسطنطينية مواقف استطاع عبد الملك أن يتجنب شرها بدهاء الملوك وإن كان بعض من هم عنده طليعة طابوراً خامساً مع الروم، لم يكونوا مسلمين، فمن أخطاء أمية أنها احتضنت بعض نصارى العرب لا جزية ولا سيف، وأرسل القيصر إلى عبد الملك يطلب رجلاً يأتيه ليعرف عنه بعض ما يريده عن العرب، وأرسل عبد الملك صاحبه الشعبي حتى إذا عاد بعد لقاء القيصر وهو يحمل كتاباً من القيصر إلى عبد الملك وكأن الشعبي كالمتلمس ما فتح الكتاب حتى إذا سلمه إلى عبد الملك وقرأ وقال أتدري يا شعبي ما في الكتاب؟ إنه يقول عجيب لأمة فيها هذا الرجل فلا يتولى أمرهم وتوليته أنت، وأخذ الخوف من الشعبي مأخذه فقال عبد الملك: لا تفزع لقد حسدني عليك، فأراد أن يغريني بك فاطمأن الشعبي وطمأنت أخلاق الملوك..
والطرفة الثانية عن الحجاج وإبراهيم بن طلحة كما يلي:
عبد الملك بن مروان اشتد عجبه أو هو تعجبه من ثناء الحجاج بن يوسف يوم تم له الأمر أميراً في مكة ولا أقول عليها.. اشتد تعجب عبد الملك من ثناء الحجاج على إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله.. لأن عبد الملك يعرف أن أباه مروان اتهموه باغتيال طلحة بن عبيد الله والد إبراهيم؛ فكيف أصبح ابن طلحة في طاعة الحجاج.. من طاعته لعبد الملك بن مروان.. وأخذ عبد الملك يفكر ماذا وراء ابن طلحة، أهو مخلص في طاعته أم هو التخلص من عسف الحجاج، فأرسل عبد الملك يدعو الحجاج ليصحب إبراهيم بن طلحة يصلان إلى دمشق يجلسان حوله حتى إذا وصلا فأقبل عليهما يتلقى التحية منهم ويتلقيان التحية منه.. فالحجاج عامله وابن طلحة ابن عمه وصرف الحجاج ليختلي في خلوة لا يحضرها أحد مع ابن طلحة ليسبر غوره ويعرف ما عنده.. عن الحجاج.. وتكلم عبد الملك فإذا إبراهيم بن طلحة لا يخفي ابن عمه قوة الحجاج وصلاحه للإِمارة..
ولكنه قال: كأنما هو يثير نخوة القرشي ليرحم مكة من عسف الحجاج فقال إبراهيم: لنعم الحجاج أميرنا تسد به الثغور، ولكن مكة والحجاز لا تطيق ولا يطيق الحجاز قسوة الحجاج، فمن حق البطحاء على ابنها أن يرفع سلطان الحجاج عنه وليوله مكاناً آخر..
وسمعها عبد الملك.. وبعث إلى الحجاج فاستراب إبراهيم يخشى عبد الملك أن يبوح بما أسرَّه له.. فيغضب الحجاج ولكن عبد الملك كان الملك فقال: يا حجاج لقد كان ثناؤك على ابن طلحة فهو يراك أهلاً لأن تسد الثغور وقد قبلت نصحه من ثقته بك ومن ثقتي أيضاً، فقد وليتك العراق وسرَّ الحجاج بأن يكون الثاني بعد زياد..
حصافة رَحِمَ بها ابن عمه وتراحمت مكة بما فعل وأعطى للحجاج فرصة العمر بل عمر اتساع الفتح للشرق، فالحجاج بكل ما عليه هو بكل ما له كان عاصم الفتح للشرق ردئاً وعوناً فإذا السند يفتحها ابن أخيه وإذا الشرق يفتحها ابن عمه ابن أخيه محمد بن القاسم وابن عمه قتيبة بن مسلم الباهلي، وهكذا أصبح عبد الملك مليكاً في تاريخ العرب والإسلام كما أصبح الحجاج بما عليه وبما هو له تتسع سيرته لتاريخ ما يؤخذ عليه وما يأخذه هو له.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1145  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 668 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأربعون

[( شعر ): 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج