شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الغيث
ـ وأمطرت السماء في الوسمي، فإذا الكمأة ((الفقعة)) يملأ أرضه التي تنبت بها، وإذا أنا في الرياض يبشرني الكثيرون ممن أعرف بالفقع، فقد نشأت من آكليه والفرحين به، لأنه الدليل على إمراع الأرض وأفراح المنتجعين.
فحين تمطر السماء في الصحراء في الوقت الذي نظم فيه الله الكون إذ تهتز الأرض وتربو تنبت من كل زوج بهيج، وحين كنت أذهب إلى الخرج بالسيارة كانت المرة الخيرة قد شاهدت فيها ((نفود السر)) التي كنا لا نمرها إلا ليلاً و فجراً خشية الرمضاء وقسوة الرمال وتغريز السيارات. خرجنا من مكة كان معي في السيارة ((عباس صيرفي، والسماء كانت تمطر من قبل وحين سفرنا. فماذا وجدت في النفود؟
لقد وجدتها بستاناً مليئاً بالزهور كأنما الرمل قد استحال بالغيث إلى أن ينبت الغيث.
قلت لعباس صيرفي:
ـ دعنا نمشِ وئيداً.
فأطاع رحمه الله، ومكثنا نشاهد هذا البستان قد أحاله الغيث بقدرة منظم الكون إلى جنة فيحاء. وحين خرجنا من النفود قلت لصاحبي:
ـ إن الشاعر العربي لم يصف الزهر والعطر إلا حين شاهد أرضه ينبت فيها ذلك، فالمطر في حينه تهتز به الأرض وتعطي من مكنونها المعجب والمفرح.
من هنا وفي تلك اللحظة فقهت كلمة الفاروق أبي حفص عبقري هذه الأمة ((عمر بن الخطاب)) للعباس بن عبد المطلب حين أراد يستغيث في عام الرمادة.. عام القحط، فقد قال العباس:
ـ يا عباس.. أرقب لنا نوء كذا.
فجاءه العباس بما راقب فاستغاث ((أبو حفص)) فأمطرت السماء، وأغاث الله الناس.
إن السماء لا تمطر فينسب المطر أنه من فعل النوء، وإنما الأنواء نظمها الله في سنن خلقه، وقبائلنا تعرف الوسم وتسأل الله أن تغاث به.
وكان ((عام الرمادة)) قد أجهد العرب فانحازوا إلى ((المدينة)) يطلبون الطعام فأطعمهم ((عمر))، كان يأكل معهم، فاستحال لونه وهو الأبيض الطويل إلى سمرة لأنه كان لا يطعم إلا ما أطعم، فاستغاث فأغاثه الله.
والشيء بالشي يذكر، فقد كتب إلى ((عمرو بن العاص)) فاتح مصر وأميرها حينذاك كتاباً قال فيه:
((يا لكع بن لكع.. تريد أن تعيش أنت ومن معك لأهْلَكَ أنا ومن معي؟!)).
فأجابه عمرو:
((لبيك ثم لبيك.. هذه العير أولها عندك وآخرها عندي)).
وأكل العرب حتى إذا شبعوا وأمرعوا، قال ابن الخطاب: ((هيا هيا إلى بواديكم)).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :570  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 551 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.