شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الوقفـة الخالـدة
في استقبال البطريك إلياس معوَّض الرابع
لا الأهْلُ أهلـي، ولا أوطانُهـم داري
فإنْ ضَحِكْـتُ فتَمويهـاً لأكـداري
أُحِلُّه بَلَداً في ظلّه نَبَتَتْ
قَوادِمي، وَحَلا للناسِ قَيْثاري
أطْلَقْتُ فيـه مـنَ الألحـان أَعْذَبَهـا
وأبْحَرَتْ مِنْهُ للشَّرقَيْن آثاري
غَذِّي جَناحي، وقَوّاه ولَوَّنَه
حتى ارتَفَعْتُ إلى مـا فـوْقَ "بَشـارِ"
أجلُّه بَلَداً طابَتْ نَوافِحه
وأنْضَجَتْ شَمْسَـهُ الشَّقْـراء أثمـاري
يَحْنُو على ابني، يُربيه، يُدَللّه
يَرْعى بَراعِمه، يَكْسوه بالغارِ
أُجلُّه بَلَداً هَلّتْ سَحائِبه
ورَقَّ حاشِيَةً للضَّيْف والجارِ
أبْوابُه كَيَدِ الطَّائيّ مُشَرَّعةٌ
وقَلْبُه مِـنْ ضـلالات الهَـوَى عـارِ
أجلّه بَلَداً يُبْدي نَواجِذَه
إذا اشْرَأبَّ إليهِ غاصِبٌ ضَارِ
لا عَبْدَ فيه ولا موْلَى يُسيّره
حُرِّيّة الفِكْـرِ فيـه شَرْعُـه الجـاري
أجّله بَلَداً يَمْشي إلى غَدِه
بالحَزْم والعَـزْمِ، لا بالسَّيـْف والنـارِ
ترابُ أميَ مِحْرابٌ تَطوف به
رُوحي، وتَجثو علـى جَنْبَيْـه أفكاري
رُحْمَاك يا رَبِّ فاجْعَـلْ فيـه آخرتـي
أنا الضَّعيف على أقْدام جبّار
* * *
يا مَنْ تَحدَّى مطايـا الريـح هـادرة
نَزَلْتَ حُراً على نائينَ أحْرارِ
حامَتْ على رَكْبكِ الهـادي جَوانِحُنـا
رَكْباً مِنَ الشَّوْقِ يَجـري خَلْـفَ تَيّار
لله هذا المُحيّا في مَهَابَتِه
أكْبرْتُ فيه عطايـا الواحـد البـاري
أضْفى عليكَ التُّقـى بُـرْداً تَقـرُّ بـه
عَيْنُ المُحِـبِّ وتَقْـذَى عَيْـنُ غَـدَّار
بُرْداً مِنَ النُّور في تَزْويقـه اشْتَركَـتْ
أيدي مَلائكةٍ كالنور أطْهارِ
خَدَمْتَ شَعْبَك، لا رَعْياً لمرتَبةٍ
تُغْري النُّفوس، ولا سَعْياً لدينارِ
لكنْ لِتُرْضي نـِداءً فـي ضَمـيرك، لا
يَنْفَكّ يَدْعو إلى حُبٍّ وإيثارِ
ومَنْ يَكُنْ مِنْ ثَراء النَّفْس فـي سَعَـةٍ
لَمْ يُلْقِ بالاً لإِقْلال وإكثارِ
كَمْ وَقْفَة لك في وَجْـه الذيـن غَـوَوا
تَنَقَّلَتْ وَقْعها الدنيا بإكبارِ
سَلُوا الرئيسَ (1) الذي تُخشى زَمازمُـه
ويُرْتَجى عَطْفُه عَـنْ صَوتـِه النـاري
جابَهْتَه بكلامٍ سَوْفَ تَذْكُره
قَضِيَّةُ الحَقِّ مِنْ دَهْرٍ لأدْهارِ
فنَّدْتَ ما اختَلَقَتْ صُهْيونُ مِنْ حُجَـجٍ
ولَفَّقَتْ مِنْ رِواياتٍ وأخبارِ
وعِبْتَ أَنْ يَجْهَلَ الأحرارُ أنّ يَداً
تَمْتَدُّ للخَيْرِ لا تُعطي لِجَزّارِ
نَغُضُّ تَحْتَ عصا التَقْريع مِـنْ خَجَـلٍ
وراحَ يَضْرِبُ أعذاراً بأعذارِ
ووَدَّ في سِرّه لَوْ كان في يَدِه
أنْ يَسْتَجيبَ لصَـوْتٍ مِنْـكَ هَـدّار
وقَدْ تَشُـلُّ ضَمـيرَ المَـرْءِ مَصْلَحَـةٌ
فلا يُمَيَّزُ بَيْنَ الغَارِ والعارِ
* * *
يا صاحبَ التَّاج مِنْ فَضْلٍ ومِـنْ أدبٍ
أثَرْتَ وَجْديَ، واسْتَقْـرَأتَ أغـواري
ليَشْهدَ اللهُ ما حَمَّلْتُ قافيَتي
زُورَ الشُّعورِ، ولا كلَّفْتُ أوتاري
ما كنْتُ أرْضَى لشَـدْوي أن يُخَالِطَـه
حِقْدٌ وتَدْعو إلـى التَّمْييـز أشْعـاري
لكنّ قَوْميَ فـي وَيْـلٍ، فوا خَجَلـي
إنْ لَمْ أهزَّهُمُ للأخْذِ بالثارِ
إَّن المَحَبَّة في روحي وفي جَسَدي
فَلْيَغْفِر اللهُ في البَغْضَاءِ أوزاري!
* * *
سفينةُ الدِّيـن في خَـوْفٍ وفي حَـرَجٍ
فرُدّ عنها الأذَى يا خَيْرَ بَحّارِ
تَحلّلَ الناسُ مِنْ أياته، وجَروا
وراءَ أهوائهم في كلِّ مِضْمارِ
فاطْلَعْ – جُزِيتَ – على آفاقهم قَمَـراً
وافْتَحْ بصائرَ عُمْيانٍ وأغْرارِ
ليسَ التَّعصُّبُ تَقْوَى… إنَّـه مَـرَضٌ
في النَفَس يَسْطو بأنْيَابٍ وأظْفارِ
ما جاءَ ديـنٌ بغَـيْر الحـبِّ فَلْسَفَـةً
فَلْيَتَّعظْ كُلُّ دَجَّالٍ وثَرْثارِ!
* * *
يا صاحـبَ التـاج تَرعـاه ضَمَائِرُنـا
هَلْ مِن حَدِيثٍ عَنِ الأوطان جـرّار؟ (2)
طابَتْ على نَغَمَـاتِ الُحـبِّ سَهْرَتُنـا
فاسْكُبْ بيانَك صَهْباءً لِسُمّارِ
ما ذُقْتُ خَمْرَكَ إلاّ صِحْتُ مِنْ طَـرَبٍ
يا رَبِّ، يا رَبِّ طَـوّلْ عُمْـرَ خَمّـارِ!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :366  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 564 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.