شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ماء زمزم المبارك (1)
بقلم: السيد أحمد العربي مدير الأوقاف العام
هيهات أن ينال من قداسته جاحد أو مكابر إنه الماء المبارك وإن رغم الجاحدون.. الطهور الطيب وإن كابر المحرومون إنه هزمة جبريل: وسقيا الله إسماعيل وهو شراب الأبرار المضنون به على غير المؤمنين الأخيار إن من يتصدى للنيل من قداسة ماء زمزم وطهارته مثله كمثل من يتصدى لذم الغيث والسحاب أو ينكر ضوء الشمس ونور القمر:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من سقم
إنه لغريب حقاً أن يتصدى شخص يحسب من المسلمين إلى إنكار سنة من سنن الإسلام سنها الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه بقوله: وعمله وأشاد بفضلها وميزتها وجعلها علامة فارقة بين المؤمنين والمنافقين. كيف يسوغ لمؤمن يؤمن بالله تعالى ورسالة نبيه الذي لا ينطق عن الهوى أن ينكر شرب ماء زمزم والتبرك به ذلك الإنكار الشنيع ليدمغ نفسه بسمة للمنافقين التي وسم بها الصادق الأمين، وأني لهذا المفتري تلك التحاليل المزعومة التي أثبتت له إن ماء زمزم ملوث؟ وكيف جهلت البعثات الطبية التي تفد إلى هذه البلاد في موسم الحج من كل عام كما جهلت هذه التحليلات وهي الصفوة التي تختارها الحكومات الإسلامية من خبرة أطبائها لتعنى بحجاجها وتحافظ على صحتهم! فهل خفيت هذه التحليلات المزعومة على تلك البعثات على مدى القرون والأجيال ثم ظفر بها هذا الدكتور الفذ وحده واهتدى إليها بفطنته وعبقريته دون غيره من الأطباء والعلماء والقادة والمفكرين! أم أن تلك البعثات الطبية كانت على علم بالتحليلات المزعومة ونتائجها الخطرة على صحة الحجاج ثم أغمض أطباؤها وصيادلتها والمسؤولون فيها عيونهم وأخفوا الحقيقة عن حكوماتهم وشعوبهم وضحوا بآلاف الحجاج من مواطنيهم وغير مواطنيهم لأنهم لم يوهبوا مثل ضمير هذا الدكتور الناصح الذي صدع بهذا الأمر وأعلن للعالم استكشافه الخطير، أم أن الحقيقة التي لا يجحدها غير مكابر تشهد بأن التحليلات الطبية التي أجريت لماء زمزم أثبتت سلامته من كل أذى وفائدته في علاج كثير من الأمراض، وحسبنا من ذلك التحليلات التي قام بها بنك مصر عام 1936م (1355هـ) بوساطة مهندسين وكيمائيين مختصين وأعلن نتيجتها للملأ. بما يشهد لماء زمزم المبارك بنقائه وسلامته من الأوضار والأمراض واشتماله على بعض الأملاح النافعة كأملاح بعض المياه المعدنية التي يقصدها آلاف المرضى للاستشفاء بها في أوروبا تلك التحليلات التي كتب عنها الأستاذ الجليل الشيخ أحمد علي في أحد أعداد هذه المجلة:
بقي علينا أن نسأل الدكتور النابغة عن المصادر التي استقى منها معلوماته أو ظنونه عن مياه مجاري مكة المكرمة التي زعم أنها تتسرب إلى بئر زمزم؟ هل بحث هذا الموضوع مع أحد من أهل الخبرة أو المعرفة بهذا البلد المقدس أم أنه مجرد ظن وإن بعض الظن إثم؟ إنه لو سأل بعض أهل المعرفة من سكان هذا البلد الأمين أو الواقفين على تاريخه الصحيح من العلماء المحققين لعلم أن هنا مجرى عميقاً مبلطاً محصناً يعرف باسم (مير باخور) أعده منذ عهد جيد خصيصاً لتصريف فضلات الدور والمحال ودورات المياه التي كانت في السابق مجاورة للمسجد الحرام قبل أن تزال في مشروع التوسعة الجديد، ولم تزل الحكومات المتعاقبة على هذه البلاد تتعاهد هذا المجرى بالإصلاح والتجديد حتى العصر الحاضر لأن الحكومات الإسلامية جميعها أحرص من أن تسمح بأن يتسرب شيء من الفضلات إلى هذا الماء الطهور المبارك.
وبعد فليطمئن المخلصون لهذه البقاع المقدسة وما فيها من المشاعر العظام والمشفقون على سمعتها من أن تتأثر هذه الدعاية الكاذبة المضلة من جمهور المسلمين فضلاً عن المتنورين منهم أذكى وأبعد نظراً من أن ينخدعوا بهذه الأكذوبة وأنهم لأعقل وأسمى مدارك من أن يصدقوا هذه ويكذبوا مشاهداتهم ومشاهدات آبائهم وأجدادهم عبر العصور والأجيال مشاهدات آلاف الحجاج والعمار الذين شربوا من ماء زمزم دون أن يصيبهم أذى. إن المسلمين بمشارق الأرض ومغاربها أحصف وأعمق إيماناً من أن يتأثروا بهذه الدعوى التافهة إذ أنهم لا يخامرهم أدنى شك في أنه لو صح عند حكوماتهم هذا الزعم الباطل لما سمحت لهم بالمجيء إلى هذه البلاد، وهي تعلم علم اليقين أنه ما من حاج أو معتمر يفد إلى هذه البلاد ويشرب من هذا الماء المبارك ويتضلع منه لأنه مؤمن أصدق الإيمان بكل ما شرعه هذا الدين الحنيف، حريص كل الحرص على الاقتداء برسوله الكريم ومن ذلك التزود من شراب الأبرار والفوز بالبراءة من النفاق ألا فليطمئن المؤمنون المشفقون من هذه الدعاوى المسمومة فإن الله ناصر دينه وحافظ بيته ومشاعره من كيد الكائدين ودس الدساسين وقد تكفل جلت قدرته لسكان بلده ووفود حجاجه وعماره بالأمن والسلامة في رحاب هذا البيت المبارك فقال أصدق القائلين: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ. فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (آل عمران: 96 - 97). فهل يتصوره مؤمن بها هذا الضمان الإلهي أن يتعرض الوافدون لهذا البلد الأمين للأذى والمرض بشربهم من ماء زمزم المبارك الذي أنبعه الله تعالى بجوار البيت الذي جعله مثابة للناس وأمنا معاذ الله أن يصدق ذلك مؤمن.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :612  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 80 من 112
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.