شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أثار بيانُك الصَّافي شُعوراً (1)
هتكنا الشمسَ دونَكَ والحِجابا
وخُضنا بين موكِبكَ العُبابا
وجاوزنا السَّماكَ إليك وجداً
وبارينا اللواقحَ والرَّبابا
وسِرنا خلفَ ركبِكَ في ازدهاءٍ
بضوء مَداكَ لا نألو اقتِرابا
ورحتَ كأنما تحدو (بُراقا)
على اسمِ اللهِ تُزجيهِ رِكابا
وما كُنا نَهابُ عليك مِنهُ
ولكنَّا خَشينا أن يَهابَا
* * *
أجلْ جشمتَه عِبئاً ثقيلاً
وأحلاماً وآمالاً هِضَابا
فكنتَ وخالداً نَصلينِ فيه
وكان على فِرندِكُما قُرابا
جَلالُ بطولةٍ وطموحُ شَعبٍ
وسرُ أبوهٍ سطعَ انجيابا
يفيضُ حَماسةً ويروعُ بأساً
ويطفحُ نَجدةً ويمورُ غَابا
وحاذيناكَ صَفاً بعدَ صفٍ
بواشقُ تنهبُ الأفقَ انتهابا
وأغرقنا المُحيطَ بكُلَّ قلبٍ
تَصبي باقتحامِكَ أو تَصابى
وأرهقنا جوارِحَنا احتراقاً
وأهْرقنا جَوانِحنَا انسكابا
فما أعددتَها إلا قُلوباً
ولا أنضيتَها إلا رِقَابا
ولا حلَّقتَ إلا فوقَ هَامٍ
ولا مَهَّدتَها إلا صِعابا
وأيًّا ما دَعوتَ وجدتَ مِنَّا
ولم نبرحْ جوانبَك الجَوابا
وما كُنا نُطيق وأنت روحُ
ونحنُ الجسمُ بالطبعِ الغيابا
* * *
وما مرتْ من الأيامِ خمسٌ
هي الأحقابُ طولاً وارتِقابا
كخمسِكً يومَ أنْ حلَّقتَ تَطوي
بِساطَ الماءِ والقفرَ اليَبابا
وظلْنا والقلوبُ لها وَجيفٌ
كما أَشعلتَ في ضَرمٍ ثِقابا
نجرُّ ذيولَنا بالفَخرِ طَوراً
وطوراً نَصدعُ الشفقَ اقتضابا
بآيةِ ما شهِدناها فِجاجاً
وأفواجاً وأمواجاً صِخَابا
بحيثُ يرودُ طرفُكَ ما تَجلَّى
من المَلكوتُ تَسبِقُهُ اجتيابا
وحيثُ أشعةُ الأفلاكِ تَلقي
على شرفاتِهِ تِبراً مُذابا
وحيثُ الريحُ راكدةٌ تأنى
وآنا تنفضُ الأُكمَ اضطِّرابا
وحيثُ المُزنُ صِوانٌ تَهادى
حَوافلُ تقذِفُ الغيثَ انسرابا
شججتَ نواصي الأَعرافِ مِنها
بيُمنِكَ ثم زاحمتَ الضَّبابا
وشعشعتَ السديمَ بك ائتلافاً
وأغرقتَ الأيمَ بِنا التِهابا
وأرسلَهَا المُذيعُ فقالَ بُشرى
فرُحنا نلمسُ الشِعرى انقلابا
وأقبلْنا على بعضٍ نَشاوى
ولما نحسُ من كرمٍ شَرابا
وهللَّنا وكبَّرنا وقُمنا
نُؤدي الحمدَ للهِ احتسابا
* * *
وأقبلتِ الوفودُ إليك تَترى
تسُدُّ مفارقَ الطُرُقِ انسيابا
تبثُ إليك نجوى (جَالياتٍ)
فتحت لها من التاريخِ بَابا
أتحتَ لها المخيلةَ فهي تُرغي
وتُزبِدُ في دعائِمِه مَثابا
ترى عرشَ السعودِ لها مَناراً
وتَلقي في دعائِمِه مَثابا
تنافسُ في (مهاجرها) وتَسمو
إلى الجليَّ وتقتبسُ اللُّبابا
كان الضادُ ثمةَ من وراءِ
خمائلِ سُندسٍ بُسطت رِحابا
موشاةُ الأرائكِ والزُّرابي
كما شارفتَ من نجدٍ جنابا
عرائسُ من دُمى لبنانَ تُهدي
كأنَّ على أنامِلها خِضابا
رأيتُ (الهدسنَ) (2) الفِضيَّ شفا
كأن سفينهُ ارتسمتْ حَبابا
تَنَقَّلُ بين شطيهِ فُرادى
وتَغشى لُجهُ السَّاجِي كعابا
وطوداً فوقَ طودٍ من قُصورٍ
تناطحُ مِثلما زَعموا السَّحابَا
وأمصاراً تضِلُّ العينُ فيها
مُزخرفةٌ وأروقةٌ قِبَابا
كأنَّ الفنَ يومَ أقامَ مِنها
هياكِلَهُ تصيدها اختِلابا
وآلاتٌ يَحارُ العقلُ فيها
وكانت في مَجالِيها تُرابا
(وحَرثاً) لا نظيرَ له (ونَسلا)
تعالى اللهُ لا يُحصي حِسابا
حضارةُ أمةٍ نَهضتْ وَشيكاً
ولم تأنفْ مع الجدِ الدُّعابا
عناصرُ ضَمَّهَا (طُوفانُ نوحٍ)
وقد أعيتْ على الدَّهرِ انشِعابا
بوارجُ شيدَ الفُولاذُ مِنها
معاقلَ تُشبهُ الأفعى انسِحابا
تبرجَ في مسابِحِها بُروجاً
مُرنَّحَةً وآونةً عُقابا
إذا قَذفتْ بصاعِقةً عدواً
تصبُّ عليه من كثبٍ عَذابا
فيا إبنَ الصقورِ وأنت مِنهم
غَداةَ مغارِهم تَحكي الشَّهابا
أرحنا من رؤى الأطيافِ واشددْ
عُرى الأهدافِ وارتجلِ الخِطايا
وصفْ للشرقِ ما في الغربِ مما
رأيتَ ليَسمعَ العَجبُ العُجابا
أزحْ عنه غواشِيَهُ وأثبتْ
له أن المُنى تَعنو اغتِصَابا
وأن َّ كنوزَ أرضِ اللهِ رهنٌ
بمن يَرقى ومن يَبقى انتخابا
وأنَّ الناسَ أظفرَهُمْ بحقٍ
قويٌ يُنشىءُ الدُّنيا غِلابا
* * *
وقلْ لجزيرةِ العُربِ اختياراً
أقلِي الَّلوم أو خَلَّي العِتابا
وقُومي غيرَ صَاغرةً وهُبّي
إلى العلياءِ والتَمِسي الرَّغَابا
وجدي واجهري وعَمي صَباحاً
فقد صِرنا من الثَّقلينِ قَابا
وضحي وانضَحي عَرقاً وشُقِّي
سبيلَكِ ما جَنحتِ له انتصابا
وقَري في بَنيك اليومَ عَيناً
فلنْ تريَنَّهُم إلا صِلابا
فلا ألقاكِ هاتفةً بماضٍ
تهشَّمَ عِبرةً وذوي وذابا
* * *
تلفتْ خَانِقاً وقَضى حَسيراً
وخلَّفَ من مَواعِظِهِ كِتابا
* * *
أنر ببيانكِ الضَّافي شُعوراً
تحيَّر واهدِهِ الرأيَ الصَّوابا
وَقِفْهُ (3) على مشاهدَ شاخصاتٍ
من العُمران تمخضه انكِبابا
* * *
هي الأخلاقُ أسبغْها دُروعاً
وأفرغْها وإنْ ثقُلتْ ثِيابا
(وليسَ بعامرٍ بُنيانُ قومٍ
إذا أخلاقُهم كانت خَرابا)
فإن ذهبتْ - وحاشانا - فزورٌ
وإن بقيت فلن نَشقى ثَوابا
* * *
يُؤرَّقُني الهوى من حُبَّ دِيني
وقومي ثم يُشجيني احتقابا
وكم أطلقتُها سجراءَ شكوى
وكم رقرقتُها نُطفاً عِذابا
قصائدَ تَذرُفُ العبراتِ حرى
وأخرى تقدحُ الشررَ اشتبابا
فذرني والمكذِّبَ في حَديثي
فما يسطيعُ (4) في الحقَّ ارتيابا
وشرُّ الجهلِ ما أفنى كُهولاً
وخيرُ العِلمِ ما أحيا شَبابا
وَرُبَّ حقيقةٍ كُسيتْ فهانتْ
وعزَّتْ بعدَ ما عريَتْ نقابا
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :358  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 196 من 1070
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.