سَرَقْتَ بلادي ولم تَخْجلِ |
وشوّهتَ وَجْهي ولم تسألِ |
وشرَّدتَ أهلي شرْقاً وغَرْباً |
وأرسلتَ سَهْمَك في مَقْتلي |
وقطَّرتَ صابَك في مَشْربي |
وأفرغْتَ سَمَّك في مأْكلي |
فكيفَ أمدُّ إليكَ يدي |
وأصفحُ عن فِعْلك الأنْذَلِ |
وكيفَ أصدِّق دَعْوَى السلامِ |
على شَفَتَيْ أكذبٍ أَخْتَلِ |
وكيف أنامُ قريرَ الفؤادِ |
وأحلُمُ بالزَّهْرِ والجَدْولِ |
وكيفَ أروّضُ حِقْدي العنيدِ |
وأرضَى مِنْ العيشِ بالأَرْذَلِ؟ |
تباعَدَ قَصْدُك عن غايتي |
وشطَّ رَجاءك عن مأْمَلي |
بلاديَ هذي، فكيف أُبيحُ |
ثراها الزكيَّ لِمُسْتَرْجِلِ |
وفي كل شِبْرٍ ضريحُ شهيدٍ |
يَمُدُّ يَدَيْه إلى مُرْسلِ |
سَفَحْتُ على قَدَمَيْها دمائي |
وقرّبتُ قلبي على الهَيْكلِ |
أيَسْرَحَ فيها الدَّخيلُ عزيزاً |
ويَرْنُو إلى أهلِها مِنْ عَلِ |
ويقطُفُ منها شهيَّ المجاني |
ويرشُفُ مِنْ مائها السَلْسَلِ |
ويَرْقُدُ في حُضْنِها آمناً |
ويَخْتالُ في الخزِّ والمَخْمَلِ |
ويحيا الأصيلُ شَريداً طَريداً |
كسيرَ الفؤادِ بلا مَوْئِلِ؟ |
يُمَنُّ عليه بكِسْرة خُبزٍ |
ويُحسبُ عِبْئاً على مُفْضِلِ |
وتَقْذفُه الريحُ من مَجْهَلٍ |
يلوكُ السرابَ إلى مَجْهلِ |
إذا نامَ أزعجَهُ طائِفٌ |
يُلحُّ عليه: ألاَ فارْحَلِ |
وإن قامَ ثارَتْ بأحشائِه |
نوازي الحنين إلى "الكَرْمِلِ" |
عذابي المقيمُ متى ينقضي |
وليلي البهيمُ متى يَنْجلي؟ |
سهرتُ على حرماتِ المسيحِ |
ومَرْتِعه الأَخْضَرِ الأخْضَلِ |
ونافَحْتُ عن ذِكْرياتِ الرسولِ. |
وقِبْلَةِ إسلامِه الأوَّلِ |
فكيفَ تُظاهر رَهْطَ الضَّلاَل |
وتَفْتَحُ دارَك للمُبْطِلِ |
وكيفَ أُشرَّدُ عن مَنْزِلي |
ليحيا عدوُّك في منزلي؟… |
سأخنقُ جُرْحِيَ بينَ الضلوعِ |
وأَقسوا على دَمْعيَ المُسْبَلِ |
وأحشدُ للثأر نارَ الجحيم |
وأركَبُ مَتْنَ القَضَا المُنْزَلِ |
فلا حَقَّ يعلو بلا قُوةٍ |
ولا نَصْرَ يُسلَسُ للأعْزَلِ |
ولا شأنَ في الطَّيْرِ للعَنْدليبِ. |
ولا خَوْفَ فيها على الأجْدَلِ. |
فلسطينُ عِرْضي، فإن لم أصُنْها. |
فلا نَضَّرَ اللهُ مستقبلي |