(( كلمة المحتفَى به الأستاذ عبد الرحمن بن عبد الكريم العبيد ))
|
ثم تحدث الشيخ الأستاذ عبد الرحمن بن عبد الكريم العبيد حيث قال: |
- الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.. سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. |
- أيها الأحبة في الله: أحييكم بتحية الإسلام "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته". |
- أيها الأحبة: حين اعتذرت لأخي الشيخ عبد المقصود خوجه أكثر من مرة، كنت أعتقد بأن هناك من هو أحق مني بالتكريم وأجدر بالاحتفاء، وما يقدمه الإنسان لدينه وأمته هو واجب يتحتم عليه قبل كل شيء؛ فتحية إجلال وعرفان جميل للأخ الكريم الأستاذ عبد المقصود على حُسن ظنه وعلى إصراره بالاحتفاء بأخيه، لأنه يعتقد أن تكريم أي أديب هو تكريم للأدب نفسه؛ أما هذه الصفوة المختارة من رجال الفكر والأدب والثقافة - مما عبروا بحضورهم هذا عن الاحتفاء والتقدير أيضاً - فلهم مني عاطر الثناء وخالص الود؛ وأنا أعرف أن من بينهم من هو أكثر مني علماً وأطول باعاً، وإنني سأستفيد منهم أكثر مما أفيد. |
- أيها السادة: لا أعتقد أنَّ في سرد سيرتي الذاتية وتجربتي الأدبية لأي أديب ما يفيد مستمع، إلاَّ بقدر ما فيها من العظة والعبرة والخبرات.. ومن هنا فسأكتفي بما ذكره أخوتي الَّذين حضروا من المنطقة، والَّذين تجشموا عناء السفر امتداداً لنشاطهم وهممهم ودورهم الواضح في إرساء وتطوير الأدب.. بما ينشرونه أو يدرسونه، فلهم مني جزيل الشكر؛ وسأتناول من قضية التجربة الأدبية ما أرى أنه يحقق الفائدة وأترك الدخول في التفاصيل. |
- أيها الأخوة: يقال عمل الأديب قطعة من نفسه وصورة لشخصيته وموقفه من الحياة.. وهو قول حق؛ فإذا كانت دراسة الأديب تعتمد في المقام الأول على ما يكتبه عن نفسه، وفي المقام الثاني على ما يكتبه عنه المعاصرون؛ فلعليّ أجد في هذه الأمسية الجميلة فرصة طيبة، نتبادل فيها الآراء النافعة والأفكار الهادفة. |
- ولدت عام ألف وثلاثمائة وواحد وخمسين هجرية، وهو العام الَّذي أعلن فيه عن توحيد المملكة العربية السعودية تحت مسمى واحد؛ وهو العام الَّذي نفّذت فيه اتفاقية البترول ومرحلة ما بعد التوحيد أو ما بعد النفط، من أدق المراحل التي مرت بها المملكة ومن أهمها، حيث بدا أن مرحلة جديدة تدخلها وتمارسها بقوة وتصميم؛ لقد اتخذت حياتنا الأدبية طابعاً جديداً، وظهر أدباء موسوعيون على نحو ما ظهر في البلاد العربية الأخرى، فأنت ترى الأديب يكتب شعراً ويحرر مقالة ويدبِّج بحثاً أدبياً أو تاريخياً، فلا يكفي بذلك بل يتجه إلى اللغة والثقافة الإسلامية، وتلك ظاهرة نجدها في أدبنا المحلي لا تختلف عن البلاد العربية الأخرى. |
- ولعليّ لم أشُذَّ عن هذه القاعدة، ولعلكم تستغربون إذا قلت لكم لا تنتظروا أن تسمعوا سيرة ذاتية تبرز فيها الشهادات الجامعية العليا، فأنا لا أملك من الشهادات إلاَّ شهادة: أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله؛ وما سوى ذلك.. فهي ثقافة عامة اكتسبتها بجهد شخصي وممارسة ومتابعة في مجال البحث والدرس والتثقيف الذاتي، وملازمة المشايخ الفضلاء.. ننهل من علمهم ونتتلمذ عليهم. |
- أما الشعر: فقد رافقني في وقت مبكر وقبل أن أصل إلى العشرين. |
- وتتلمذت على الصحافة في أول عهدها، زاولت الكتابة وحظيت بصحبة أخوة في هذا المجال، منهم: الأستاذ سعد البواردي، والأستاذ عبد الله أحمد الشباط، وغيرهم.. |
- وممن تأثرت بهم في مجال البحث والجغرافيا: الشيخ محمد بن بليهد (رحمه الله) في كتابه: "صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار" فقد زرته مع والدي في مكة عام ألف وثلاثمائة وتسعة وتسعين هجرية. |
- في مجال العلوم الشرعية - أيها الأحبة - استفدت من صحبة مشايخ فضلاء في الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، وأخص منهم شيخي محمد بن سلمان آل سليمان القاضي بالمحكمة الكبرى بالدمام، وغيره.. جزاهم الله عني وعن الإسلام خير الجزاء. |
- إن الأمم - أيها الأحبة - لا تقاس بعدد أبنائها ولا بعدد أدبائها، وإنما بمدى تطورها حضارياً وأدبياً وتاريخياً، ولقد كان التفاعل الفكري والثقافي واضحاً في حياتي الشخصية حين مارست الشعر، ونشرت أولى قصائدي قبل أربعين سنة؛ أو حينما أصدرت كتاباً عن: "أدب الخليج العربي" قبل ست وثلاثين عاماً؛ وهو مقالات ومحاولة أولى، ولكني أجده اليوم كأحد المصادر التي يعوَّل عليها، مارست إدارة التحرير في أكثر من صحيفة. |
- أيها الأخوة الأفاضل: هناك - ولا أود أن أطيل عليكم - ثلاث محاور رئيسية، بنيت عليها مساهماتي في ميدان الثقافة.. المحور الأول: (اللغة العربية وآدابها) وقد تجمع لديّ من ذلك أربعة كتب هي: "الأدب في الخليج العربي" دمشق 1377هـ؛ "على طريقة الفكر" مقالات وأحاديث إذاعية؛ ديوانان هما: "في موكب الفجر" و "يا أمة الحق". |
- المحور الثاني: (البحوث في التاريخ والجغرافيا) فقد أصدرت كتاب: "قبيلة العوازم" بيروت 1381هـ؛ وكتاب: "الجبيل ماضيها وحاضرها" طبع مرتين بمطابع جامعة الملك سعود بالرياض، ثم كتاب: "الموسوعة الجغرافية بالمنطقة الشرقية" في جزأين، ويتولى طباعته اليوم نادي المنطقة الشرقية الأدبي، ثم كتاب: "رؤية في حرب الخليج" وهذا الكتاب ما زال تحت الإعداد.. وإن كانت الأبواب الرئيسية فيه قد انتهت. |
|
- المحور الثالث - أيها الأحبة -: (العلوم الشرعية) أصدرت في ذلك كتاب: "أصول المنهج الإسلامي" وقدم له معالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض؛ جزاه الله خيراً؛ ولدي الآن: "معالم التفسير" و: "المسائل والدلائل" و: "فقه الحج المبرمج" وهو تحت الطبع. |
|
- أيها الأحبة: بالإضافة إلى ذلك.. فقد شاركت في أكثر من مؤتمر من أهمها: "مؤتمر تاريخ الملك عبد العزيز بالرياض" بدعوة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وشاركت في المؤتمر التاسع لأمناء الدعوة الإسلامية المنعقد في تنزانيا بدار السلام، ثم مؤتمر منظمة المدن العربية المنعقد في منطقة الجبيل الصناعية؛ ثم مؤتمر الجهاد الإسلامي التي دعت إليه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية؛ ولدي الآن دعوة للمشاركة في مؤتمر الأدب الإسلامي، الَّذي سيعقد بجامعة عين شمس بالقاهرة في الفترة من 20 إلى 23 أكتوبر 1992م. |
|
- أيها الأخوة الأعزاء: إن للأديب رسالة ودوراً بارزاً يدل عليه ويشير إليه؛ وبعد لعلي أشترك مع كثير من إخواني في المنطقة الشرقية عاشوا في فترة ما بعد النفط، شاركوا في التطوير الثقافي الَّذي نراه يبرز اليوم على الساحة الأدبية، وفي مجموعة أعضاء النادي الأدبي في المنطقة الشرقية، فأنا واحد من هذه اللبنات.. لقد عشت الأدب في وقت مبكر، وأرخت له وترجمت لأهله، ومارست الصحافة في أول ظهورها في المنطقة الشرقية، وكتبت أكبر موسوعة جغرافية عن المنطقة الشرقية، ولقد تعرفت على رواد الأدب في المملكة في وقت مبكر أيضاً، منهم: الأستاذ محمد حسن عواد، والأستاذ عبد القدوس الأنصاري، والأستاذ حمد الجاسر، والأستاذ عبد الله بن خميس، والأستاذ عبد الله بن إدريس. |
|
- وبعد: فإن الأديب الحق هو الَّذي يقدر الكلمة، ويعبر عن آمال الأمة وآلامها، ومرد ذلك إلى الصدق والإخلاص والممارسة النزيهة من خلال جزالة اللفظ في المعنى والسموّ فيه، وهما هدفان رئيسان لكل صاحب قلم. |
|
- في الختام أكرر شكري لكم جميعاً، ولأخي الشيخ عبد المقصود خوجه على هذه العناية الكريمة، فجزاه الله عني وعن الأدب والفكر في المملكة خير الجزاء؛ وأكرر شكري لكم جميعاً، والله من وراء القصد؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|