شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ أمين عبد الله القرقوري ))
ثم أعطت الكلمة للأستاذ أمين عبد الله القرقوري ليقول كلمة بهذه المناسبة ثم يعقبها بسؤال للسادة العلماء فقال:
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
- اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.. اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيد خلقك المثل الكامل محمد بن عبد الله، عبدك ورسولك صلى الله عليه وسلم وبعد:
- رائعٌ هذا اللقاء، رائع فيه اجتماع العلماء رائع فيه الاحتفاء بتكريم العلماء وكيف لا يكون هذا اللقاء رائعاً لتكريم العلماء وهم ورثة الأنبياء كيف لا يكون رائعاً وقد ترك العلماء المسلمون عبر تاريخنا الإِسلامي كله بصماتهم في ميادين العلم والوعي والجهاد إنه رائع دون شك وفيه إعطاء العلماء بعض الحق الذي يستحقونه علينا كمتعلمين وكقراء وكمتابعين لما يكتبونه، لقد كان العلماء وسيظلون دائماً بحول الله تعالى القادة في الجهادين الأكبر والأصغر، الفقهاء كان لهم دور في الجهاد بالسنان ومن منا لا يذكر أسد بن الفرات فاتح صقلية، ومن منا لا يعرف دور العالِم الجليل العزِّ بن عبد السلام في تعبئة القوة الروحية لمعركة عين جالوت، ومن منا لا يعرف الأدوار العظيمة لشيخ الإِسلام ابن تيمية في ميادين العلم والعمل، وفي القريب في هذا القرن وفي القرن الذي سبقه، أقصد القرنين الهجريين، كان للعلماء دور كبير وعظيم وجليل في إيقاظ الأمة وفي التقدم لحمل راية الجهاد وما زلنا نتحدث وسنظل نتحدث كثيراً عن الأمير عبد القادر الجزائري وما زلنا نتحدث وسنظل نتحدث طويلاً عن بطل الريف عبد الكريم الخطابي، وما زلنا نتحدث وسنتحدث طويلاً عن الشيخ سعيد شامل بطل القوقاز الذي قاد الجهاد الإِسلامي ضد روسيا القيصرية ما يقرب من أربعين سنة، ذلك بعض الأثر الذي تركه العلماء المسلمون في القريب وفي البعيد من تاريخنا، وأنتم جميعاً تذكرون ذلك الموقف الجميل الذي سجله أديب العلماء وعالم الأدباء الشيخ علي الطنطاوي حين قص قصة عن إبراهيم باشا حينما استولى على دمشق وعلم أن أحد علمائها لم يحضر لزيارته فذهب إبراهيم باشا إلى المسجد الذي يلقي فيه الشيخ الجليل درسه ودخل مع حاشيته فما تحرك الشيخ وما أوقف درسه ووقف إبراهيم باشا وجهاً لوجه أمام الشيخ وكان الشيخ يمد رجله لألم فيها وكانت قدم الشيخ في وجه الأمير مباشرة فاغتاظ الباشا، اغتاظ إبراهيم باشا من هذا الشيخ الذي لا يحترم قوته ولا جبروته وظن أنه يستطيع أن يغير موقف هذا الشيخ بالذهب، ذهب إلى بيته وأرسل إليه كيساً من الذهب وجاء رسول الباشا إلى الشيخ وحاول معه أن يأخذ الكيس ولكن الشيخ أجابه إجابة رائعة لا تنتهي روعتها أبداً قال له الشيخ: سلِّم على سيدك الباشا وقل له: إن من يمد رجله لا يمد يده.. وفي هذا اللقاء الجميل الذي نحظى به دائماً في هذا المنزل العامر والذي كما قلت في كلمة سابقة يمثل ريادة أدبية لم يعرفها الوطن العربي من قبل إذ أن أمتنا عرفت في "صوالين" الخلفاء والأمراء والوجهاء ندوات للعلم والأدب والشعر، ولكنها لم تعرف ندوة يكرم فيها في كل أسبوع عالم أو أديب أو شاعر، أقول في هذا اللقاء يجب أن نذكر المك الشهيد فيصل بن عبد العزيز، في الوقت الذي كان تيار القومية العربية يظن أهله أنه سيقضي على كل شيء، ويظن الذين أوقدوا نار القومية وهم الذين لا يريدون أخوة الإِسلام ولا وحدة المسلمين وهم صف طويل من المستشرقين ومن العلماء الغربيين في هذا الوقت الذي كانت فيه القومية العربية في مظهرها مستأسدة وكأنها القوة التي لا تغلب في ذلك الوقت نهض فيصل رحمه الله بدعوة التضامن الإِسلامي، ولم يكن أحد يتصور أن هذه الدعوة لم تكن تملك في ذلك الوقت وسائل الإِعلام الكافية لم يكن أحد يتصور أنها ستحقق نجاحاً أما إنها ستوقف القومية العربية وأما إنها ستأخذ مكانها في العالم الإِسلامي فلذلك أمر ما أحسب أن أحداً يتصوره إلاَّ إذا كان من المتفائلين وكان من المؤمنين بنصر الله للمؤمنين، وانتصرت دعوة التضامن الإِسلامي ومن نتائجها الخيرة منظمة المؤتمر الإِسلامي هذه التي نحظى اليوم بعدد من يقومون بإدارة من إداراتها الرئيسية، والذين حاربوا دعوة الإِسلام للوحدة وللتضامن إنما حاربوا هذه الدعوة وما يزالون حتى اليوم يحاربونها ويخططون لحربها ويكرسون الكثير من الجهود للقضاء على الوحدة الإِسلامية وعلى تطلع المسلمين للوحدة الإِسلامية إنما يفعلون ذلك لأنهم يخشون الإِسلام هذه حقيقة قد لا يتصورها الكثيرون قد لا يتصورون أن الغرب القوي في كل الميادين يخشى هذه الأمة برغم ضعفها وبرغم تفككها والواقع أن الغرب لا يخشى الأمة وإنما يخشى دينها يعرف أن هذا الدين يغرس في نفوس معتنقيه حينما يؤمنون به الإيمان الصحيح، الكرامة والقوة وحب السيادة، ولقد حذر كثير من المستشرقين والمؤرخين الغربيين، وأذكر أن أول تحذير قرأته نقله مؤلف "حاضر العالم الإِسلامي" الكتاب الجليل الذي علق عليه تعليقات عظيمة أمير البيان شكيب أرسلان، فقد نقل المؤلف فيه تحذيرات لمستشرق إيطالي في القرن الثامن عشر يحذر فيه الغرب من تحرك هذا العالم الإِسلامي القوي ولعل من التحذيرات الأخيرة التي صدرت عن المستشرقين وعن الغربيين بصفة عامة التحذير الذي أصدره أو صرح به المؤرخ العالمي توينبي في محاضرة تعرفونها جميعاً ألقاها في جاكرتا سنة 1952م وهي عن الإِسلام والغرب والمسلمين، في هذه المحاضرة سجل توينبي كثيراً من الملاحظات التي نفخر بها، إحدى هذه الملاحظات أن استعمار الغرب للعالم الإِسلامي تأخر ما يقرب من مئتي سنة لأن الغرب كان لا يزال يذكر صولات المسلمين في الجهاد وحماسهم وشجاعتهم، يقول توينبي، وهو يحذر الغرب: إنَّ الأمة الإِسلامية إذا اتحدت وقويت فستمثل لعنة للحضارة الغربية.. ولهذا هم يخططون ويكرسون حتى لا تنبعث هذه الأمة الإِسلامية كما كانت في ماضيها المشرق ولكن أخطر مخططاتهم تلك التي أصبح بعض أبناء المسلمين بالوراثة يتبنونها لقد توقف الغرب عن مهاجمة الشريعة الإِسلامية وعن الزعم بأن الشريعة الإِسلامية لا تصلح لهذا العصر توقف الغرب إلى حد ما ولكن هذا الاتهام وهذه الدعوة تلقفها بعض المسلمين بالوراثة في أكثر من قطر إسلامي ونجد أنَّ هؤلاء المستغربين يزعمون أنَّ الشريعة الإِسلامية لا تصلح لهذا العصر رغم أنهم يعرفون أنَّ سادتهم الغربيين قد اعترفوا بأن القوانين جميعها قد نبتت في ظلال الدين أيّاً كان هذا الدين، نقل المفكر الإِسلامي وحيد الدين خان في كتابه "الإِسلام" يتحدى كلمة للخبير القانوني المعروف السير هنري جين يقول فيها لا يوجد مثال واحد في القوانين من قانون الصين إلى قانون بيرو إلاَّ وكان ذا علاقة بالطقوس الدينية والعبادات، منذ بداية أمره وقد بقيت القوانين الأوروبية متأثرة بشكل أو بآخر بالمسيحية حتى قامت الثورة الفرنسية إذ أخذ المشرعون الأوربيون بعدها كما قرر ذلك الفيلسوف سبنسر يجردون القوانين بكل ما له مساس بالدين والأخلاق والفضائل الإِنسانية فاقتصرت رسالة القانون على تنظيم علاقات الأفراد المادية وما يمس الأمن والنظام، ثم حدث تطور مذهل، لقد بدأت بعض القوانين الأوروبية تعترف بالمكانة السامية للشريعة الإِسلامية ففي مؤتمر الحقوق الذي عقد في النمسا عام 1927م قرر البروفسور شيرل عميد كلية الحقوق في جامعة فيينا أن البشرية لتفخر بمحمد صلى الله عليه وسلم وأن تشريعه سنكون نحن الأوروبيين أسعد ما نكون لو وصلنا إلى قمته بعد ألفي سنة، ثم توالت اعترافات القانونيين في مؤتمرات كثيرة ودون ريب فإنَّ الأمة الإِسلامية تفخر بمجمع الفقه الإِسلامي وتتطلع إلى إنجازات علمية كثيرة وأحسب أنَّ من بعض ما يتطلع إليه المسلمون المثقفون من المجمع أولاً فيما أعتقد إعداد صياغة لعلم اقتصاد إسلامي لأننا نتحدث طويلاً عن الإِسلام وصلاحيته لهذا العصر وعن صلاحية الشريعة لمعالجة مشاكل الاقتصاد دون أن يكون لدى الدارس علماً اقتصادياً إسلامياً وهذا هو السؤال الأول مدى تقديم أو إنشاء أو تكوين علم اقتصاد إسلامي؟ السؤال مطروح للسادة العلماء للإِجابة عليه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :742  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 160 من 170
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثالث - النثر - مع الحياة ومنها: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج