شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ أمين عبد الله القرقوري ))
ثم أعطيت الكلمة لسعادة الأستاذ أمين عبد الله القرقوري - مدير عام جريدة البلاد - فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك وصفوةِ خلقك.. المثل الكامل والقدوة العالية، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد:
- أحسب أن الحديث في هذه الليلة شاقٌ وعسير بالنسبة لي، ذلك أني لم أَشْرُفْ من قبل بمعرفة ضيف الندوة.. وهو تقصير مني، وبطبيعة الحال لم أسعد بالاطلاع على شيء من كتبه التي حققها، ولكن الحديث يَتَّسِعُ دون ريب.
- فنحن أمام عصاميٍّ كون نفسه وسار وسط طريق صعبةٍ، حتى حقق الأهداف التي رسم الطريق إليها؛ ودون ريب فإن الأمم تفخر برجالها العلماء، وليست هناك حضارةٌ في الدنيا إلاَّ ونجد خلفها العلماء والمفكرين والأدباء والشعراء؛ هو من هذه الزاوية خَليقٌ بإعجابنا قمينٌ بتكريمنا، ونحن يجب أن نسعد وأن نفرح بهذه الكوكبة العلمية الرائعة، إنها طليعة مسيرتنا نحو الحضارة ونحو المجد، ونحو الحياة التي نتمناها والتي رسم معالمها ديننا الحنيف، وبدون هذه الطليعة الواعية لن نستطيع أن نصنع شيئاً، المال وحده لا يصنع شيئاً، والثروة والإمكانات الطبيعية لا تصنع شيئاً بدون العقول.
- العقول الواعية المتحررة، ولذلك فإنني أشعر كما تشعرون جميعاً بالابتهاج حين نحظى بتكريم رائدٍ من رواد المعرفة، في هذا البلد الَّذي صدَّر للعالم كله المعرفة والحضارة، وفي مقدمةِ مُصَدَّراته هذا الدين القويم، الَّذي ما زال ينتشر في الأرض، وما زال يصنع الأعاجيب حين يتوفر في ميادينه وتحت رايته المجاهدون والعاملون المخلصون.
- وهذه الليلة أحسب أن الحديث عن المخطوطات، وقد كان يجب أن نستمع جميعاً لأستاذنا الكبير الدكتور المنجد، ولكنه آثر الاستماع ليرى مدى ما حققه ويُحققه تلاميذه في مجال العلم والمعرفة؛ وأعتقد - غير مبالغ ولا متأثر بالانتماء لهذه الأمة العظيمة - أنها الأمة الكبرى التي عُنيت بالمخطوطات وبالكتب عنايةً لا مثيل لها، وبالطبع كل المعارف الإسلامية، إنما نشأت ووجدت لخدمةِ القرآن الكريم والسنةِ الشريفة، والمخطوطات في بدايتها كانت للقرآن الكريم وللسنة الشريفة، ثم تطورت فأصبحت تتسع لألوان مختلفة من المعارف.
- وقد وصل الأمر - أو وصلت العناية بالمخطوطات - لدى المسلمين أن بعض الحكام والسلاطين - لا سيما العثمانيين - كتبوا نُسَخاً من القرآن الكريم بخطوط جميلة رائعة، وقد عُنِيَ الحكام - أيضاً - بتكوين المكتبات؛ وأذكر أنني قرأت عن تاريخ الأندلس، أن بعض الحكام - ولعله عبد الرحمن الناصر - أقام مكتبة تحتوي على مئات الألوف من الكتب، وكذلك في كل العواصم العربية كانت هناك المكتبات وهناك النّساخ، وكان هناك الَّذين يدفعون للنساخ المبالغ المجزية، لينسخوا وليجيدوا النسخ؛ ولكن المأساة التي لا نستطيع أن ننساها - وأحسب أن العالِم المنصف المتحرر مهما كان دينه لا يستطيع أن ينساها - تلك هي مأساة المغول، حينما حطموا آثارنا العلمية وأحرقوها ورموها في النهر، وقد ذهب في هذه الفترة كنز عظيم لا يستطيع أحد أن يُقدره، ولذلك فإن كثيراً من الكتب نقرأ أسماءها في الفهرست - مثلاً - أو في كشف الظنون، ونجد من هذا الكتاب جزءاً أو جزئين، وأحياناً لا نجد إلاَّ ورقات، وأحياناً لا نجد منه شيئاً.
- تلك ليست مسؤولية المغول وحدهم، ولكن كان هناك الإهمال أحياناً، والحروب والمشاكل الداخلية؛ وحين نذكر النسخ والمخطوطات الإسلامية - وأنا أحب كلمة الإسلامية ولا أحب العربية في هذا المجال، ذلك أن حضارة الإسلام إنما صنعها المسلمون على اختلاف ديارهم، وكان العرب ممن أسهموا في هذه الحضارة، ولذلك لا يجوز لأحدٍ أن يتحدث عن الحضارة فيصفها بالعربية، لأن العرب كانوا ممن أسهموا في هذه الحضارة، ولم يكونوا هم المسهمون الوحيدون فيها - ولعل مما نعرفه جميعاً ونتحدث عن المخطوطات وعن النسخ، أن المخطوط العربي هو الَّذي حفظ للعالم الأوروبي نتاج الفكر الإغريقي، فقد ضاعت أصول أكثر الكتب الإغريقية الفلسفية والعلمية، ولكن الأوروبيين حين أرادوا أن يبدؤوا حضارتهم الحديثة، استفادوا من المخطوط العربي، لأنهم وجدوا فيه أرسطو وأفلاطون وفيثاغورس، ووجدوا فيه مدرسة المشائين، ووجدوا فيه كل ما كان لدى الإغريق من معلومات.
- ذلك دينٌ لأمتنا ولمخطوطاتنا في عنق أوروبا، أحسب أن المنصفين منهم يعترفون به، وهذا يؤكد لنا أن العناية بالمخطوطات أمر جيد ورائع، وجدير بأن يكون هدفاً للعلماء ولطلبة العلم، لأنه يحفظ لنا جانباً كبيراً من تراثنا، أحسب أني سأعود - مرةً أخرى - لأُعرب عن تقديري لضيف هذه الاثنينية، وإعجابي بجهاده وجهوده، وعن اعتباره صورةً ناطقةً من صور الكفاح والعصامية؛ أتمنى أن نسعد بلقيا الكثيرين من هذه الكوكبة التي تقتحم طريق المجهول، نحو تحقيق الحضارة التي نطمح إليها، وأتمنى للجميع بالتوفيق؛ وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :802  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 147 من 170
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثاني - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج