لا بد أن لاحظنا من الإخوانيات السابقة، يشكِّل العتاب جزءاّ أساسياً من الشعر الإخواني، كما أشار د. محمد عثمان الملا في كتابه القيّم "الإخوانيات في الشعر العباسي". كان الشعراء والأدباء، وكما هم الآن، يتضايقون من كثرة العتاب، وفي ذلك قال بشار بن برد، وأحسن في قوله:
إذا كنت في كل الأمور معاتباً
صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
ولكنهم كانوا يتضايقون أيضاً من عدم العتاب، فهو يدلّ على عدم الاكثراث. العتاب على الأقل دليل على الاهتمام والحرص على الصديق. وكانت العرب تقول "كثرة العتاب إلحاف وتركه استخفاف". إنه بالأحرى أشبه بالنقد، فالأدباء والفنّانون يتضايقون إذا لم ينقد كتابهم أو عملهم الفني، ويتضايقون أيضاً إذا أمعن الناقد في انتقادهم.
لقد قيل الكثير من شعر العتاب الإخواني، ومن أبدع ما ورد في هذا الباب شعر سعيد بن حميد الذي أورده البيهقي في كتابه "المحاسن والمساوىء". وفي ذلك الشعر يعاتب الشاعر صديقاً له أمعن وتمادى في عتابه فخاطبه متوسلاً أن يقلّل من ذلك، ويذكره بقصر الحياة التي لا تتسع لكل هذه المعاتبات والملامات بين الأصدقاء والخلاّن، قال ناصحاً إياه: