شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الخط العربي ونشأته
نشأ الخط العربي وتطور وازدهر في مكة المكرمة والمدينة وبقية أنحاء الحجاز بالدرجة الأولى ثم انتشر في كافة أرجاء بلاد الإِسلام، وأصبح الخط العربي من الفنون الإِسلامية التي اهتم بها المسلمون من ذوي العقول النيرة الناضجة. وكان الخط في بدايته غير منتظم وبعيداً عن الزخرفة. واعتنى به الخطاطون والصناع من أهل الفن وطوروه على مرّ العصور. ومن الأسباب المباشرة لتطور الخط تدوين القرآن الكريم والسنة النبوية وتدوين التاريخ والعلوم الكثيرة والمتنوعة. وقد وضع الخطاط المسلم كل طاقاته وخياله وإبداعه عندما يكتب الآيات القرآنية. ولم يعتنِ المسلمون بالنحت والرسم كغيرهم من أصحاب الحضارات السابقة بل صبوا ملكاتهم في إجادة الخط وعلى الأخص الخط الكوفي وزخرفته. وعندما نبحث عن الخط الكوفي وأصله نجده قد تطور عن الخط الحجازي، ويروي ابن النديم عن محمد بن إسحاق : ((فأول الخطوط العربية الخط المكي وبعده المدني ثم البصري ثم الكوفي. فأما المكي والمدني ففي ألفاته تعويج إلى يمين اليد وأعلى الأصابع وفي شكله انضجاع يسير)) (1) .
وقد أصبح مُسَلَّماً به أن الخط الحجازي تطور في الأصل عن الخط النبطي وانتشر في كافة أرجاء جزيرة العرب. ولو تتبعنا النقوش والكتابات التي عثر عليها فإننا نجد أنه لا يكاد يخلو جبل في جنوب الجزيرة وشمالها ووسطها إلاَّ نجد نقوشاً تذكارية نقشت فيه إما بواسطة المقيمين بحواره أو الرعاة، أو رجال القوافل التجارية، وعابري السبيل والحجاج والمعتمرين وغيرهم، حيث يسجلون فيها أدعية مأثورة مقرونة أحياناً بآيات قرآنية موثقين فيها أسماءهم وألقابهم، ولقد كان الأنباط قبل الإِسلام يسيطرون على الطرق التجارية التي تصل بين جنوب الجزيرة وشمالها وشرقها وغربها، وأهم هذه الطرق طريق صنعاء ـ مكة ـ يثرب ـ العلا ـ الحجر ـ سلع، ومن سلع كانت البضائع توزع إلى مصر أو اليونان أو الشام وكانت تخضع لرسوم مالية لمملكة الأنباط (2) مما زاد في قوتها ونفوذها، وبقيت هذه الطرق حتى ظهور الإِسلام وطلت تتبعها قوافل الحجاج بين الشام ومكة، وتعلم العرب الكتابة واقتبسوها من الأنباط وخاصة في المعاملات التجارية، وعند ظهور الإِسلام كان من بين العرب من يجيد الكتابة العربية التي نزل بها القرآن الكريم. وقد أشار علماء الآثار إلى أن أقرب النقوش النبطية إلى الكتابة العربية توجد في شمال الجزيرة العربية مثل:
أ ـ نقش أم الجمال في سوريا (شكل :1)، ويرجع إلى نهاية القرن الثالث الميلادي وقراءته كالتالي :
1 ـ دنه نفشو فهرو ـــــ (هذا قبر فهر)
2 ـ بن شلي ربو جديمت ــــــ (ابن شلي مربي جذيمة)
3 ـ ملك تنوخ ـــــ (ملك تنوخ) (3) .

ب ـ نقش حران جنوب دمشق بسوريا (شكل: 2) وهو قريب جداً من الخطوط العربية في بداية القرن الأول الهجري ويقرأ النص كالآتي:
1 ـ أنا شرحيل بن ظلمو (ظالم) بنيت ذا المرطول.
2 ـ سنت (سنة) 463 بعد مفسد.
3 ـ خيبر.
4 ـ بعم (بعام) (4) .

تبين هذه النقوش أن الكتابة العربية اشتقت من النبطية وكانت منتشرة قبل الإِسلام في مكة المكرمة لمركزها التجاري والحضاري وكان لقبيلة قريش النصيب الأوفر من الكتَّاب، لأنهم أهل تجارة ويحتاجون لتدوين تجارتهم وضبطها، وبعد سقوط دولة الأنباط انتشر الأنباط في الحجاز، وأخذ الشيوخ والأمراء يتخذون خطهم، وجاء الإِسلام فازدهرت الكتابة وتعليمها وتعلمها. ومن تشجيع رسول الله صلى الله عليه وسلم على تعليم الكتابة ونشرها بين المسلمين أن اشترط على أسرى بدر أن يعلم كل واحد منهم عشرة من صبيان المسلمين القراءة والكتابة كفداء لهم (5) .
وبدأت الكتابة العربية تنتشر وتزدهر حتى نقشت على الجبال والحجارة؛ ومن أمثلتها ما عثر عليها في جبل سلع بالمدينة المنورة والتي يعتقد أنها أقدم النقوش الإِسلامية وتعود للسنة الخامسة من الهجرة النبوية. ومن أوائل من درسها محمد حميد الله (رحمه الله) (6) .
وهذه أمثلة من نقوش جبل سلع المكتوبة بالخط الحجازي:

أ ـ أمسى وأصبح عمر

وأبو بكر يتورعان (يتوبان؟ يتضرعان؟)

إلى الله من كل

ما يكره

(شكل: 3)

ب ـ أشهد أن لا..... ا.. إله،

[إلا ا] لله وأشهد أن محمد عبده

[ورسولـ] ـه برحمتك يا الله لا إله إلا

[هو علـ]ـي ا. عليه توكلت وهو رب

العرش العظيم

(شكل: 4)

جـ ـ حكيم

ويومن ـالـ

عمر ابن ا

بكر

أنا عمارة

بن حزم أنا

ميمون..

أنا محمد بن، ...

عبد الله أنا...

بن عوسجة

أنا خلف

أنا سليمن أنا خلف بن الأصفر (الأحمر؟) أنا..

أنا سهل إني...

أنا معقل الجهني ((سلمت))...،

بالله (؟)

(شكل: 5)

ومن النقوش الإسلامية المؤرخة المشهورة في منطقة الحجاز نقش سد معاوية بن أبي سفيان بالقرب من الطائف المؤرخ في سنة 58هـ (7) ونقش سد وادي الخنق شرق المدينة المنورة لمعاوية بن أبي سفيان (8) .
وأظهرت الكشوفات الأثرية والدراسات الحديثة نقوشاً إسلامية مبكرة ومؤرخة من القرن الأول الهجري على أطراف مكة المكرمة وبالقرب من المشاعر المقدسة (9) . وهذا عدا مئات من النقوش الإِسلامية المكتشفة حول المدينة المنورة وشمال غرب الحجاز كلها توضح مدى اهتمام المسلمين بالخط ومعرفتهم له بدقة وإتقان وعلى وجه الخصوص في القرن الأول الهجري.
ولما انتقل النشاط السياسي إلى العراق في عصر الخلافة الراشدة انتقل معها الخط الذي عرف بالخط الحجازي أي البلد الذي ورد منه. وفي الكوفة عني الناس بتجويد نوع من الخط تميز عن الخط الحجازي، غلبت عليه استقامة الحروف، وعرف بالخط اليابس وانفرد باسم جديد هو الخط الكوفي. ومن الكوفة انتشر الخط العربي إلى أرجاء العالم الإِسلامي وكتبت به المصاحف وجُمِّلت به المباني ونقشت به الأحجار الشاهدية والتذكارية، وهكذا تطور الخط بأشكال وأنواع مختلفة من حيث الأسلوب والزخرفة.
ومجموعة الأحجار الشاهدية التي نقدمها للباحثين في هذا السجل تشتمل على أنواع عديدة من الخطوط، وتوضح أن الكتابة الكوفية ظلت تنقش حتى أواخر العصر الأيوبي. وامتدت سيادة الخط الكوفي التذكاري في العالم الإِسلامي حتى القرن السادس الهجري حين بدأ يغلب عليه خط النسخ (10) الذي يتضمن هذه المجموعة كذلك أنواعاً مختلفة منه، ولو أمعنا النظر لوجدناه امتداداً للخط الحجازي ((الخط اللين)) الذي ظل في خدمة الدواوين والمراسلات لمرونته وسرعة كتابته واستخدمه في الأغراض اليومية.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :6962  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 4 من 67
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج