شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تقديم
دكت حصونه الأيام والسنون... وعصفت به أعاصير الحياة ورياحها القاسية... تدافعته الأمواج.. قذفت به يميناً.. وقذفت به شمالاً.. سبح فوق ضوء القمر.. وتركزت على جسده أشعة الشمس، وملأت ذرات الرمال الصفراء عينيه؛ فظل قمة من القمم.. وعلَماً من الأعلام.. وراية بيضاء.. ظل مناراً وسط محيط؛ ينام موجه تحت ليل مظلم، طويل.. عرف القلق حينما كان في السفح.. وعندما تربع على القمة؛ عرف القلق، وحرارة الحمّى التي تنهش الجسد والقلب.. وعرف الهزيمة والانتصار.. فآثر الهزائم النظيفة على الانتصارات القذرة.. عرف الكثير والكثير.. وجهل نفسه في بحر الانتماء...
آمن بالله.. ثم بالإنسان.. وعاش للحياة يعطيها.. ولا يأخذ منها.. فقد أحس أنه أكبر من عطائها.. وأن عطاءها لا يدوم.. وشق لنفسه هذه المعرفة..
شق لنفسه عبر الصخور، والرمال، والأوحال، والخرائب الفكرية طريقاً؛ تصطف على جانبيه شموع، لا يتراقص ضياؤها، ولا ينطفئ سراجها..
فعزف عن الأشياء.. وظل يطل على الحياة من على ضفاف غير تلك التي يعيش فوقها البشر.. يطل ويشمئز.. يطل فيحس بالاختناق.. يطل والآمال تحرق وجناته.. وجمر الأماني يكوي ضلوعه.. ويرتد بصره إلى نفسه: فلا يرحمها من اشمئزازه، وضيقه بها، وحنقه عليها.. ولكنه بالرغم من كل ذلك؛ كان يرفع قلمه بين الحين والحين.. ليكتب بالدمع شعراً، وبالآمال غناء، وبجمر الأماني نشيداً..
كذلك عاش شاعر العروبة الراحل حمزة شحاتة، وهكذا كانت حياته.. حياة زاخرة بالهموم والآلام.. حياة كانت شبيهة إلى حد كبير بحياة أستاذه الشاعر العملاق أبي الطيب المتنبي..
عاش شاعرنا الفيلسوف الراحل حمزة شحاتة هذه الحياة التي يطل بها على القارئ من خلال جانب من مذكراته الخاصة التي استطعنا بعد جهد جهيد: أن نعثر عليها بخط يده بين أوراقه المهملة المتناثرة..
وهكذا عاش حمزة شحاتة.. ثم رحل عنا إلى مثواه الأخير ولم يزل إخوانه يبذلون قصارى جهدهم في سبيل جمع ما تركه من إنتاجه النادر القيِّم، وفاء بحقه عليهم، وتخليداً لذكراه.
عبد الحميد مشخص

(*) من اليمين إلى اليسار: عبد الحميد مشخص، محمد نور جمجوم، حمزة شحاتة، محمد قطان، عبد الله عبد الجبار في أحد منتزهات القاهرة.

* * *

 
طباعة

تعليق

 القراءات :1121  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 42 من 71
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .