شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كلمة جامعة
في حفل تكريم جامعة أم القرى للأديب الرائد محمد سعيد عبد المقصود خوجه -رحمه الله- والذي أُقيم بتاريخ 9/4/1427هـ الموافق 7/5/2006م، ألقى الأستاذ الدكتور منصور إبراهيم الحازمي كلمة تحدث فيها عن: (( محمد سعيد عبد المقصود.. الباحث الأديب )) ، هي في الواقع ما سجله عنه وعن رفاقه الروّاد الآخرين في كتابه (معجم المصادر الصحفية لدراسة الأدب والفكر في المملكة العربية السعودية) عن صحيفتي (أم القرى) و (صوت الحجاز).. وهذا نص الكلمة الجامعة لما يمكن أن يقال عن أديبنا الراحل، خصوصاً في مجال نشاطه الصحفي:
- (لا بد من أن أتقدم أولاً بالشكر الوافر لجامعة أم القرى ومديرها الأستاذ الفاضل الدكتور ناصر بن عبد الله الصالح على هذه المبادرة الرائعة في تكريم روّاد مكة المكرمة من المفكرين والأدباء وأعيان المجتمع، للتذكير بهم والإشادة بما قدموه لهذا الوطن، ولا شك في أن اختيار المرحوم الشيخ محمد سعيد عبد المقصود لتكريم هذا العام هو اختيار موفق، وأرجو أن نستفيد جميعاً من هذا اللقاء الأخوي في رحاب أم القرى، المدينة المقدسة والجامعة الرائدة.
والحقيقة أن ما لدي عن هذا الرائد الكبير لا يتجاوز ما سجلته عنه وعن رفاقه من الروّاد الآخرين في كتابي: (معجم المصادر الصحفية لدراسة الأدب والفكر في المملكة العربية السعودية)، والذي ظهر الجزء الأول منه وكان عن صحيفة ((أم القرى)) سنة 1394هـ-1974م، كما ظهر الجزء الثاني مؤخراً سنة 1426هـ-2005م، وهو عن صحيفة ((صوت الحجاز)). وقد سجلت المواد التي نشرت في صحيفة ((أم القرى)) من بداية تأسيسها سنة 1343هـ-1924م حتى نهاية الحرب العالمية الثانية سنة 1365هـ-1945م. أما صحيفة ((صوت الحجاز)) فقد سجلت موادها منذ ظهورها سنة 1350هـ-1932م حتى توقفها نهائياً في أوائل الحرب العالمية الثانية سنة 1360هـ-1941م.
ونحن نجد أن محمد سعيد عبد المقصود قد نشر معظم إنتاجه الأدبي والثقافي في هاتين الصحيفتين ((أم القرى)) و ((صوت الحجاز)). والذين ترجموا له يذكرون أنه ولد في مكة المكرمة سنة 1324هـ-1906م وتلقّى تعليمه على يدي والده وفي حلقات الدرس بالمسجد الحرام ثم في مدرسة الفلاح. وفي سنة 1345هـ عيّن مديراً لجريدة ((أم القرى)) الرسمية ومطبعتها، وظل فيها حتى اشتد به المرض ورحل إلى مدينة الطائف وتوفي فيها سنة 1360هـ، ومعنى هذا أن أديبنا محمد سعيد عبد المقصود قد مات شابًّا لم يتجاوز عمره السادسة والثلاثين.
ولقد حاولت في معجم صحيفة أم القرى أن أتعرّف على أسماء رؤساء تحريرها خلال فترة البحث، أي من سنة 1343 إلى سنة 1365هـ (1924-1945م) فرجعت إلى كمية المقالات والبحوث التي رجحت نسبتها إلى كل واحد منهم، فوجدت أن محمد سعيد عبد المقصود قد كان ناشطاً خلال السنوات 1350-1355هـ (1931-1936م) وكان فيها رئيساً لتحرير الصحيفة. كما حاولت أيضاً أن أتبين الطابع المميز لصحيفة (أم القرى) خلال فترة التأسيس، فوجدت أن الصحيفة كانت تتميّز خلال رئاسة يوسف ياسين من سنة 1343 إلى سنة 1347هـ (1924-1928م) بالطابع السياسي والديني؛ وخلال فترة رئاسة رشدي ملحس من سنة 1347 إلى سنة 1349هـ (1928-1930) بكثرة البحوث التاريخية؛ أما خلال رئاسة محمد سعيد عبد المقصود، أي من سنة 1350 إلى سنة 1355هـ، كما ذكرنا، فكان يغلب على صحيفة (أم القرى) الطابع الأدبي والتاريخي ونقد العيوب التربوية والاجتماعية. وقد استمر الاهتمام بالأدب خلال رئاسة فؤاد شاكر من سنة 1355 إلى سنة 1359هـ (1936-1940م). وكذلك الحال في أيام عبد القدوس الأنصاري من سنة 1359 إلى سنة 1360هـ (1940-1941م) الذي اهتم كذلك بالجانب اللغوي.
ونستطيع أن نصنّف الإنتاج الصحفي الذي نشره عبد المقصود في كل من صحيفة ((أم القرى)) و ((صوت الحجاز)) إلى الآتي:
1- الكتابة عن الأحداث المعاصرة.
2- الكتابة عن بعض القضايا التربوية والاجتماعية.
3- الكتابة عن تاريخ البلاد.
4- الكتابة عن تاريخ الأدب.
5- المعارك النقدية.
1- الأحداث المعاصرة:
كتب من سمَّى نفسه ((حجازي))، وأظنه محمد سعيد عبد المقصود في السنة الأولى من صحيفة ((صوت الحجاز)) عن ((ألمانيا والتسليح)) ثم كتب مقالاً آخر في الصحيفة نفسها سنة 1352هـ-1933م بعنوان: ((الحرب آتية لا محالة -فليتيقظ الشرق)) وكان عن السياسة العالمية ومشكلة نزع السلاح ومعاهدة فرساي -وفيه يدعو العرب إلى اليقظة والاستعداد للحرب. ولقد كان أكثر ما يشغل الناس في تلك الحقبة هو الخوف من نشوب الحرب مرة أخرى بين الدول العظمى وإعادة المأساة التي نكب بها العالم جراء الحرب العالمية الأولى، لذلك فإن الصحافة كانت تتابع الأحداث في أوروبا بشيء من الخوف والحذر، ولا سيما جهود ألمانيا في التسليح. وكانت هناك توقعاتٌ بنشوب الحرب العالمية الثانية وتحذيرٌ من تبعاتها. يقول محمد علي مغربي في إحدى افتتاحياته في صحيفة ((صوت الحجاز)): ((إننا نخشى الحرب، لأننا أمة ضعيفة تعتمد على الحج في جلب القوت والملبس وجلب الحجاج الذين تعتمد عليهم البلاد)).
أما علاقات المملكة العربية السعودية مع اليمن فقد تحدَّث عنها محمد سعيد عبد المقصود في صحيفة ((صوت الحجاز)) سنة 1353هـ-1934م تحت توقيعه المستعار ((متألمٌ)) وذلك في مقالة بعنوان: ((حقائق ودقائق عن حوادث الجنوب)) استغرقت ثماني حلقات تناول فيها بدايات الحرب بين الإمام يحيى والملك عبد العزيز واستعرض أساس النزاع على الحدود بين نجد واليمن وتاريخ ذلك النزاع كما تحدَّث في هذا المقال عن ابن رفادة والإدريسي ووفود السعودية إلى صنعاء وعسير ونجران.. الخ.
أما علاقات المملكة مع مصر فقد كتب عنها محمد سعيد عبد المقصود تحت توقيعه المستعار أيضاً ((متألمٌ)) وذلك في مقالة نشرها في صحيفة ((صوت الحجاز)) سنة 1353هـ 1935م بعنوان: ((حول مقال أملاك المصريين في الحجاز)) وفيه يرد على ما نشرته جريدة ((البلاغ)) المصرية من أن الدولة قد قامت بمصادرة أملاك غير الحجازيين من المصريين. ويقول ابن عبد المقصود إن تملّك غير السعوديين تمنعه أيضاً الحكومات السابقة، وإن الحكومة السعودية قد أعطت مهلة لغير السعوديين مراعاة لمصالحهم. لكن العلاقات بين المملكة العربية السعودية ومصر قد تحسنت كثيراً سنة 1355هـ-1936م بعد الاعتراف الرسمي وإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. وقد ظهرت إثر ذلك الصلح بعض المقالات الأخوية الرقيقة لكل من محمد سرور الصبّان وأحمد قنديل وحسين عرب والتي تهنئ مصر بالاستقلال والعضوية في عصبة الأمم.
2- القضايا التربوية والاجتماعية:
لقد كتب محمد سعيد عبد المقصود معظم مقالاته التربوية والاجتماعية في صحيفة ((أم القرى)) أولاً ثم استمر في كتابتها بعد ذلك في صحيفة ((صوت الحجاز))، وكان لا يوقع فيها باسمه الصريح بل بأحد اسميه المستعارين ((غربال)) أو ((متألم)). ومن أهم الأمور التي كانت تشغله في قضايا التربية كما تشغل الكثير من معاصريه ما كان يواجهه الطفل آنذاك من متاعب ومثبطات في نطاق أسرته الخاصة أولاً ثم في الوسط المدرسي والوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه. وقد تحدَّث في مقالته التي نشرها في صحيفة ((أم القرى)) في ثلاث حلقات سنة 1350هـ-1932م، وكانت بعنوان: ((أنا والأخلاق))، عن ضرورة الالتفات إلى ما يعانيه الطفل من هموم ومشاكل من شأنها التأثير في نفسيته وسلوكه وتحصيله. وقد ساق بعض ذكرياته عن المدرسة التي تعلّم فيها والأستاذ الذي تلقّى الدرس على يديه وعن سياسة التعليم وصلات أولياء الأمور بالمدارس آنذاك، كما تحدَّث عن الرفاق الذين صحبهم والوسط الاجتماعي الذي عاش فيه. ويبدو أن هموم الطفولة قد ألحّت عليه مرة أخرى فنشر مقالته الثانية عن هذا الموضوع أيضاً في صحيفة ((أم القرى)) سنة 1351هـ-1932م في ثلاث حلقات، وكانت بعنوان: ((تربية الأطفال)).
لكن ابن عبد المقصود لم يقتصر على أمور التربية والطفولة فحسب، بل شغل، كما شغل رفاقه في ذلك الزمان بأمور المجتمع ونقد العادات والتقاليد، فتحدث في عدة مقالات في ((أم القرى)) و ((صوت الحجاز)) عن ((الرجل في بيته))، و ((الرجل في مهنته))، وعن ((الشوارب واللحى والتواليت))، كما ندّد باستخدام بعض الألفاظ الأجنبية في لعبة كرة القدم، وهو يطالب بتعريبها. ثم تحدَّث في مقالات أخرى عن الجانب الاقتصادي، ((كيف ننفق)) وعن التجار وأرباب المهن، وعن الوقت وكيف نضيعه سدىً في لعبة ((الجوكر)) وغيرها، وتحدَّث أيضاً عن لعبة كرة القدم وما يجري فيها من مشاحنات بين بعض الفرق، كما تحدَّث عن الزواج وتقاليده في الحجاز خلال تلك الحقبة.
وشغل محمد سعيد عبد المقصود، كما شغل غيره في ذلك الزمان بمشروع القرش الذي اقترحه عزيز ضياء. وهو يثني على ذلك المشروع كما يثني على صاحبه وما كان يتميز به من غيرة وجرأة أدبية، ويأسف لتعثر مشروع القرش وعدم مساندة الأغنياء له، كما يعترض على استغلال مدارس الفلاح له ويرى أن تصرف إيراداته في مشروع حيوي عام.
وتحدّث ابن عبد المقصود في أربع حلقات في ((صوت الحجاز)) (1352هـ-1933م) عن ((المسائل الحاروية)) فبيّن التكوين الحاروي وأثره في التاريخ الحجازي وأوضاعه في الوقت الراهن: ((أسباب النزاع الحاروي وتاريخه))، ((الاعتزاز الحاروي))، ((العناد الحاروي))، ((اللباس الحاروي))، ((النخوة الحاروية)). كما تحدَّث أيضاً عن: ((الحدود وتأثيراتها في الحارة)): ((تخطيط الحدود والتاريخ الحجازي))، ((الحدود الحاروية الحاضرة))، ((نزاع الشبيكة والمسفلة)).
وفي مقالين آخرين، وفي صحيفة ((صوت الحجاز)) أيضاً (1356هـ-1937م) تحدّث ابن عبد المقصود عن ((مشكلة الأزياء))، وتساءل: ((أما آن لمشكلة الأزياء أن تحل؟))، كما وجَّه رجاء إلى مديرية المعارف آنذاك قائلاً فيه: ((إن توحيد الزيّ من مظاهر حياة الشعوب، وإن شعبنا شعب من الشعوب التي يجب أن تكون له من مظاهر الحياة ما لغيره))، وهو يتحدث في ذلك المقال عن ضرورة توحيد الزي للتعبير عن وحدة الأمة وقوَّتها، ويرى أن كثرة الأزياء ينبغي التغلب عليها، وأن المجاورين لا يزالون يحتفظون للأسف بأزيائهم الأصلية، فينبغي على مديرية المعارف أن تفرض زيًّا عربياً موحداً لجميع التلاميذ. ويقول أيضاً في مقال آخر: ((إن بقاء أزيائنا بالشكل الحاضر -مجموعة أزياء مختلفة لأمم مختلفة جناية وخطر يجب أن يزولا، وينبغي أن يوضع حد لهما. ويقول لا بد للجهات المسؤولة أن تنظر في الموضوع من جميع جهاته وتعمل ما فيه الخير والمصلحة)). (صوت الحجاز، ع259، س6، 1356هـ-1937م، ص1).
وتطرّق ابن عبد المقصود أيضاً إلى قضية تعليم المرأة وهي القضية التي تداولتها الأقلام في ذلك الوقت فنشر مقالة بعنوان: ((المرأة الحجازية جوهرة ثمينة))، وهي ضمن مذكراته عن بيروت، يقول فيها إنه التقى أحد الشباب المصريين في ردهة الفندق الذي يسكنه آنذاك ودار بينهما حديث عن سفور المرأة وتهتكها، وأن ذلك التهتك إنما كان من صنع الرجل لا من صنع المرأة، وقد سأله الشاب عن المرأة الحجازية فأجابه ابن عبد المقصود بأن المرأة في الحجاز مصانة بالإسلام، وهو يؤيد تعليمها في حدود الدين وتربية الأطفال وأعمال المنزل. ويبتهج الشاب المصري بما سمع منه ويقول له إن المرأة الحجازية جوهرة ينبغي المحافظة عليها.
3- التاريخ والمواقع القديمة:
لم يكتفِ المرحوم محمد سعيد عبد المقصود بالحديث عن الواقع الذي كان يعيشه في القرن الماضي بل التفت كذلك إلى الماضي البعيد منقباً عن الآثار والمواقع القديمة. وكان أطول بحوثه الأثرية ما نشره في صحيفة ((أم القرى)) عن ((المياه بمكة في أدوارها التاريخية)) إذ استغرق ثلاث عشرة حلقة خصص الثلاث حلقات الأخيرة منها لحارات مكة والجمعيات الخيرية القديمة. وفي تمهيده لهذا البحث المطوّل تحدَّث عن زمزم كأول ماء في مكة كما تحدّث عن أول بئر في المدينة المقدسة. ثم تحدَّث عن إجراء العيون وعين نعمان أو عين زبيدة وأخذ كذلك في ذكر بعض الشخصيات التي أسهمت في جلب واستخراج تلك العيون من أمثال الأمير محمد بك زاده والأمير قاسم بك والقاضي حسين الحسني الخ. ومن هذه العيون يذكر ابن عبد المقصود: عين البطحاء، وبرك صالح بن العباس، وبركة السلم، وفي الحلقة العاشرة يتحدث عن ((عبيد العيون)) وقانون السقاة. ثم يتحدث في آخر هذا البحث، كما أشرنا، إلى الجمعيات الخيرية، كجمعية وحدانة وجمعية الشريف علي باشا وجمعية الزواوي، كما يتحدث عن بعض الأحياء القديمة في مكة المكرمة.
وعن المواقع التاريخية القديمة كتب ابن عبد المقصود أيضاً بحثاً بعنوان: ((دار الندوة وما طرأ عليها في أدوارها التاريخية)) ونشرته ((صوت الحجاز)) في ست حلقات. وقد بدأه بتمهيد عن أول حكومة في مكة المكرمة وعن أسباب تأسيس دار الندوة ورجع إلى الكثير من المصادر القديمة مثل طبقات ابن سعد وابن الأثير وابن كثير.. الخ، ومن العناوين الجانبية للبحث: ((التطور الاجتماعي في مكة))، ((نظام وراثة ملك مكة))، ((شكل الحكومة بعد قصي))، ((توارث دار الندوة))، ((سقوط منصب دار الندوة))، ((بيع دار الندوة))، ((عمارتها))، ((إدخال بعضها في المسجد))، ((مكان دار الندوة وحدودها)) الخ.
وإلى جانب ((دار الندوة)) فقد كتب محمد سعيد عبد المقصود كذلك بحثاً عن الحجون، وكان بعنوان: ((أين الحجون؟))، ونشرته صحيفة ((صوت الحجاز)) في الروايات المختلفة في تحديد موقعه وعن أهمية تاريخ الأزرقي في هذه الروايات.
وقد شارك ابن عبد المقصود في النشاط المنبري الذي تبنته جمعية الإسعاف الخيري في مكة المكرمة بين الحربين العالميتين. أي في الخمسينيات الهجرية من القرن الماضي، الثلاثينيات من القرن العشرين -فقد نشرت صحيفة ((أم القرى)) خبراً عن محاضرة محمد سعيد عبد المقصود في دار جمعية الإسعاف وعنوانها: ((الأتراك والشرافة في الحجاز)). وموعدها كان مساء يوم الخميس الموافق للأول من شهر ذي الحجة سنة 1358هـ الموافق للحادي عشر من شهر يناير 1940م، ولم أطلع للأسف على نص تلك المحاضرة لأنها لم تنشر في الصحيفة.
4- تاريخ الأدب:
لقد نشر محمد سعيد عبد المقصود في صحيفة ((صوت الحجاز)) عدة مقالات عن الأدب في الحجاز، كان أولاها بتوقيع ((متألم)) وهي بعنوان: ((الأدب الحجازي))، وتتناول الأدب الحجازي في أواخر العهد التركي والعهد الهاشمي.
أما محاولته الثانية فكانت بحثاً مطولاً في ست حلقات نشره بتوقيع ((الغربال)) في صحيفة ((صوت الحجاز)) وكان بعنوان: ((الأدب في أدواره التاريخية في الحجاز)) لكنه لم يتحدث في هذا البحث عن تاريخ الأدب في الحجاز إلاّ في الحلقتين الأوليين حيث أشار إلى الأدب الحجازي في العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام والعصر الأموي والعصر العباسي ثم ما سماه عصر القلاقل والفتن وعصر العثمانيين وبدء ظهور الأدب في الحجاز في عصر الحسين. أما الحلقات الأربع الأخيرة فهي تتحدث بإسهاب عن الأدب الحجازي في العصر الحديث: ((الشبيبة الحجازية، ظهور الشبيبة، الشبيبة والخيال، المراسلات والتكوين الأدبي، جريدة ((صوت الحجاز)) وتأثيرها، الأدب الحجازي والتقليد، الأدب الحجازي والنقد، الرابطة الأدبية، وسائل النشر)). ومعنى هذا أن الباحث كان يركّز في تلك المقالات على نشأة الأدب في الحجاز في العصر الحديث أي في العهد السعودي الحديث.
أما بحثه الثالث فقد وقَّعه باسمه الصريح: ((ابن عبد المقصود)) ونشره في ثماني حلقات في صحيفة ((أم القرى))، وهو البحث الذي اعتمد عليه في مقدمة كتابه (وحي الصحراء) والذي نشره مع عبد الله بلخير سنة (1356هـ-1937م). وهذا البحث هو الذي يؤرخ حقيقة للأدب في منطقة الحجاز من العصر الجاهلي حتى العصر الحديث، وقد قلت عنه في معجم ((أم القرى)) إنه يمثل أول محاولة لكتابة تاريخ الأدب في بلادنا، ولا يستبعد تأثر محمد سعيد عبد المقصود بالنزعة التي كانت على أشدها حينذاك في مصر والتي كانت تدعو إلى دراسة الأدب العربي قديماً وحديثاً في إطار البيئة المحلية والتاريخ القومي. وقد كان محمد حسين هيكل من روّاد ذلك الاتجاه، وهو الذي كتب مقدمة كتاب (وحي الصحراء). وقد أشرت أيضاً إلى ريادة رشدي ملحس -رحمه الله- في البحث التاريخي واحتمال تأثيره على الناشئة من أدبائنا الأوائل في ذلك الزمان ولا سيما محمد سعيد عبد المقصود وعبد القدوس الأنصاري وحمد الجاسر. وقد كان رشدي ملحس رئيساً لتحرير صحيفة (أم القرى) بعد يوسف ياسين، ومن بحوثه التاريخية التي ظهرت في وقت مبكر: ((تاريخ الطباعة والصحافة في الحجاز))، ((نوادر المخطوطات))، ((مؤرخو الحجاز ونجد)).
5- المعارك الأدبية:
لقد دعا ابن عبد المقصود الأدباء الشباب في عصره إلى الارتباط بالواقع ونبذ الاتجاه الرومانسي، لأن ظروف البلاد تحتم دراسة الواقع والبحث عن أسباب التخلف؛ كما دعاهم أيضاً إلى تجنب الكتابة في موضوعات أكبر من طاقاتهم، وإلى التسامح في النقد، لأن الوطن في حاجة إلى تشجيع الأدباء. وهو يرى أن يكون الانتقاد محصوراً فقط في العادات الاجتماعية السيئة، ويقول: ((ونحن الحجازيين الآن كالمرضى)). وكان ابن عبد المقصود في طليعة روّادنا الذين دعوا إلى إيجاد رابطة أدبية تجمع جهد الأدباء، وإنشاء نوادٍ أدبية ثقافية تعمّ أنحاء البلاد.
لكن المعارك الأدبية كانت على أشدها خلال تلك الحقبة وقد أشرت إليها في دراستي للمادة الأدبية المنشورة في صحيفة ((صوت الحجاز))، إذ لاحظت أن هناك الكثير من المقالات النقدية التي تناولت بعض القصائد والمقالات المنشورة غالباً في الصحيفة نفسها، أو في صحيفة ((المدينة المنورة)) ومجلة ((المنهل)). وقد اتخذ ذلك النقد طابع الحدّة والعنف لأن معظم من يكتبونه كانوا من الشباب الذين يغلب عليهم الغضب والاندفاع، بالإضافة إلى تأثرهم بالمعارك النقدية المحتدمة في ذلك الوقت في بعض البلدان العربية، ولا سيما مصر. لذلك فإننا نجد أن النقد كثيراً ما ينحرف إلى خصومات شخصية بين كاتبين أو أكثر، وكثيراً ما يتداخل أهل الخير أو الصحيفة نفسها لتهدئة المعارك وفض المنازعات.
ومن أطرف المعارك التي تعرّض لها محمد سعيد عبد المقصود من معاصريه هي تلك التي دارت بينه وبين الأديب أحمد السباعي -رحمه الله- وقد كتب كل منهما باسم مستعار لتفادي فيما يبدو لوم القرّاء أو إثارة فضولهم على الأقل. وكان ((الغربال)) هو الاسم المستعار لابن عبد المقصود وهو مأخوذ كما هو واضح من ((غربال)) ميخائيل نعيمة، أما السباعي فقد اختار اسم ((المنسف)). وقد ثارت المعركة إثر نشر الأول مقالاته عن الأدب في الحجاز فما كان من السباعي إلاّ أن تصدى له بالنقد والتهكّم. ولم يكن ابن عبد المقصود متبرماً من ذلك النقد، بل كان محبذاً له لأنه يعتبره صحوة قلمية تدل على الحياة وعلى الحركة، وهو يستشهد بطاغور، شاعر الهند، الذي يقول: ((لا تصحو أمة من نومها ولا تنهض إلاّ تحت ثورة قلمية، ولا يسعد الشرق إلاّ بائتلافه..)).
وفي مقالتين نشرهما ابن عبد المقصود بعنوان: ((الغربال ومنتقدوه)) يركّز فيهما على نقد ((المنسف)) أي أحمد السباعي، لكنه يرجع بعد حوالى أربع سنوات، سنة 1355هـ-1936م، ويكتب باسمه الصريح مقالة بعنوان: ((على هامش ملاحظات حرة -إلى الصديق السباعي)) وفيها ينتقد صديقه السباعي ويقول عنه إنه ينحو منحىً فكاهياً في أسلوبه ويتطرّق إلى موضوعات غير مهمة، وإن السباعي -كما يقول: ((كان قاسياً في مقالته عن الطيران السعودي وفي حديثه عن اليوبيل الفضي لمدرسة الفلاح)).
أما السباعي فإنه ينتقد ابن عبد المقصود ويتهمه بالكبرياء والغرور، وقد تحدَّث عنه في مقالتين سمّاهما: ((معجزة عصرنا الزاهر -الغربال))، وأشبعه تهكماً وسخرية. وفي مقالته: ((ملاحظات حرة -على هامش ابن عبد المقصود))، التي نشرها في صحيفة ((صوت الحجاز)) سنة 1355هـ-1936م يرد السباعي على نقد ابن عبد المقصود ويقول: ((إن الأسلوب الفكه أسلوب فني لا يحسنه ابن عبد المقصود الذي يرسل مقالاته باردة لا روح فيها. كما يرد على انتقاده له في اختيار الموضوعات واتهامه له بالقسوة)).
وفي مقالتي محمد راسم: ((من هو الغربال؟)) يقف الكاتب إلى جانب السباعي ويقول عن ابن عبد المقصود: ((إنه يكتب في كل شيء، ويتهمه بالسرعة أو التسرع في كتاباته وأنه يحشر نفسه في اختصاصات الطبيب والاقتصادي والاجتماعي.. الخ. أي إنه يدَّعي معرفة كل شيء)).
ولكن رغم كل تلك الزوابع النقدية التي أثارها السباعي وآخرون حول ((الغربال)) -محمد سعيد عبد المقصود، فإن كتابه (وحي الصحراء) الذي نشره بالتعاون مع عبد الله بلخير سنة 1355هـ، يعتبر الكتاب الثاني في التعريف بالأدب المحلي بعد كتاب محمد سرور الصبان (أدب الحجاز أو صفحة من أدب الناشئة الحجازية شعراً ونثراً) سنة 1344هـ. أما مقدمة ابن عبد المقصود فهي الأولى في محاولة الكتابة عن تاريخ الأدب في منطقة الحجاز. وقد استأثر كتاب (وحي الصحراء) باهتمام لا بأس به، لكن جميع الكتابات التي تناولته كانت بتوقيعات مستعارة، ما عدا مقالة واحدة كتبت بتوقيع فيصل بن عبد العزيز آل مبارك.
وربما كان ((سهران)) أهم من كتب عن (وحي الصحراء) في تلك الفترة، إذ نشر ثلاث مقالات في صحيفة ((صوت الحجاز)) عن الكتاب، وهي مقالات تتميّز بالعمق والشمول والنظرة الموضوعية إلى ما احتواه من نصوص. وقد نوّهت الصحيفة بأهمية ما كتبه ((سهران)) عن الكتاب بقولها في صدر مقالته الأولى: ((حول وحي الصحراء)) -العدد 249، 1356هـ-1937م: ((لأديبنا الكبير صاحب التوقيع غيرة كبرى مشهودة على الأدب والتمسك بأسبابه الرفيعة، في وقت أصبح الانتساب إليه معزة في عقيدة أدبائنا المعروفين بدليل موقفهم منه. وقد أبت عليه غيرته الأدبية أن يدفن (وحي الصحراء) ولما تمض على ميلاده أيام معدودة..)).
ومقال ((سهران)) فيه حث للأدباء والنقّاد على تناول الكتاب بالنقد والتقويم الموضوعي المحايد. وهو يعتب عليهم إهماله مع أن صدوره يعتبر حدثاً ثقافياً مهماً في المملكة ويقول: ((ألا إني أستطيع أن أعلن سروري به وفرحي لظهوره وأن أعدّ الاعتزاز به وبأمثاله واجباً وطنياً لندرة ما يظهر لنا من كتب ومؤلفات)). ويبدأ ((سهران)) في نقده للكتاب بمقدمة الدكتور محمد حسين هيكل، فيقول: ((إن فيها من المجاملة الشيء الكثير حتى ليظن القارئ أن مصر والحجاز في حلبة الإتقان والقوة كفرسي رهان)) ويرد على هيكل في ((زعمه)): ((أن الأدب في الحجاز متأثر بالبيئة وبالبادية، ويقول إنه ليس في نصوص الكتاب، مع الأسف، ما يؤيد ذلك. بل إن الكتّاب والشعراء هنا متأثرون في الحقيقة بأساتذتهم الأدباء العرب المعاصرين في كل من مصر والشام والمهجر الأمريكي، وإن البيئة المحلية لا تشكّل في الحقيقة أي أهمية تذكر)). ويقوم الكاتب بتصنيف الشعراء في (وحي الصحراء) إلى طبقات، مبيناً خصائص واتجاهات كل طبقة، ويقول إنه إنما يفعل ذلك ليتجنب ذكر الأسماء، لأنه لا يريد التشهير بأي واحد منهم. أما هذه الطبقات فهي على النحو التالي:
- الطبقة الأولى: جماعة القصور الشامخة، وهم التقليديون الذين يستوحون صورهم وتراكيبهم من الماضي.
- الطبقة الثانية: جماعة الأكواخ، وهم الواقعيون الذين يصورون الحياة بحلوها ومرها.
- الطبقة الثالثة: جماعة الإبل التي تحوم حول الغدران، وهم الناشئة الذين يملكون الموهبة لكنهم يحتاجون إلى النصح.
- الطبقة الرابعة: جماعة الإتقان والإجادة في الشعر والنثر معاً، وهم قلة.
ونتساءل بعد ذلك عن شخصية هذا ((السهران)) فلا نجد شيئاً يدل عليه، ولكننا نستشف من مقالته: ((النقد والناقدون)) التي نشرها في صحيفة ((صوت الحجاز)) -العدد 379، سنة 1358هـ-1939م- أنه من الأخوة العرب المقيمين في المملكة، أو ((المتسعودين))، إذ يقول في هذه المقالة ما نصه: ((وبعد، فلا يشق على حضرات الزملاء أننا تناولناهم بما لا يحبون، فقد سلكت نفسي في زمرتهم ووقفت بين يدي المحكمة في صفّهم، فأنا أعدّ نفسي من ناحية الكتابة والبحث حجازيًّا، لأني لم أتصل بالأدباء وشؤونهم إلاّ في هذا القطر)).
وقد تناول من سمّى نفسه ((ابن رشد)) أيضاً كتاب (وحي الصحراء) بالنقد والتحليل، وذلك في مقالته: ((الفكرة التامة والحس الملهم بين الشعر والنثر)) -العدد 253 من صحيفة ((صوت الحجاز))- فلاحظ تشابه نصوصه المختارة، شعراً ونثراً، وعزا هذا التشابه إلى ما سمّاه ((العنصرية)) أو ((القومية الأدبية))، ذلك أن جميع من أسهموا فيه من الأدباء ينتمون إلى بيئة واحدة. يقول: ((هناك شبه واضح بين بعض الشعراء في جرسهم الشعري واتجاه خواطرهم وتقارب أخيلتهم))؛ وكذلك يتشابه الكتَّاب في مواضع تفكيرهم ولمحات انتقالاتهم من معنى إلى آخر وأسلوب المنطق الذي يتخذونه وسيلة للنفوذ إلى أغراضهم. ولئن كان شبه الشعراء يحتاج إلى دقة وإمعان للتثبت منه، فإن شبه الكتَّاب جليّ واضح يلمسه القارئ في غير عنت ولا مشقة))، وهو يضع مقياساً لجودة النثر والشعر والمتمثل في ((تمام الفكرة في النثر وإلهام الحس في الشعر)).
ونقلت صحيفة ((صوت الحجاز)) ما كتبه ((ح -نزيل القاهرة)) في صحيفة ((السياسة الأسبوعية)) المصرية حول كتاب (وحي الصحراء) -العدد 263- وهو يشيد بالكتاب ويرى تأثر أدبائه بالبيئة المحلية من جهة، وبالأساليب العربية الحديثة من جهة أخرى. ويناقش رأي طه حسين في ما كتبه عن أدب الجزيرة العربية، كما يورد شيئاً من مقدمة هيكل للكتاب المذكور.
ويرد على ((ح)) من سمَّى نفسه: ((أحدهم)) في مقالة له بعنوان: ((حول كتاب وحي الصحراء -نحب أن تسمع- عدد 266 -مشيداً بنقد ((نزيل القاهرة))، لكنه يقول إن مآخذه على الأدباء الحجازيين تحتاج إلى ردود منهم، ومن ذلك نقده لمقدمة ابن عبد المقصود، وما ذهب إليه من أن الأدب لا يزدهر في عهد الفتن والحروب، وكذلك نقده لمحمد حسن فقي الذي تحدّث عن رواية رفائيل من غير أن يطلع عليها في الأصل المترجم.
أما فيصل بن عبد العزيز آل مبارك فقد كتب مقالة بعنوان: ((كتاب الله لا يماثله كتاب)). العدد 253 -ينتقد فيها كتاب (وحي الصحراء) من الناحية الدينية، مستشهداً بأبيات لأحدهم منها:
آمنت بالوحي في الصحراء أنزله
على الجزيرة كتّابٌ ميامينُ
ويقول الكاتب إن الأبيات فيها تصريح بأن وحي الصحراء مثل وحي السماء، وأن الأولى أن يشبه بوحي مسيلمة ((فوحي مسيلمة ووحي الصحراء أخوان متشابهان، فإن الله ليس كمثله شيء وكتابه لا يماثله كتاب)). لكن هذه الأبيات التي استشهد بها آل مبارك غير موجودة في الطبعة الحالية المصورة التي أصدرتها تهامة سنة 1403هـ-1983م، فلا بد إذن من الرجوع إلى الطبعة الأولى لنتبين الحقيقة.
وبعد..
فما قدمناه لا يعدو الكلمات الموجزة عن علم من أعلام نهضتنا الثقافية ورائد من روّاد يقظتنا الحديثة التي أسسها ورعاها بطل هذه الأمة الملك عبد العزيز آل سعود، طيّب الله ثراه. ولم يمهل الموت ذلك الشاب النشيط المتفتح محمد سعيد عبد المقصود بل شاء الله له النهاية وهو في أوج نشاطه وحيويته، وقد رثاه رفاقه من الأصدقاء والمحبين ومنهم الدكتور حسني الطاهر الذي أشاد بعروبته وجهاده وعمله الذي لا يعرف الكلل. ويقول عنه أحمد السباعي إنه كان شعلة ذكاء وحيوية وإنه كان يخشى عليه من الإرهاق واندفاعه المستمر نحو العمل، وقد تحقق ما كان يخشاه وها هو ابن عبد المقصود يودّع الحياة وهو في قمة شبابه وحيويته.
ويذكر فؤاد شاكر ما قام به الفقيد من أعمال عظيمة في سبيل إنعاش الحياة الثقافية والأدبية وما كان يتحلّى به من حماسة ووطنية وجد ومثابرة.
ويقول عبد الله عريف إن وفاة ابن عبد المقصود كانت خسارة كبيرة وهو يعدّد مآثره ويقول إن حيويته هي سر شخصيته، وأنه موجود في كل مشروع وفي كل مناسبة، ويقول إن عبد المقصود ينبغي أن تكتب حياته في كتاب يضم نوابغ الشباب.
ويقول علي أحمد باكثير من قصيدته التي نشرها في مقدمة كتاب (وحي الصحراء) مشيداً ومتفائلاً:
أهلاً بأنفاس الحجاز
ومرحباً بصدى الحَرَمْ
هبّت على الأقطار مُحيـ
يةً، ودوّى في الأمم
* * *
ذهبا يعيدان الرجا
ء إلى النفوس اليائسه
أن العروبة سوف تُبْـ
ـعثُ في رباها الدارسه
لكن محمد سعيد عبد المقصود لم يمت وقد خلَّف ابناً باراً حقق الكثير مما كان يحلم به ذلك الوالد البطل. رحم الله الوالد، ووفق الابن إلى كل ما فيه الخير وما تحلم به هذه الأمة العظيمة ((البائسة)) أو ((اليائسة)). على حد تعبير باكثير.
والله الموفق..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :418  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 130 من 153
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ترجمة حياة محمد حسن فقي

[السنوات الأولى: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج