| شـَدَدْتُ رِحـالي اليـومَ نحوَ أحبّتي |
| ورُحْتُ أُمنِّي النَفْسَ بالقُبُلاتِ |
| وما حَمَلَتْني للأحبَّةِ ناقَةٌ |
| ولا جُزتُ صحراءً ولا فَلَواتِ |
| وما كنتُ أبغي الـدارساتِ ولم أقفُ |
| على طَلَلٍ أذرو به عَبَراتي |
| ولم أخشَ عيناً للرقيبِ، فإنّني |
| مُحِبٌّ عفيفُ الروحِ والرَغَباتِ |
| ركبتُ جَناحاً قد علا بي إلى السّـما |
| فكانتْ على حَـدِّ السُهى خُطُواتي |
| وقد كِدتُ أجني باليدينِ كواكباً |
| تُغازِلني بالغَمْزِ والنَظَراتِ |
| ولكنّني ما كنتُ أبغي إقامةً |
| على ثَغْرِ نَجمٍ نَيّرِ البَسَماتِ |
| فَمِنْ حَلَبَ الشهباءِ قد جئتُ طائراً |
| أُلبّي بعشقٍ أعطرَ الدعواتِ |
| فلي في بساتين (الرياضِ) كواكبٌ |
| دَعَتْني إلى فَيضٍ من الكلماتِ |
| بَنو البابطينَ الزُهْرُ في كلِّ مَشْرقٍ |
| لهمْ بارقٌ في أحرُفِ الصَفَحاتِ |
| لقد حَمَلوا للحَرفِ في العُرْبِ مِشعلاً |
| فكانوا بهِ للعُرْبِ نِعْمَ هُداةِ |
| فكمْ مثلَ هذا الصرحِ للحَرفِ قد بَنَوا |
| فكـانوا لصـرحِ العـقلِ ذُخْـرَ بُناةِ |
| أنا في (رياض) العـلمِ عـاصمةِ الأُلى |
| غَـدَوا لكنوزِ العلْمِ حَشْـدَ حُماةِ |
| فيا حبّذا هذي الربوعُ ثقافةً |
| وأهلاً وأرضاً عَذْبَةَ النَفَحاتِ |
| هنا في رِمالِ النَجدِ مَهْدُ عُروبتي |
| وتُربةُ نَبْضاتي وجَذْرُ نَواةِ |
| وإنّي لأفدي بالعيونِ جزيرةً |
| تَنَزَّلَ فيها الوَحْيُ غَيثَ سُقاةِ |
| على عَرَبٍ صانُوا كتابَ إلهِهِمْ |
| فكانوا بحِفْظِ الذِكْرِ خَيرَ ثَقاتِ |
| وما كانتِ الفُصحى لِتخْبو نارُها |
| وقرآنُنا يحيا مع النَبَضاتِ |
| إذا شَتَّتْنا الحادثاتُ، فإنّما |
| ضمانَتُنَا الفُصحى لجَمعِ شَتاتِ |
| هي العروةُ الوُثقى وما كَدِمائِها |
| بأعراقِنا تجري دِماءُ حياةِ |
| هي العروةُ الوُثقى وقلعتُنا التي |
| تصونُ حِمانا من سِهامِ عُداةِ |
| هي النَغَمُ الأصفى على ثَغرِ بُلبُلٍ |
| وما مثلَها غنّى لسانُ شُداةِ |
| وحسبُ حروفِ "الضادِ" من شَرَفٍ بأنْ |
| تُرَدَّدَ في عُجمِ اللسانِ قُصاةِ |
| ستبقى حروفُ "الضاد" ما دامَ مُسْلِمٌ |
| يُرتِّلُ آيَ الذِكر في الصَلَواتِ |
| "بإقرأ" أتى التنزيلُ كلُّ قراءةٍ |
| لكلِّ غريقِ الجهلِ طوقُ نَجاةِ |
| ولم ترتوِ الأخلاقُ إلاَّ بقَطْرِها |
| وما قَطْرُها إلاَّ كؤوسُ فُراتِ |
| وما هُذِّبَتْ نفسٌ بغيرِ قراءةٍ |
| ولا عَرَفَتْ روحٌ شَذى الصَبَواتِ |
| هُوَ العلْمُ يُحْيِي ماؤهُ كلَّ مَيّتٍ |
| ويَبعثُ بعدَ الموتِ كلَّ رُفاتِ |
| أيا إخوةَ الضادِ الكرامَ تحيَةً |
| مُعطَّرةَ الأنفاسِ والنَفَثاتِ |
| أتيتُكُمُ والحُزنُ تَرتيلُ خافِقي |
| وفي مُقلَتي أُنشودةُ العَبَراتِ |
| على إخوةٍ في القُدسِ ماؤهُمُ الرَدى |
| وخبزُهُمُ بحرٌ من الوَفَياتِ |
| قَدِ انتفَضوا فالموتُ أعذبُ مَنْهَلٍ |
| على شَفَةِ الأطفالِ والفَتَياتِ |
| هو النصرُ آت سوف تُشرقُ شمسُهُ |
| غداً، من دمِ الأبطالِ والبَطلاتِ |
| هو النصرُ من عندِ الإلهِ يمدُنا |
| بجُندٍ وأنصارٍ من السمواتِ |
| ستبقى بكَفِّ اللهِ رايتُنا إذا |
| توحَّدَ منّا القلبُ بالخَفَقاتِ |