وليس ما يحدث في الهند أو في الصين وفي كل قطر آسيوي، وفي كل شعب أفريقي يبعد تأثيره على الجار الجنب والجار الجنب أو على كل آسيوي وكل أفريقي.
ففي الهند مثلاً نتأثر كثيراً بالمعارك بين الهندوكي والمسلم، كما أننا نتأثر بما يحدث في الهند الآن بين طائفة ((السيخ)) وشعب الهند، هنادكة ومسلمين.
إن ((السيخ)) مذهب هندوكي اختلطت به مذاهب شتى. فهم أشبه ما يكونون بـ ((المورسيبن)) في الولايات المتحدة، خلطوا عقيدتهم المسيحية بشيء من اليهودية وشيء من الوثنية بل قد يشبه ((السيخ)) في شذوذهم عن الهندوكية الأصل ((البهائيين)) في إيران وما إليها.
فهؤلاء ((السيخ)) قد عظم شأنهم بتخطيط الاستعمار البريطاني، عندما رزحت الهند كأمبراطورية بريطانية حيث كانت على ممتلكات التاج، فاللقب كان هكذا، ملك بريطانيا وإيرلندا وإمبراطور الهند وما وراء البحار.
فرجال الإمبراطورية أخضعوا الهند كلها إلى التقسيمات المذهبية، وإلى مقاطعات يحكمها النواب أو المهراجا، تحت شعار ((فرق تسد)).
من هنا، وضعوا ((السيخ)) الذين كانوا أقلية في الهندوكية في مكان القوة، يستخلصونهم للجندية، يمنحونهم بعض الامتيازات، على طريقة المستعمرين في كل مكان يحتضنون الأقليات المستضعفة، يدخلونهم المدارس العسكرية، تتكوّن لهم قوة داخل المستعمرة، فلقد فعلوا ذلك في أكثر من مستعمرة.
فحين حمل الاستعمار عفشه خرج بصورة من منح الاستقلال بترك الأرض التي استعمرها نهباً للفرقة والشقاق، سواء كانت الفرقة مذهبية أو قوة للدين كانوا خدماً، بل وبعضهم كانوا كناسين، تحملوا مرارة الإقصاء عن شعبهم، فاغتنموا فرصة هذا العطاء من المستعمرين، فانخرطوا في سلك الجيش يرتفع بعضهم إلى جنرالات بل وارتفع بعضهم إلى زعماء.
حال ما أشد مرارته وما أقسى ما تقاسيه الشعوب كأنما الاستعمار قد وضع الإسفين في كل شعب استعمره، يرفع المستضعفين ليعتزوا ثم ليبتزوا.