ـ مواقف ثلاثة وقفها الفاروق أبو حفص عمر مع صاحبه سعد ابن أبي وقاص، فقد كان عمر يحترم السابقين الأول حتى إذا اعتزم أن يختار قائداً لحرب الفرس أخذ يستعرض الرجال فإذا هو يختار سعد بن أبي وقاص.. فحين أقبل سعد عليه قال: ((هذا عذيقها المرجب وفارسها المحبب)) وانتصر سعد.. فتح عليه الله باب الشرق كله.. خالد في اليرموك.. أجلى الروم عن الشام وسعد أجلى الفرس عن العراق فإذا الأمبراطوريتان تلاحقها الهزيمة أمام نصر الإِسلام.. وبلغ عمر أن سعداً قد ابتنى قصراً بالكوفة فاشتد عزمه فإذا هو يبعث أمينه، سيدي محمد بن مسلمة قاتل كعب بن الأشرف، بعثه يقول له ((اذهب إلى الكوفة فحرق على سعد داره)) وسار ابن مسلمة حتى إذا وصل شب النار حول القصر يمتثل أمر عمر فأطل سعد عليه كأنما الجليل العظيم يسأل الجليل العظيم: ما هذا يا محمد؟! فقال محمد بن مسلمة: إنها عزمة أمير المؤمنين.. ونزل سعد يعانق ابن مسلمة فالأخيار يتعانقون.. نزع الله ما في صدورهم من غل.. واعتزم ابن مسلمة الرحيل فمد سعد يده بدنانير يهبها لابن مسلمة.. فأبى محمد أن يأخذ حتى إذا رجع إلى المدينة سأله عمر: ماذا صنع سعد؟! قال ابن مسلمة: سمع فأطاع.. قال عمر: ذلك عهدي به.. ثم قال عمر: ثم ماذا كان أمره معك؟! قال ابن مسلمة: وهبني مالاً فأبيت فقال عمر: بكل الحب والحنان: لماذا لم تأخذ.. إنه أخوك؟!
واعتزل سعد الإِمارة ورحل إلى المدينة.. فدخل في مجلس عمر يتخطى الناس فإذا عمر يرفع الدرة.. فجزع سعد فإذا عمر يخاف أن يدعو عليه سعد، فسعد كان مستجاب الدعاء. فقال عمر: لن تراني بدعاء ربي شقياً.. وما دعا سعد فإذا هو في حظوة الاحترام صديقاً صدوقاً لعمر.. رضي الله عنهم أجمعين..