الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > بطولة وإيمان

بطولة وإيمان

ـ وقد كتبنا في (سيرة بطل) عن هذا الصحابي الجليل، فألح على واقع الأمر مع اليهود اليوم أن أنشرها، تمراً ما أحلاه، وجمراً ما أشد حريقه، وهذا نصها:

محيصة بن مسعود النصاري الخزرجي، شهد أحداً والخندق وما بعدها هو وأخوه حويصة الذي أسلم على يده.. لقد أسلم محيصة بطلنا قبل أخيه الأكبر حويصة.. وبعث النبي محيصة إلى أهل فدك (وتسمى الحائط والحويط الآن.. وهما واحتان قرب خيبر).

كان أخوه حويصة أكبر سناً منه، ولكن محيصة الأصغر أنجب وأفضل.. هي العقيدة الصافية أثمرت في قلوب الشباب والمستضعفين فكان منهم جل أصحاب محمد الفاتحين.. ذكروا أنه بعد أن قتل محمد بن مسلمة كعب بن الأشرف اليهودي الشرير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه يأمر النبي بتطهير الأرض المسلمة دار الهجرة. الجزيرة كلها. من دنس اليهود وفتن اليهود ومفاسدهم. فوثب محيصة بن مسعود على ابن سنيه أحد تجار اليهود وقد كان يلابسهم. يخالطهم ويبايعهم، فقتله.. فرأى حويصة الأخ الأكبر عمل أخيه الأصغر فجزع وغضب ولم يكن مسلماً حينذاك. فلقد كان مشركاً لم يسلم بعد.

ولكبر سنه ولجزعه من قتل العشير يقتله أخوه. أخذ يضرب أخاه محيصاً ويقول: أي عدو الله قتلته؟ أما والله لرب شحم في بطنك من ماله.. فقال محيصة المؤمن: أما والله لقد أمرني بقتله من لو أمرني بقتلك لضربت عنقك. فقال حويصة - كأنما يستنكر هذا الشيء الجديد الذي طرأ على أخيه: لو أمرك بقتلي لقتلتني؟..

فقال محيصة: نعم والله لو أمرني بقتلك لقتلتك. وعجب حويصة أكثر وأكثر. ثم قال: والله إن ديناً بلغ بك هذا العجب؟ ثم أطرق.. ثم سطع نور الهدى على قلب حويصة فأسلم. كان ذلك أول إسلامه على يد أخيه الأصغر محيصة.. إنها الهداية تتهيأ أسبابها فيشع لها نور على قلب أراد الله له الخير. واهتز محيصة فرحاً وأخذ ينشد:

يلوم ابن أمي لو أمرت بقتله

لطبقت ذفراه بأبيض قاضب

حسام كلون الملح أخلص صقله

متى ما أصوبه فليس بكاذب

وما سرني أني قتلتك طائعاً

وأن لنا ما بين بصري مآربي

هل كان الأمر بقتل اليهودي أين ما وجدناه خاصاً بذلك الوقت.. نعم.. ولا.. نعم لقد كان خاصاً في ذلك الوقت. وقد كان اليهود قوة في الحجاز في المدينة في خيبر، في فدك، في وادي القرى جميعه، فلا بد من الأمر بكسر هذه القوة الشريرة، وقد كان. قتل كعب بن الأشرف وابن أبي الحقيق وابن سنية وأجليت قينقاع والمضير، وقتل صبراً رجال من قريظة. ثم أكمل عمر الأمر فأجلاهم. فلم يبق منهم طابور خامس داخل الوطن وبين أفراد الأمة. ولا جيوب تخرج من أحجارها الأفاعي ولا أسفين يدقه عدو. فلما انقضى هذا السبب لم يحرص المسلمون على تعقب اليهودي الذمي بسوء. ولكن الحكم فيه باقٍ إلى اليوم. ونحن أشد ما نكون في حاجة إلى تطبيقه الآن. وقد أصبح لليهود شأن في جزيرة العرب وفي الأرض المسلمة. فكلنا محيصة واجب عليه قتل اليهودي أينما ظفر به. بل إن الوضع الآن أشد نكاية من هؤلاء اليهود على الإِسلام عن ذي قبل.

وتحدث محيصة فقال: لقد سألت رسول الله عن أجر غلامي الحجام (أبو طبية) هل أخذه؟ فقال النبي: لا تقربه فلما رددت السؤال قال لي أعلف به الناضح، أيجعله في كرشه يعني خذه به علفاً لبعيرك أو أباعرك التي تسنى عليها.

بطولة وظرف وإيمان. وهدي محمد شع نوره على قوم ذي نفوس قابلة للصقل وعزائم هازمة للباطل وكل ذلك في سبيل الخير، رضي الله عنهم أجمعين.