شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أسْمَاء بنت عميس
هي إحدى الأخوات المؤمنات، لُبابة الكبرى (أم عبد الله بن العباس) ولبابة الصغرى العصماء (أم خالد بن الوليد) وهزيلة وعزة وسلمى (زوج حمزة بن عبد المطلب) فميمونة أم المؤمنين.
أسلمت أسماء بنت عميس قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم. فهي من السابقين الأولين. وبايعت وهاجرت إلى أرض الحبشة مع زوجها الأول جعفر ابن أبي طالب، ذي الجناحين شهيدنا في مؤتة. وولدت له هناك عبد الله ومحمداً وعوناً. ثم قتل بمؤتة شهيداً في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة. وقد كانت الكريمة، يجلُّها ويحترمها أصحاب رسول الله، يعرفون لها حرمة السبق، وفضيلة الهجرة، وحسن العشرة لزوجها الأول، ولزوجها أبي بكر، فعليّ بعد ذلك. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها. ولا عجب فأختها لبابة الكبرى هي المرأة الوحيدة التي ليست من محارم رسول الله، وإنما هي امرأة عمه، ولكنها الوحيدة التي كان يضع النبي رأسه في حجرها تفليه وتكحله. كأنما هو ابنها. وهو بلا شك - صلى الله عليه وسلم - أحد أبنائها، فهي امرأة العم الحبيب العباس بن عبد المطلب. وأم بنيه الفضل وعبد الله وقثم وإخوانهم.. ولا أدري من أين جاءني هذا الوازع. وهذا الحب لأسماء؟ حتى إذا ما ذكرت خديجة ذكرت سيدتين أحسب أنهما تشبهانها، وهما أم سلمة، أم المؤمنين، هند بنت زاد الراكب، وأسماء بنت عميس. لا أذكر واحدة منهم إلا ذكرت اثنتين كما هو الشأن في تذكُّري لأبي بكر.. أتذكر سعد بن معاذ كأنهما صنوان شبيهان.. وفي تذكري لأبي عبيدة أتذكر محمد بن مسلمة. وفي تذكري لعمر أتذكر خالد بن الوليد، لا على أنهما خصمان جرى بينهما ما أساء لأحدهما من الآخر. ولكن على أنهما الصنوان الشبيهان خلقاً وخُلقاً، وعبقرية وامتيازاً، وشجاعة جاءتنا بهذا الفتح العظيم. بكل الفتح المؤزر.
ولما قدمت أسماء بنت عميس من الحبشة قال لها عمر: (يا حبشية سبقناكم بالهجرة) كأنما هو يمازحها ويكرمها فقالت: أي لعمري لقد صدقت. كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم ويعلم جاهلكم، وكنا البعداء الطرداء. أما والله لآتين رسول الله فلأذكرن ذلك له. فأتت النبي فذكرت ذلك له. فقال لها: للناس هجرة واحدة ولكم هجرتان. هاجرتم إلى أرض الحبشة ونحن مرهونون بمكة. ثم هاجرتم بعد ذلك.. هاجرتم إلى النجاشي وهاجرتم إلي.. وهي أول من أشار بالنعش نعش المرأة يميزها عن الرجل.
وتحدثوا أن أسماء قالت: أصبت في اليوم الذي أصيب فيه جعفر وأصحابه، فأتاني رسول الله وقد هنأت - يعني دبغت أربعين أهاباً من آدم (أربعين جلداً) وعجنت عجيني وأخذت بني فغسلت وجوههم ودهنتهم، فدخل عليّ رسول الله. وقال يا أسماء: أين بنو جعفر؟ فجئت بهم إليه فضمهم وشمهم، ثم ذرفت عيناه فبكى. فقلت: أي رسول الله لعلّه بلغك عن جعفر شيء؟ فقال: نعم قتل اليوم. قالت: فقمت أصيح. فاجتمع إليّ النساء. وجعل رسول الله يقول: يا أسماء لا تقولي هجراً ولا تضربي صدراً. فخرج رسول الله حتى دخل على ابنته فاطمة وهي تقول: واعماه. فقال رسول الله: على مثل جعفر فلتبك الباكية. ثم قال: اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد شغلوا عن أنفسهم اليوم.
ولما خرجت من عدتها تزوجها أبو بكر الصديق العظيم. الكريم المؤمن الأول بعد رسول الله، فولدت له محمد بن أبي بكر. ثم توفي عنها أبو بكر.. وتحدثوا أن أسماء قد نفست بمحمد بن أبي بكر بذي الحليفة (آبار علي) وهم يريدون حجة الوداع. فأمرها أبو بكر أن تغتسل ثم تهل بالحج. أمره بذلك رسول الله (مرها فلتغتسل ثم تُحرم) وهي التي غسلت أبا بكر غسل الموت. كما أوصى هو بذلك. وعزم عليها أن تفطر لتقوى على غسله لأنها كانت صائمة. فذكرت يمينه من آخر النهار. فدعت بماء فشربت وقالت: والله لأتبعنه اليوم حنثا. ولما قضت عدتها بعد أبي بكر تزوجت علياً فولدت له يحيى وعمر. فأبناء جعفر وابن أبي بكر وابنا علي أخوان لأم.
وذات يوم تفاخر ابنها محمد بن جعفر وابنها محمد بن أبي بكر فقال كل واحد منهما. أنا أكرم منك وأبي خير من أبيك. وسمع علي. فقال لها: أقض بينهما يا أسماء. فقالت: ما رأيت شاباً من العرب خيراً من جعفر. ولا رأيت كهلاً خيراً من أبي بكر. فقال عليّ: ما تركت لنا شيئاً. ولو قلت غير الذي قلت لمقتك. فقالت أسماء: إن ثلاثة أنت أخسهم لخيار. وقال علي ذات يوم: كذبتكم من النساء الحارقة فما ثبتت امرأة منهم إلا أسماء بنت عميس.
حياة لمؤمنة سابقة فيها طول ولم تخل من العرض وكلها جلال.. جلال الإيمان. قبس النور. النور الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم.
رضي الله عنهم أجمعين.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :673  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 201 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل بن عبد العزيز

نائبة رئيس مجلس مؤسسي ومجلس أمناء جامعة عفت، متحدثة رئيسية عن الجامعة، كما يشرف الحفل صاحب السمو الملكي الأمير عمرو الفيصل