شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حُذيم بن حنيفَة التمِيمي
حُذيم بن حنيفة من ولد سعد بن زيد مناة من تميم. صحابي أسلم فكان خيراً في المسلمين. وله قصة يروي خبرها عن النبي توضح كيف تكون الوصية ويكون الوقف، والبر بالولد لا يفضل ذكراً على أنثى ولا أخاً على أخيه. وترينا كيف يكون الجور والحيف يضيع ثواب الصدقة ويبطل الوصية ((الوصية في الثلث والثلث كثير)).
وقصة حذيم فيها شيء من قصة النعمان بن بشير حينما أراد أن يختص ابنه بشيراً فمنعه رسول الله وأبى أن يشهد وفيها شيء من قصة أبي طلحة حينما أراد أن يتبرع وينفق كل ماله فمنعه رسول الله فأوقف بئر حاء ((في باب المجيدي الآن)) فكانت أول وقف خيري في الإسلام.. ولم يعرف الإسلام هذه الأوقاف التي فيها من الجنف والحيف ما يضر الولد ويوجد بينهم العداوة والبغضاء وما يدفعهم إلى ترك الوقف وإهماله حتى يصير خراباً فإذا وجدت خراباً شاسعاً في البلد عرفت أنه الوقف.
تحدث حنظلة بن حذيم بطلنا اليوم قال: طلب حنيفة والد البطل من ابنه حذيم ((أن أجمع بنيك. إني أريد أن أوصي)) فجمعهم وقال: يا أبتاه إني قد جمعتهم فهم بين يديك الآن.. فقال حنيفة: إن أول ما أوصي به مائة من الإبل التي كنا نسميها في الجاهلية ((المطيبة)) صدقة على يتيمي هذا في حجرته.. واسم اليتيم ضرْس بن قطيفة (ولد حنيفة) وسمع حذيم وصية أبيه فقال له: يا أبتاه إني لأسمع بنيك يقولون: إنما نقر بهذا عين أبينا فإذا مات اقتسمناها وقسمنا له كنصيب بعضنا.. فقال أبوه: أو سمعتهم يقولون ذلك؟ فقال حذيم: نعم.. فقال حنيفة: بيني وبينك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكمل حذيم الخبر فقال: فانطلقنا إليه ((يعني رسول الله)) فإذا هو جالس.. فقال النبي: من هؤلاء المقبلون؟ فقالوا: هذا حنيفة النعم، أكثر الناس بعيراً بالبادية.. فقال الرسول: من هذان حواليه؟ قالوا: أما الذي عن يمينه فابنه حذيم الأكبر، ولا نعرف الذي عن يساره.. فلما جاءوا النبي سلم حنيفة على رسول الله ثم سلم حذيم. فقال النبي: ما رفعك إلينا يا أبا حذيم؟ قال هذا رفعني. وضرب فخذ حذيم يشير إليه.. فقال الرسول: بلى. وتحدث حنيفة إلى الرسول فقال: يا رسول الله إني رجل كثير المال، عندي ألف بعير وأربعون من الخيل سوى أموالي في البيوت فخشيت أن يفجأني الموت أو أمر الله فأردت أن أوصي فأوصيت بمائة من الإبل من التي كنا نسميها المطيبة في الجاهلية صدقة على يتيمي هذا في حجرته.. ونظر حذيم ثم تحدث يروي ما نظر، قال: فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جثا على ركبتيه ثم قال: لا إله إلا الله، إنما الصدقة خمس فإن لا فعشر فإن لا فخمس عشرة فإن لا فعشرون فإن لا فخمس وعشرون فإن لا فثلاثون فإن كثرت فأربعون.. فبادره حنيفة فقال: يا رسول الله إني أنشدك الله: إنها أربعون من التي كنا نسمي المطيبة في الجاهلية، قال: فودعه حنيفة وقال النبي: فأين يتيمك يا أبا حذيم؟.. قال هو ذاك النائم. وكان يشبه المحتلم.. فقال النبي: لعظمت هذه هراوة يتيم. وانصرف حنيفة وبنوه إلى أباعرهم.. وتكلم حذيم فقال: يا رسول الله إن لي بنين كثير منهم ذو لحى ومنهم دون ذلك - وروى هذا الخبر حنظلة بن حذيم أصغرهم - فشمت عليه يا رسول الله (يعني الدعاء لحنظلة فقال الرسول لحنظلة: أدنُ يا غلام، فدنوت منه، فوضع يده على رأسي وقال: بارك الله فيك. وسكت حنظلة عن إتمام الخبر، وتكلم رواة آخرون فقالوا: كان حنظلة يرى أنه يؤتى بالرجل الوارم وجهه وبالشاة الوارم ضرعها فيتفل في كفه ثم يضعها على صلعته ثم يقول: باسم الله على أثر يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يمسح الورم فيذهب.
روح المسلم في حذيم سمع لأبيه، ونصح لأبيه، ولم يستبد بإخوانه، لا بتصرفه لأحد أبنائه ولا بتصرف أبيه لليتيم من أبناء إخوانه وسعى للتقوى يسمع ليحكم الرسول، لم يترك أباه يتصرف بما يجزع إخوانه فيقرونه في حياة الأب لينقضوه بعد الوفاة.
وجاء حكم الرسول قاطعاً.. ثم جاءت دعوة الرسول لابن حذيم حنظلة وفيها الخبر والبركة أكثر من الإبل والخيل والمال. إنها الإيمان والتقوى وبطولة النفوس المؤمنة صهرت بنور الحق. رضي الله عنهم أجمعين.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :606  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 167 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.