شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مِرْداسُ بن نُهَيْك
مرداس بن نهيك الفزاري.. وفزارة وعبس وذبيان من ولد بغيض بن غطفان بن قيس عيْلان بن الياس بن مضر، فهو عدناني. وقيس عيلان وبطونها لا يعرف في وقتنا الحاضر أحد ينتسب إليها.. ولعلّ غطفان التي انمحى اسمها أيضاً قد تحولت هوَزان إلى عتيبة.. فالأصل الجذم للطير يقيم الآن على حافة نجد من ناحية المدينة، فهم بنو عبد الله وقد انتشرت منهم قبيلة مطير في نجد اليوم، ولعلّ أسداً قوم طليحة قد اندمجوا فيهم.. شيء لا نجزم به وإنما نرجحه ولعلّ غيري أشد قوة على تحقيقه..
وعبس بعضها اندمج في مطير وبعضها في القبائل الأخرى ولا يزال، من يعرف بهذا الاسم من الذين ينزلون تهامة واليمن.. وقد تناقل قوم أن هيثماً التي تعيش في حرة بغيض بن غطفان.. أخي عبس وذبيان وهيثم التي بين المدينة وخيبر هم بقايا عبس ومن إليها من غطفان، وهذا غير صحيح، ولعلّه يكون اقرب إلى الصحة إن اسم هيثم محرف عن هُذيم بن سعد بن بغيض بن غطفان أخي عبس وذبيان وفزارة، رأي نعرضه، لا نجزم بالصحة فيه، وإنما ليثار، ليدلي من عنده الصواب، لنهتدي به.
وذبيان.. قد دخلت الآن في جهينة ((القضاعية القحطانية)) بالحلف والجوار والمصاهرة فلن ترجع عدنانية.. ومن ذبيان أناس في تهامة واليمن.. أما فزارة فلا أعرف أحداً ينتسب إليها اليوم.. إلا أن يكون له وجود لم أعلمه. مع أن فزارة حين سطع نور الإسلام كانت على الذروة في غطفان لا تتقدمها عبس ولا ذبيان.. فقد كان سيدها عييُنة ابن حصن بن بدر، الأحمق المطاع الذي ارتفع لقومه ذكر في حرب فاسقة. داحس والغبراء، حرب فاسقة ارتفع ذكر لأبطالها ولكنه الذكر الذي أبطله الإسلام. أما ذكر السيدين العظيمين اللذين سعيا للصلح وبذلا المال.. وهما الحارث ابن عوف وهَرِمُ بن سنان، فقد بقي لهما. عظما بالخير، وعظم من ورائهما ذكر شاعر ملأ الدنيا بالثناء عليهما. هو زهير بن أبي سلمى.. القائل:
تداركتما عبساً وذبيان بعدما
تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم
ومرداس صاحب السيرة الآن.. لعلّه لا يبلغ درجة البطل بما صنع لنفسه وإنما استأهل البطولة بما صُنع له، وأنزل الله من أجله قرآناً كريماً. كان رجلاً من عامة المسلمين.. ولعلّه لم ير النبي فتكتب له الصحبة، وإنما اسلم استجابة لداعي قومه.. وأفدهم على النبي صلى الله عليه سلم.. أو لعلّه أسلم على يد النبي صلى الله عليه وسلم مع وفد قومه كأحدهم ولم يعرف من أصحاب رسول الله.. لقد عرف مرداس وارتفع له ذكر لأنه قتل خطأ.. قتله أسامة بن زيد. فالسيرة كتبت له في الأمهات، وتكتب له الآن في صحيفة سيارة.. لأن قتله الخطأ نزل فيه حكم قرآني كريم. أعلمنا أن الخطيئة لا يترك صاحبها دون عتب أو قود أو جزاء أو لوم.. مهما كان مقامه وكائناً من كان.. ولو كان أسامة بن زيد، الحب ابن الحب.. ذهب أسامة بن زيد وهو من هو منزلة عند رسول الله صلى الله عله وسلم- جندياً في سرية يقودها البطل منقذ السرح سلمة بن الأكوع.. وأبو أسامة زيد بن حارثة، حبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه.. من ذكر اسمه في الكتاب مرتين. مرة مضمراً ومرة ظاهراً.. ((ما كان محمد أبا أحد من رجالكم)) هو زيد ((ولما قضى زيد منها وطرا..)) وأول من أسلم من الموالي أي أنه ثالث مكلف لبى دعوة محمد. خديجة وهو وأبو بكر. أما علي فقد كان صبياً لم يبلغ الحلم حينما آمن بمحمد. وأم أسامة.. أم أيمن، بركة الحبشية. حاضنة الرسول. مربيته. والتي كان يقول لها رسول الله يا أم أيمن.. ويا أماه.. ومن سره أن يتزوج من أهل الجنة فليتزوج أم أيمن.. فتزوجها زيد فولدت أسامة. هو من هو منزلة في نفس الرسول يعرف ذلك الصحابة. حتى أنهم حينما أرادوا أن يستشفعوا أحداً في المخزومية التي سرقت لم يجدوا غير أسامة الحبيب القريب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فلم يشفعه النبي وإنما قال له يعلمه ويعلمهم: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. وذهبت السرية يقودها ابن الأكوع. سلمة ومن رجالها أسامة، فسقطوا على مرداس بطلنا وقد كان خارج الحي يرعى غنماً.. فلقيه أسامة.. فأقبل مرداس على أسامة يقرئه السلام شعار المسلمين أقبل مرداس على أسامة.. وقال السلام عليكم أنا مؤمن. فلم يرد عليه أسامة السلام ولم يصدقه وإنما اخترط سيفه فقتل مرداساً.. ظن أسامة أنه إنما ألقى السلام متمرداً متقياً مدارياً فلم يمهله. وكادت تمضي لا يذكرها أحد ولكن عين الله لا تنام.. ولكن الصحابة لا يكتمون عن الرسول شيئاً جرى منهم أو عليهم.. ولو كان خطأ.. جاء عن أسامة بن زيد.. وهم يعرفون قدر أسامة. فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يبعثه في سراياه، ويحب أن يثني عليه، إن وجد خيراً أكبره وحمد الله وأثنى على أسامة وإن وجد غير ذلك قوّم وأدّب وعلّم.. يريد لحبيبه الغالي أن يكون رجل خير. وبطلاً من أبطال أمته.. وقد كان، وعادت السرية وأخبرت الرسول.. فرفع الرسول عليه الصلاة والسلام رأسه وقال لأسامة: ((كيف أنت ولا إله إلا الله)).. فقال أسامة: يا رسول الله إنما قالها متعوذاً.. فقال الرسول: ((هلا شققت عن قلبه)) فسكت أسامة.. وعرف الخطيئة وجزع. ونزلت آيات الكتاب الكريم من سورة النساء تتلى إلى يوم الدين، وينفذ حكمها إلى يوم يبعثون. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (النساء: 94). هذا حكم الإسلام في قتل النفس المؤمنة.. لا يحله الله لأحد إلا بحقه المشروع المقرر.. فما بال أقوام لا يرعوون.. يقتلون إخوانهم في سبيل باطل ونزوة طاغية وجبروت ظالم. لقد أخطأ أسامة فأدبه الله وغفر له، إن الذين لا ينالهم أحد بأدب فلهم يوم القيامة أدب من نوع آخر. ما أشده وأقساه. ولا أدري هل هذه سيرة مرداس، أو سيرة أسامة.. بعض ذلك قد كان.. أما الذي هو كائن كله فإنها سيرة النبي. سيرة الإسلام يتضوع أريجها في سيرة هؤلاء. في صوابهم. وأخطائهم. إنها سيرة أمتنا قد ضاع منها شيء كثير وكبير حينما تركت التحلي بالخلق الكريم خلق القرآن.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :950  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 168 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج