شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مخرمَة بن نوفَل
مَخْرَمة بن نوفل القرشي الزهري، فهو من أخوال النبي.. يكنى بأبي صفوان، أو أبي المسوِّر.. فالمسور بن مخرمة الصحابي الجليل. والذي عقد رجال الشورى مؤتمرهم في بيته.. كشيء رتبه خاله عبد الرحمن بن عوف هو ابن مخرمة.. بطلنا اليوم.
وأم مخرمة اسمها رُقيْقة الزهرية مثله. وكانت لدة عبد المطلب بن هاشم.. كان من علية قريش في سنه ومقامه. عاش طويلاً في الجاهلية ثم في الإسلام، له علم بأنساب قريش وأحسابها. يؤخذ عنه ذلك. وأسلم عام الفتح فهو من المؤلفة قلوبهم.. وهو أحد الذين كانوا مع أبي سفيان في عير قريش يوم بدر، فساحلوا بها ونجوا. وكان عالماً بأنصاب الحرم وحدوده، فبعثه عمر هو وسعيد ابن يربوع، وأزهر بن عبد عوف، وحويطب بن عبد العزى فحددوا المعالم وجددوها.
وأعلام الجرم وحدوده حددها الذي رفع القواعد من البيت إبراهيم عليه السلام. علمه جبريل. ثم جددها إسماعيل بعده ثم جددها قُصي؛ بن كلاب. ثم جددها النبي عليه الصلاة والسلام.. ثم إن عمر بعث هؤلاء الأربعة فجددوها. فعلينا أن فعلنا ذلك أن نستعين بأهل العلم لا نترك أمر الحرم وأعلامه إلى من لا يعرف.
وعنه يروى الحديث عن استقاء قريش بشيبة الحمد عبد المطلب بن هاشم (بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا). ولعلّ عبد المطلب بعد هذا الفضل من الله منّ به عليه قام بالكشف عن زمزم فحفرها.. كما هو في قصتها ومعه ابنه الحارث وعن مخرمة يذكر الحديث.. لما أظهر رسول الله الإسلام أسلم أهل مكة كلهم، حتى أن النبي كان يقرأ السجدة فيسجدون ما يستطيع بعضهم أن يسجد من الزحام.. حتى إذا قدم رؤساء قريش أبو جهل وعمه الوليد وغيرهما ممن هم على شاكلتهما - وكانوا بالطائف - فقالوا لقريش: تدعون دين آبائكم؟ فكفروا.. قصة عن مخرمة، لعلّه شهد بعض الحائرين المترددين سجدوا مرة فعدها أمراً واقعاً كصفة لزمتهم، أو لعلّه تحدث عما كان يتوقع، لو سلم القوم من أبي جهل وأمثاله. والصحيح أن العلية من قريش خافوا على مقامهم فرفضوا الدعوة الجديدة، فقصة أبي لهم تنبئنا خلاف ما ذكر مخرمة. فأكثر قريش وعلية قريش كلهم عائد أول الأمر فلم يسلم إلا السابقون الأولون. وكان مخرمة من المؤلفة قلوبهم الذين خرجوا مع النبي يوم حنين فأعطاه من الغنائم مثل أقرانه. وقد كانوا أقل من مائة، ذكر مخرمة من بينهم، ومنهم أبو سفيان ومعاوية وحكيم بن حزام وصفوان بن أمية وأمثالهم.
وتحدث ابنه المسوّر بن مخرمة فقال دعاني أبي فقال: يا بني بلغني أن النبي قدمت عليه أقبية وهو يقسمها، فاذهب بنا إليه. فذهبنا فوجدنا النبي في منزله.. فقال مخرمة: يا بني أدع لي النبي.. فأعظمت ذلك.. وقلت: أدعو لك رسول الله؟ فقال: يا بني إنه ليس بجبار. فدعوته فخرج وعليه قباء من ديباج مزّور بالذهب فقال: يا مخرمة خبأناه لك. وأعطاه إياه. فقال مخرمة: ما كنت أراه إذا ما أعطى قريشاً إلا أعطاني مثل عطيتهم.
ومر المسور بأبيه وهو يخاصم رجلاً فقال المسور لأبيه مخرمة: يا أبا صفوان - يكنيه بأخيه لا باسمه - أنصف الناس. فقال مخرمة: من هذا؟ فقال المسور لأبيه: من ينصحك ولا يغشك؟ قال: مسوّر؟ قال نعم.. فضرب مخرمة يده في ثوبه وقال يخاطب ابنه: اذهب بنا إلى مكة أرك بيت أمي - يعني رُقيْقة بنت أبي سيفي - وتُرني بيت أمك - يعني عاتكة بنت عوف - فقال المسوّر: يغفر الله لك يا أبت. شرفي من شرفك. فسكت الأب لنصح الابن وقوة حجته، الابن فرق بين مدرستين: مدرسة الإسلام نشأ فيها المسوّر، ومدرسة الجاهلية تأثر بها مخرمة. لم يستطع أن يخرج من مفاخرها وهو الصحابي الجليل، مثله كمثل عمرو ابن العاص صاحبه يوم العير مع ابنه عبد الله.. اختصم عمرو مع رجل، فصرخ عمرو: يا آل هصيص. قال ابنه عبد الله: أدعوة الجاهلية؟ فسكت عمرو واستعاذ، ثم كفر عنها بعتق رقبة استغفاراً وتقرباً إلى الله.
وحضرت الوفاة مخرمة فبكته بنته.. فقالت: وا ابتاه كان هيناً ليناً.. روح إسلامية.. فأفاق والتفت إلى ابنته يقول لها: من النادبة؟ قالوا: ابنتك.. فقال: تعالي، ما هكذا يُندب مثلي.. قولي: وا أبتاه.. كان شيماً شيظمياً.. كان أبيًّا عصياً.. فخْر جاهلي.. وسمع مخرمة وكان يخاصم معاوية كابنه المسوّر الذي صلح أمره بعد مع معاوية - إن معاوية يقول من لسانه تنقصاً.. وإن عبد الرحمن ابن أزهر قال لمعاوية: أنا أكفيكه يا أمير المؤمنين.. فقال مخرمة: جعلني ابن أزهر يتيماً في حجره يزعم لمعاوية أنه يكفيه إياي؟! يعجب لذلك ويهزأ. وكان ابن بُرصاء الليثي يسمع لمخرمة فقال: إنه عبد الرحمن ابن الأزهر.. يشير إلى مكانه، وقوته وعزته، فرفع مخرمة - وكان شيخاً كبيراً - عصا في يده فشج ابن برصاء، وقال: ((أعداؤنا في الجاهلية، حسادنا في الإسلام)) وكان النبي يكنيه بابنه المسوّر.. سمع وهو يقول له: يا أبا المسور. وعاش مائة وخمس عشرة سنة حتى عمي، ومات سنة أربع وخمسين. رحمه الله ورضي عنهم أجمعين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :849  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 166 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.